أيام معدودة وينقضي شهر الصيام والقيام، اجتهد من اجتهد، وقصر من قصر، وتبقي العشر الأواخر فرصة للمسلم، لكسب الطاعات والتقرب إلي الله عز وجل. والاعتكاف هو أفضل الطاعات في العشر الأواخر من رمضان، وهو سُنة مؤكدة عن النبي الكريم صلي الله عليه وسلم، فهذه الأيام ينقطع فيها المسلم للعبادة والذكر وقراءة القرآن الكريم في المسجد، يحافظ علي صلاة الجماعة وصلاة التراويح وقيام الليل، ويحضر دروس العلم . وطالب علماء الدين بالالتزام بالضوابط التى حددتها وزارة الأوقاف فى الاعتكاف، لأن الوزارة هى المسئولة عن المساجد، وتنظيم الاعتكاف أمر مهم، حتى يركز المسلم فى العبادة والطاعات، لأن الجماعات المتطرفة كانت تستغل الاعتكاف لنشر الأفكار المتشددة، كما حذروا من الانشغال بوسائل التواصل الحديثة مثل الفيس بوك والواتس آب . ويقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط، إن الاعتكاف مندوب، لكن إذا نذر الإنسان الاعتكاف يكون واجبا، والاعتكاف هو المكث فى المسجد للصلاة والذكر والعبادة وقراءة القرآن الكريم، موضحا أن النقطة الجوهرية فى الاعتكاف، أنه إذا تعارض مع واجب شرعي، كرعاية الأولاد أو السعى على المعاش أو طلب العلم، فتقدم هذه الأمور على الاعتكاف، لأنه إذا تزاحمت المصالح قدم أعلاها، فالواجب يقدم على المندوب . التركيز فى العبادة ويوضح أنه يخطئ من يظن أن الاعتكاف هو أيام للطعام والشراب، والحوار مع الأصدقاء، فى أمور عامة، ويعتقد أنه بذلك يكون بعيدا عن مشاغل الحياة والعمل ومتطلبات الأسرة، فكل من يعتقد أن هذا هو الهدف من الاعتكاف، عليه أن يراجع نفسه، لأن الاعتكاف هو الانقطاع للعبادة فى المسجد، وأن يستغل المسلم العشر الأواخر فى العبادة والطاعات، وألا ينشغل بأى أمور أخري، لأن التقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة، والحرص على كسب الحسنات، هو الهدف الأول من الاعتكاف . كما حذر من بعض الأمور التى تحدث فى الاعتكاف، وتؤدى لخلافات بين المعتكفين، وفى النهاية قد تفسد الصيام وتشغل المعتكفين عن الطاعات، ولذلك فمن الأفضل أن يكون هناك تنظيم جيد للاعتكاف، وأن يكون ذلك تحت إشراف إمام المسجد، ومن الأفضل أن يكون جميع المعتكفين من أبناء المنطقة التى يوجد فيه المسجد، وذلك بهدف الحفاظ على بيوت الله عز وجل، لأنه فى مثل هذه الحالة، سوف يكون هناك تعاون بين المعتكفين، فى تنظيم جميع الأمور الخاصة بالاعتكاف، وستكون هناك خطة للحفاظ على نظافة المسجد، حتى لا يكون الاعتكاف سببا فى التشويش على الناس، فى أوقات الصلاة، أو أن تكون هناك بقايا للطعام، بما يؤثر على رواد المسجد من غير المعتكفين. دور إمام المسجد وأوضح أن هناك مسئولية كبرى تقع على إمام المسجد، فى ضرورة توعية المعتكفين، وتوجيه النصائح لهم، والإشراف على أمور الاعتكاف، وذلك بهدف تهيئة المسجد للمصلين من غير المعتكفين، حتى يقبل الناس على المساجد، كذلك ننصح أئمة ودعاة المساجد بالجلوس مع المعتكفين، لشرح كل ما يتعلق بشروط وآداب الاعتكاف، والأسباب التى تبطل الاعتكاف، وتحذيرهم من مخالفة هذه الآداب والضوابط، كذلك ضرورة التحذير من الجدال والنقاش فى أمور قد تحدث خلافا بين المعتكفين، أو تؤدى لمشكلات مع رواد المسجد، لأن الأفضل أن يركز المعتكف فى العبادة، ولا ينشغل بأى أمور أخري، وأن يتم التنبيه على المعتكفين بعدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعى فى المساجد، لأن البعض قد يستخدم الفيس بوك والواتس آب وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعى الحديثة، وكل ذلك يشغل المسلم عن العبادة . آدابه وشروطه وفى سياق متصل يوضح الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق، أن المعتكف يدخل المسجد قبل غروب شمس يوم التاسع عشر من رمضان، بنية التقرب إلى الله عز وجل، فالاعتكاف رياضة روحية لتزكية النفس وتطهير القلب من شواغل الحياة، ينقطع فيه المسلم، متعبدا قانتا وقائما وقاعدا، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، وهو سُنة مؤكدة عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، فى العشر الأواخر من رمضان، ويكون الاعتكاف بالإقامة فى المسجد مدة معينة، وعدم الخروج منه، ويبطل بالخروج من المسجد عمدا بغير حاجة، ويبطل أيضا بذهاب العقل، سواء أكان بجنون أو سكر، وكذلك يبطل بالحيض والنفاس، ومن نذر الاعتكاف فى مسجد معين، يمكن أن يعتكف فى أى مسجد آخر، أما إذا نذر الاعتكاف فى المسجد الحرام أو المسجد النبوى أو المسجد الأقصى فعليه أن يوفى بنذره.