تحقيق: نادر أبو الفتوح شهر رمضان من المناسبات الدينية التي تعد فرصة للمسلم وعليه أن يغتنمها بفعل الصالحات والتقرب إلي الله عز وجل, فالصيام وقيام الليل وذكر الله وصلاة التراويح والمداومة علي الطاعات من الأمور التي تزيد الإنسان إيمانا وتجعله يقترب من الله عز وجل, والاقتراب لله عز وجعل يكون دائما بفعل الطاعات, والاعتكاف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان من أعظم القربات إلي الله عز وجل في هذا الشهر الكريم. الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر يقول: الاعتكاف من أقدم العبادات وقد قال الله تعالي لسيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود, وقد اعتكف معظم الأنبياء والرسل, والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم قبيل الرسالة كان يعتكف في غار حراء, وبعد الرسالة كان صلي الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من شهر رمضان, وفي العام الأخير قبل وفاته اعتكف صلي الله عليه وسلم عشرين يوما وأرادت أزواجه أن يعتكفن ونصبن خياما في المسجد لكن الرسول أمر برفع تلك الخيام من المسجد حتي لا تضيقه, ولكن أزواجه إعتكفن بعد وفاته صلي الله عليه وسلم. والاعتكاف خلوة روحية في المساجد تستثمر في الصلوات والدعاء والاستغفار ودروس العلم وليست للنوم أو الخمول والجلوس في المسجد فقط, لكنها لا بد أن تكون انقطاعا لطاعة الله عز وجل, وهناك التباس علي الناس فيما يخص الاعتكاف فلا بد أن يكون معروفا الفرق بين الاعتكاف والجوار والرباط, فالاعتكاف أقله الوجود في المسجد يوما وليلة ولم يرد عن الرسول صلي الله عليه وسلم أو الصحابة أقل من ذلك, أما الجوار فهو التواجد مدة معينة داخل المسجد وهذا ليس إعتكافا, أما الرباط فهو انتظار الصلاة بعد الصلاة وهذا لا يعد اعتكافا أيضا. ولا بد من تقنين الاعتكاف فهو سنة مؤكدة ويجب ألا يكون عائقا للواجبات كالسعي علي الرزق. والاعتكاف جائز في كل وقت ومن الأدلة علي مشروعية الاعتكاف قول الله تعالي ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد, وروي ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان منذ قدم المدينة إلي أن توفاه الله تعالي, والاعتكاف في جوهره تقرب من الله عز وجل بالتجرد من الشهوات, ويقتضي صفاء القلب بمراقبه الله والانقطاع للعبادة فالمسلم عندما يعتكف فإنه يتحصن في بيت الله فلا يصل إليه الشيطان بكيده ومكره لقوة سلطان الله وتأييده ونصره, ومن ثم كان الاعتكاف من أحب الأعمال إلي الله, وإذا كان مستحبا في كل الأوقات فإنه في شهر رمضان أجزل ثوابا وأكثر استحبابا, وقد روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه كان يحرص علي الاعتكاف في شهر رمضان وبخاصة في العشر الأواخر منه لالتماس ليلة القدر ولإحياء الأيام الأخيرة من الشهر الكريم بالعبادة والطاعة. وللاعتكاف آداب وشروط يجب مراعاتها والعناية بها, وشروطه أهلية التكليف مع الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس ومن آدابه الاشتغال بطاعة الله عز وجل وتلاوة القرآن الكريم وحضور دروس العلم والاستمرار في الدعاء والاستغفار والتضرع إلي الله عز وجل, والاعتكاف وإن كان في الأصل سنة مؤكدة عن الرسول صلي الله عليه وسلم, لكنه يجب بالنذر فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب سأل النبي صلي الله عليه وسلم قال كنت نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام, قال أوف بنذرك, فاعتكف ليلة, وهنا نود أن نؤكد أن الإعتكاف ينبغي أن يكون لله, ويقضي الاعتكاف في التقرب إلي الله لأنه ليس مجلس لذكر الأخبار وتبادل الجلسات بين بعض المعتكفين فهذا لا يصح بل يفسد الاعتكاف.