فى دراسة متكاملة حول الاوضاع الاقتصادية الراهنة اوضح الاتحاد العام للغرف التجارية ان مصر تعانى فى الوقت الراهن من وضع اقتصادى مترد، والشاهد على ذلك ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، وتدنّى مستوى الإنتاجية، وعدم كفاية الاستثمار و نقص الاحتياطى من النقد الاجنبى وزيادة العجز فى الموازنة العامة وغيرها مشيرا الى ان الحكومة فى الآونة الأخيرة تتبع سياسات مالية تستهدف خفض العجز فى الموازنة العامة - من 11.5% من الناتج فى 2014 – 2015 الى 9.5% للعام المالى الحالي- كما تواجه الحكومة تحديات تمويل مشروعاتها خاصة بعد انخفاض أسعار النفط عالمياً، و تأثر موازنات دول الخليج ومن ثم تأثر حجم و تدفق الدعم النقدى المقدم لسد العجز ، هذا بالإضافة الى ضغوط سعر الصرف و ارتفاع أسعار الفائدة الذى اثر على فوائد الدين الداخلي، بالإضافة الى ارتفاع تكلفة الاقتراض فى أذون الخزانة ويشهد واقع القطاع الخارجى على بقاء العجز فى الميزان التجارى على ما هو عليه، بالإضافة إلى إنخفاض كل من فائض ميزان الخدمات وفائض ميزان صافى التحويلات، وتراجع فائض الحساب المالي واوضح الاتحاد ان من المشاكل المزمنة للاقتصاد هو الجهاز الادارى للدولة والذى يستوعب عددا هائلا من موظفى الخدمة المدنية، ففى عام 2015 أصبح هناك موظف واحد لكل 14 مواطنا، فى حين أن المتوسط العالمى لكفاءة الخدمة المدنية يقر نظام الموظف الواحد لكل 300 مواطن، و لا شك أن ذلك يشكل تكلفة تتجاوز 25% من الموازنة العامة بينما المتوسط العالمى لا يتجاوز 11% من الموازنة العامة مما يحد من المعدل المتاح للاستثمار الحكومى، هذا الى جانب ترهل الجهاز الادارى للدولة الذى يعوق تأدية دوره فى خدمة المواطنين و التيسير على المستثمر، ويزيد من البيروقراطية الحكومية. والتحدّى الأكثر خطورة فى هذا الصدد يكمن فى تعقد و تشعب الاجراءات والحدّ من الفساد فى الإدارة العامة ورفع الكفاءة ، إذ احتلّت مصر المرتبة 94 من بين 175 دولة فى مؤشّر مدركات الفساد العالمى الصادر عن منظمة الشفافية الدولية فى عام 2014. ومازالت مصر تواجه أزمة العملة الأجنبية التى تعرقل التعافى الاقتصادى وذلك رغم مرور خمسة أعوام من تباطؤ النمو الاقتصادي. إذ مازال أكثر من 85% من الواردات تتألف بشكلٍ أساسى من مدخلات الإنتاج و الموادّ الأولية والسلع الإنتاجية والوسيطة، مثل الوقود والمعادن والموادّ الكيميائية والآلات ، و على النحو الثابت من قاعدة بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء، بالاضافة الى الموادّ الغذائية الاساسية، فلا يمكن خفضها بأى درجة دون التأثير على الإنتاج والصادرات والنمو. ويقترح الاتحاد للخروج من الازمة الحالية تحديد جهة واحدة للخطاب الاعلامى فيما يخص الامور الاقتصادية لمنع الاثار السلبية للتصريحات المتناقضة للجهات التنفيذية ، والاستمرار فى سرعة حل مشاكل المستثمرين والوفاء بكافة العقود والالتزامات التى أبرمت من قبل الادارات التنفيذية للحكومات المتعاقبة، وعدم الإفراط فى السياسات الاقتصادية المرضية لبعض الفئات فى الأجل القصير وبالرغم من أنها مضرة للجميع فى المستقبل، واحترام التزامات مصر الدولية، والبدء الفورى فى تخصيص الاراضى "متضمنة كافة الموافقات" للمشاريع التجارية والصناعية والسياحية والزراعية والعقارية واللوجيستية، وسرعة حل مشاكل الاراضى السابق تخصيصها، مع التوجيه نحو سرعة اصدار تراخيص البناء، حتى لا نفقد تلك الاستثمارات، وفرص جذب استثمارات جديدة، وتعطل قطاع المقاولات الذى يشغل أكثر من 100 قطاع و 3 ملايين عامل من أبناء مصر الأوفياء. والعمل على توحيد وتبسيط الأجراءات والتشريعات، تفاديا للفساد والبيروقراطية وتعطيل الاعمال، وتسهيلا وتشجيعا للأنتاج والعمل، واعادة تفعيل مبادرة "إرادة" لالغاء التشريعات المعوقة. ويجب رفع متطلبات الجودة فى السوق المصرية من خلال تحديث المواصفات القياسية وهى الآلية الوحيدة المتوافقة مع التزاماتنا الدولية والتى ستحد من الواردات خاصة السلع الرديئة وستؤدى لرفع جودة المنتج المصرى من اجل المستهلك وايضا من اجل فتح آفاق التصدير ، وضبط ايقاع السوق لضمان توافر اجود السلع المحلية والمستوردة بوفرة عالية لضمان الجودة والمنافسة ومنع الاحتكار، وبالتالى توفير افضل سلعة باقل سعر للمواطن المصرى، الى جانب سعى الصناعة للتطوير وخفض التكلفة مما سيفتح ايضا افاق التصدير، ووضع سياسات من شأنها ضبط قطاع الاستيراد وذلك من خلال سن تشريع ينظم الاستيراد ويحدد من هو المستورد ويرفع من شأنه ومستواه، و يحد من العشوائية، ويلزم باجتياز تدريب من خلال الغرف التجارية، و ذلك كله كبديل عن الإجراءات الحمائية المخالفة لالتزاماتنا الدولية، والطاردة للاستثمارات والتى ستضر بالصادرات وتوافر السلع بأسعار مناسبة للمستهلك. واكد اهمية وضوح السياسة الضريبية على المدى المتوسط والطويل وعدم فرض ضرائب بشكل فجائى وضرورة تحرير سعر الصرف ليعكس القيمة الحقيقية للجنيه المصرى وهى الآلية الوحيدة المتاحة للحد من الواردات وستؤدى لتنمية الصادرات وتحقيق الإستقرار . ويجب ألا يتم هذا التحرير بشكل تدريجى بل يجب ان يتم مرة واحدة، مثلما تم فى العقد الماضى، لكيلا يترك مجالا للمضاربه على إرتفاع الدولار بما يستنزف المزيد من رصيد العملة الاجنبية .