أثارت الارتفاعات المتوقعة في أسعار الدولار قبل نهاية العام الجاري ردود أفعال واسعة في مختلف الاوساط ولم يقتصر الامر علي ذلك فقد أثار الاتهام الذي وجهه للاتحاد الاوروبي لأحد الشركات المصرية بانها إحدي منابع الاصابة بميكروب الايكولاي إثر شحنة الحلبة التي تم استيرادها في عام 2009 وأدت إلي استصدار قرار بمنع استيراد البذور والبقوليات وبعض الخضراوات من مصر، وهو ما أدي لزيادة الضغوط علي الميزان التجاري المصري الذي يعاني من ضربات سبقت الاحداث الجارية بداية من الازمة المالية العالمية التي لم يكد يستفيق منها حتي فوجئ بالثورة والركود الذي تبعها ثم ما حدث مؤخرا ويبدو السؤال الاكثر منطقية من وجهة نظر الخبراء ما خطط المرحلة القادمة؟ فالاقتصاد المصري محاصر بمعوقات كبيرة أبرزها العجز في الميزان التجاري وقفزات الدين المحلي وتراجع حركة الاستثمارات الاجنبية وتراجع تحويلات العاملين في الخارج بالاضافة إلي القطاع المصرفي الذي لم ينج هو الآخر من الازمة فقد تراجعت حركة التوسع الافقي للبنوك ونتائج أعمالها رغم كونه القطاع الذي يعتبره البعض بأنه الاكثر أمانا في مواجهة تأثيرات الازمة المالية العالمية، حيث تراجعت حركة الودائع في البنوك وارتفعت معدلات التضخم إلي معدلات غير مسبوقة وقام المركزي بخفض أسعار الفائدة 6 مرات خلال عام 2008 2009 وذلك لكبح جماحه إلا انه وعلي ما يبدو سيعاود الارتفاع مجددا ليبقي الجميع في مصر عمال وموظفين من المنتمين للطبقات الوسطي والفقيرة والمعدومة باتوا يكتوون يوميا بنار الارتفاع الجنوني الحادث في أسعار جميع السلع الغذائية الضرورية منها وغير الضرورية والخدمات الحيوية وأصبحوا كالغريق الذي يبحث عن قشة ليتعلق بها عبر البحث عن أية أخبار تفيد نية الحكومة بضبط الاسعار، فقد حقق ميزان المدفوعات المصري عجزا بقيمة 4.3 مليار دولار عام 2010 مقارنة بفائض قيمته 4.5 مليار دولار خلال العام الاسبق، ومن جهة أخري حقق الميزان التجاري زيادة في العجز ليبلغ 2.25 مليار دولار في العام المالي 2008 2009 نتيجة زيادة حجم الواردات مرتين مقارنة بما يتم تصديره حيث سجلت الصادرات المصرية ما يبلغ 2.25 مليار دولار مقابل واردات بقيمة 4.50 مليار دولار وهو مؤشر في منتهي الخطورة. يقول الدكتور أشرف عبدالمنعم الخبير المصرفي إن عجز الميزان التجاري المستمر واحد من أكبر مشكلات الاقتصاد لانه يعكس الافتقاد إلي قطاع صناعي عميق وقوي، حيث يعني وجوده قدرة تصديرية متنامية، وذلك أفضل حل لتحويل الميزان التجاري من عجز إلي فائض. ويقول د. عبدالمنعم إن المسئولين يركنون إلي أن العجز في ميزان تجارة السلع صار يغطيه فائض في ميزان الخدمات، أي أن زيادة الواردات عن الصادرات غير مهمة طالما كانت صادرات مصر من الخدمات، وعلي رأسها قناة السويس والسياحة تحقق فائضا من العملات الصعبة. ويخشي د. عبد المنعم من أن تلك المصادر تتسم بالتقلب الشديد ولا ينبغي الاعتماد عليها، كما انه يري أن اعتماد الحكومة الحالية سياسة تحرير التجارة كمدخل للتنمية نظرية ثبت خطؤها وخطرها وهناك دراسات دولية مرموقة تؤكد أن التنمية هي المدخل إلي تحرير التجارة لا العكس، ولذلك فإن الحل يحتاج إلي سياسات جديدة. التأثيرات الأنية ويرفض الدكتور محمد النجار الخبير الاقتصادي الحديث عن تطورات أنية قائلا إن الاحداث المتلاحقة لا يمكن قياسها في اطار أثر محدود بقدر ما يجب قياسها علي أثر بعيد المدي وضع حلول جذرية بحسب وصفه لوهن الاقتصاد المصري وميزانه التجاري، مشيرا إلي ان التاريخ الحديث أثبت انه لا داعي للاعتماد علي المصادر الريعية في الاقتصاد المصري، فقناة السويس أغلقت خلال القرن الماضي مرتين وهكذا يظهر الوهن الشديد لأوضاع الميزان التجاري المصري، فالجزء الاكبر من صادراتنا البترول والغاز "هي موارد مؤقتة سوف تتجه للتآكل خلال العقود الثلاثة أو الاربعة القادمة، وما نستكمله لتسديد فاتورة الواردات من مصادر أخري غير الصادرات السياحية،