ما الفرق بين الجهل البسيط والجهل المركب ؟ يجيبنا إمام الحرمين أبو المعالى الجوينى المتوفى عام480هجرية فى كتابه المختصر جدا «الورقات فى أصول الفقيه» فيقول: «الجهل البسيط هو إدراك الشىء على غير حقيقته، والجهل المركب هو إدراك الشىء على غير حقيقته مع اعتقاد المدرك أنه يدركه على حقيقته» أى أن ترى الإرهاب جهادا، فهذا جهل بسيط. أما أن تعتقد أنك الوحيد صاحب الرأى الصحيح وتدافع عنه وتتهم من يخالفه فهذا هو الجهل المركب، فالجهل البسيط يمكن العلاج منه والتخلص من تبعاته، ولكن الجهل المركب مرض عضال، لأن الجهل فى هذه الحالة يتحول إلى عقيدة يستميت صاحبها فى الدفاع عنها، ولا يقبل أى علاج بل العكس يرى الأصحاء مرضى والمرضى أصحاء. إن الله سبحانه وتعالى خلق الناس ليعمروا الأرض، وليس للتخاصم والتقاتل والشقاق.وليس هناك أجمل من الوفاق، فمن خلاله يزدهر الوطن، وتتلاحم القلوب وتتسامح النفوس. وفى تاريخنا الإسلامي اقتتل أهل قباء حتى تراموا بالحجارة. وعندما علم رسولنا الكريم قال: أذهبوا بنا نصلح بينهم. نحن فى حاجة ماسة إلى إعادة النظر فى الموروث الفقهى المتصف بالوسطية، وفى حاجة إلى تعديله من «وسطى» إلى»متسامح». نحن بحاجة إلى فقه يعلى من شأن المواطنة يرفع راية الأخوة فى الوطن قبل الأخوة فى الديانة، لكى نعيد لأوطاننا وحياتنا التوازن والتسامح والمحبة. إذا صنعت المعروف فاصنعه فى الخفاء.وإذا تلقيت المعروف فانشره على الملأ. غزا المغول بغداد عاصمة الخلافة العباسية عام 1258ميلادية بجيش من غير المسلمين وضم بعض القوات المسلمة «نتاج تمزق جبهة المسلمين لمذاهب شتى!» وقتل نحو مليونى مواطن، وصار نهر دجلة أسود من الحبر من كثرة الكتب الملقاة به،وقتل الخليفة المستعصم دهسا بالخيول! واضطر هولاكو قائد المغول أن ينقل معسكره عكس الريح عن المدينة بسبب رائحة الدمار والموت ! يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: لا خير فى قوم ليسوا بناصحين، ولا خير فى قوم لا يحبون الناصحين. ويقول أيضا: خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا إليكم . الأخلاق تعنى أن نحب الفضيلة ونكره الرذيلة .أن نرفض الشر ونسعى إلى قهره، وأن نطلب الخير بديلا عنه. أن نتعرف على مصادر الظلم لنقاومه دون هوادة ولو فقدنا حياتنا فى تلك المغامرة الفاضلة .أن نحب الحقيقة، ونسعى فى طلبها، وأن نعترف دوما بالعجز عن بلوغها ، فلو لم نشتق إليها لفقدنا جوهرنا الإنسانى، وحرمنا أنفسنا من حكمة الطريق وأشواق الوصول!