يقدم تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوى عن الإرهاب، "تقارير الدول فيما يتعلق بالإرهاب لعام 2015"، التقييم السنوى المكلفة به الوزارة قانونا للاتجاهات والأحداث فى ميدان الإرهاب الدولى خلال عام 2015. وقد بدأ التقرير الموجه من الوزارة لأعضاء الكونجرس الأمريكى مشجعا، إلا أنه لم يخل من معلومات مقلقة تم التشديد فيها على أن "الخطر الإرهابى" واصل تمدده عام 2015 ليصبح أكثر شمولية. الشرق الأوسط أكد التقرير استمرار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كمسرح رئيسى للنشاط الإرهابى طوال عام 2015. وخلال العام، استمر احتلال تنظيم "داعش" مناطق واسعة من العراقوسوريا، فى حين استمرت فروع التنظيم لا سيما فى ليبيا، والسعودية، واليمن- فى إثارة الفتنة الطائفية وتنفيذ هجمات فى المنطقة. وواصل تنظيم القاعدة والتنظيمات التابعة له فى الاستفادة من الفرص المتاحة لتنفيذ هجمات فى خضم المناخ السياسى والأمنى الهش فى أنحاء المنطقة، بما فى ذلك اليمن، وسوريا، وشمال أفريقيا. وفى شمال أفريقيا، أدى الصراع الدائر فى ليبيا إلى إتاحة الفرصة لتوسع الجماعات المتطرفة العنيفة أنشطتها، بما فى ذلك الإستيلاء على أراض من قبل تنظيمات تابعة للقاعدة فى ليبيا. وقد مثلت الحدود الليبية الهشة وسيلة لانتشار الأسلحة، كما وفر ضعف المؤسسات الأمنية البيئة الملائمة لنمو الإرهاب بلا رادع. وتحولت ليبيا لتكون مركز عمليات ونقطة عبور رئيسية للمقاتلين الاجانب المسافرين من وإلى سورياوالعراق. وقام إرهابيون تابعون ل"داعش" بتنفيذ عدة هجمات فى تونس بعد حصولهم على التدريب فى ليبيا. كما وقام تنظيم"القاعدة فى بلاد المغرب"، ومجموعة عقبة بن نافع التابعة له، بشن الهجمات على افراد الامن والمدنيين فى المناطق الجبلية غرب تونس. أما فى الجزائر، فقام تنظيم "جند الخلافة" فى الجزائر المتصل بتنظيم "القاعدة فى بلاد المغرب" و"داعش" بشن هجمات ضد أهداف جزائرية ومصالح غربية.ونجحت الجزائر فى إضعاف قدرات "جند الخلافة" بشكل ملحوظ خلال عام 2015. وقد استمر تنظيم "داعش"الأساسى على نشاطه بكل من العراقوسوريا، وحافظ على ماوصفه التقرير بال"قوة الهائلة" فى العراقوسوريا، بما فى ذلك الآلاف من المقاتلين الأجانب من أكثر من 100 دولة. وأبرز التقرير الأمريكى جهود واشنطن فى مكافحة "داعش" وتعاونها مع دول العالم من أجل قطع التمويل عن "داعش"، وتعطيل مؤامراته، ومكافحة دعايته، ووقف تدفق المقاتلين الأجانب على معسكراته. وتم تسليط الضوء على استهداف الضربات الجوية للتحالف الدولى بقيادة واشنطن، ما يقرب من 10 آلاف طلعة جوية على قادة داعش الرئيسيين، والأسلحة الثقيلة وناقلات النفط ومعسكرات التدريب، والبنية التحتية الاقتصادية. وتم إبراز عملية تحرير الرمادى فى العراق بوصفها أول عملية رئيسية معقدة يتم إستكمالها بشكل كامل بواسطة قوات الأمن العراقية المعاد تدريبها والشركاء من القبائل المحلية. وفى سوريا، نجحت "قوات سوريا الديمقراطية"، بعد الحصول على دعم جوى من قوات التحالف، فى استعادة طريق رئيسى يربط الرقة والموصل. وطريق تشرين، الذى يربط مقر داعش بالرقة بشريان حياتها ومصدر دعمها اللوجستى على الحدود التركية، بالإضافة إلى استعادة منطقة تل أبيض، والتى استخدمها "داعش" كنقطة اتصال بالعالم الخارجى. وكان من الملاحظ تخصيص الفصل الثالث من التقرير للدول الراعية للإرهاب على مستوى العالم من وجهة النظرالأمريكية حيث تم التركيز على ثلاث دول فقط هى وفق ترتيب ورودها فى الفصل : إيران والسودان وسوريا. فعلى الرغم من تحسن العلاقات الأمريكيةالإيرانية، عقب توقيع الإتفاق النووى الإيرانى مع السداسية الدولية بزعامة الولاياتالمتحدة، صنف التقرير إيران على رأس قائمة الدول الداعمة للإرهاب، مؤكدا دعمها لمنظمات مثل حزب الله فى لبنان وحماس فى فلسطين ومليشيات شيعية فى العراق، إلى جانب دعمها لنظام الأسد فى سورية، وهى الدولة التى أدرجها التقرير أيضا فى قائمة الدول الداعمة للإرهاب فى العالم. وتمت الإشارة إلى أن رعاية الدولة الإيرانية للإرهاب فى جميع أنحاء العالم مازالت مستمرة من خلال قوة فيلق القدس الحرس الثورى الإسلامى (الحرس الثورى)، ووزارة المخابرات والأمن، وحزب الله حليف طهران، التى لا تزال تمثل تهديدا كبيرا لاستقرار لبنان و المنطقة بمعناها الموسع. أما السودان فمثل تصنيفها كدولة راعية للإرهاب إستمرارا للإستهداف الأمريكى الروتينى لحكومة الخرطوم منذ سنوات بعيدة مضت. وقد عبرت السودان عن إستيائها من هذا الأمر مؤكدة أنها عملية "تسييس" للتقرير، ونبهت الخرطوم إلى التعاون الكبير للسودان مع المجتمع الدولى، بما فيه الولاياتالمتحدة، فى مجال مكافحة الإرهاب بأشكاله المختلفة، مؤكدة مساهمة السودان بفاعلية فى البرامج الإقليمية لمكافحة الإرهاب. واشار التقرير الى ان لبنان واجه ايضا خطر مئات الارهابيين التابعين ل"داعش" و"جبهة النصرة" الذين ينشطون فى المناطق الحدودية المفتوحة فى شرق لبنان والذين شنوا هجمات ارهابية متكررة ضد قوات الجيش اللبنانى ما يؤكد أهمية أمن الحدود لاستقرار لبنان وأهمية مساعدة الحكومة اللبنانية لممارسة سيادتها الكاملة. ولكن أشار التقرير الى انه على الرغم من الأزمة السياسية بالبلاد فان بعض مؤسسات الدولة اللبنانية، واصلت تعاونها مع الشركاء الدوليين فى مكافحة الارهاب وحققت بعض النجاحات المهمة. واشار التقرير الى "ان حزب الله الذى يحظى بدعم ايران، لا يزال التنظيم الاكثر فعالية فى لبنان. ويرى التقرير انه على الرغم من سياسة لبنان الرسمية "بالإبتعاد عن الحرب السورية" فإن حزب الله قام بدور عسكرى لدعم النظام السورى فى 2015. ونبه التقرير إلى أن الطاقة الاستيعابية لداعش وسيطرته على مساحات الأرض فى العراقوسوريا وصلت ذروتها فى ربيع عام 2015، وبدأت فى التراجع خلال النصف الثانى من العام ذاته وأن "داعش" لم يحقق أى انتصار كبير فى المعارك بسورياوالعراق بعد شهر مايو 2015، وفى نهاية عام 2015، كان قد تم تحرير 40 % من الأراضى التى كان يسيطر عليها فى بداية العام. ولكن تم التحذير من أنه فى الوقت الذى فقد فيه تنظيم "داعش" أراضى فى العراقوسوريا، حقق مجموعة مكاسب فى ليبيا مستغلا عدم الاستقرار هناك. حديث الأرقام وقد أشار الملحق الإحصائى المرفق بالتقرير إلى أن أبرز التوجهات الجديرة بالملاحظة فى ظاهرة الإرهاب خلال عام 2015 تتمثل فى: انخفاض عدد الهجمات الإرهابية فى عام 2015بنسبة 13% وانخفاض مجموع الوفيات الناجمة عن الهجمات الإرهابية بنسبة 14%، مقارنة بعام 2014، وتم إرجاع جانب كبير من ذلك التراجع إلى إنخفاض عدد الهجمات والقتلى فى كل من العراق، وباكستان، ونيجيريا. ويمثل هذا التراجع أول انخفاض فى عدد الهجمات الإرهابية والقتلى على مستوى العالم منذ عام2012. ولكن نبه التقرير إلى زيادة الهجمات الإرهابية وأعداد ضحاياها فى العديد من الدول، بما فى ذلك أفغانستان وبنجلاديش، ومصر، والفلبين وسوريا، وتركيا. وأنه على الرغم من وقوع الهجمات الإرهابية فى 92 دولة خلال عام 2015، فإنها كانت مركزة جغرافيا بشكل كبير. فقد وقعت 55% من جملة الهجمات الإرهابية المسجلة فى العالم داخل خمس دول فقط (العراق، أفغانستان، باكستان، الهند، ونيجيريا). وعلى صعيد القتلى من ضحايا الهجمات الإرهابية على مستوى العالم أكد التقرير أن 74% من إجمالى حالات الوفاة الناجمة عن الهجمات الإرهابية على مستوى العالم تركزت فى خمس دول هى : (العراق، أفغانستان، نيجيرياوسوريا وباكستان). ولوحظ أن توسع الرقعة الجغرافية لهجمات تنظيم "داعش" والتنظيمات التابعة له كانت نتيجة قيام عدد من التنظيمات الإرهابية بإعلان الولاء لداعش. وكانت أبرز التنظيمات النشطة التابعة ل"داعش" قد برزت فى غرب أفريقيا بوكو حرام وفى أفغانستان وباكستان، ومصر، وليبيا، واليمن. وتمت الإشارة إلى أن عام 2015 شهد تراجعا فى عدد عمليات الإختطاف والإحتفاظ بالرهائن، ولكن مع ذلك، تم تسجيل إرتفاع فى أعداد ضحايا عمليات الاختطاف والإحتفاظ بالرهائن. ويرجع ذلك أساسا إلى زيادة فى عدد الهجمات التى تسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا. وأظهرت البيانات التى تم إعدادها لوزارة الخارجية الأمريكية وقوع 11774 هجوما إرهابيا فى انحاء العالم خلال العام سقط خلالها أكثر من 28328 قتيلا بالإضافة إلى نحو 35320 مصابا و12189 مختطفا ورهينة. وبوجه عام ظهرت 4 دول عربية فى قائمة الدول التى شهدت أكثر عدد من الهجمات الإرهابية فى عام 2015 وفق الإحصائيات الأمريكية.وجاء العراق فى المقدمة ب 2418 هجوما أسفر عن مصرع 6932 شخصا، وجاءت مصر بالمركز السادس ب 494 هجوما راح ضحيتها 656 شخصا، وجاءت ليبيا فى المركز التاسع ب 428 هجوما راح ضحيتها 462 شخصا أما سوريا فجاءت فى المركز العاشر ب 382 هجمة راح ضحيتها 2748شخصا. وجاءت تركيا فى مقدمة الدول التى شهدت تنامى عدد الهجمات الإرهابية التى تمت على أراضيها حيث سجلت فى عام 2015 زيادة فى الهجمات بنسبة تجاوزت 353% حيث تمت الإشارة فى إحصائية أخرى ذات صلة إلى أن حزب العمال الكردستانى قد جاء خلال عام 2015 فى المركز الخامس بقائمة التنظيمات الأكثر تنفيذا للعمليات الإرهابية خلال 2015 حيث نفذ 238 هجمة ضد تركيا راح ضحيتها 287 قتيلا على الأقل مقارنة ب 47 هجمة فقط و12 قتيلا فقط فى عام 2014. ولم يشر التقرير بشكل دقيق إلى مصادر دعم "داعش" أو "النصرة" أو"القاعدة" وكيف أدى الدعم الهائل الذى تم تقديمه لتلك التنظيمات على مدى السنوات السابقة إلى توحشها وتمكينها فى المنطقة وفى أنحاء اخرى من العالم. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا قد تمكنت فى عام 2015 من كشف وتصوير عمليات إنتقال المقاتلين والبترول المنهوب من مناطق "داعش" إلى قلب تركيا عضو حلف "ناتو" وهو أمر لم يذكره التقرير بوضوح!!