مع الساعات الأولي من صباح اليوم.. تتجه أنظار الرأي العام في مصر والعالم إلي واحدة من أهم وأخطر المحاكمات التي تشهدها البلاد في تاريخها الحديث وربما تكون أهمها علي الاطلاق خلال السنوات الأخيرة, ويتابع المصريون محاكمة رئيس سابق لاول مرة في حياتهم منذ إعلان الجمهورية الاولي ونجليه ووزير داخليته الاسبق و6 من كبار مساعديه وهم يشاهدون علي الهواء مباشرة توقيع القصاص العادل علي المتهمين بقدر ما ارتكب كل منهم من جرائم في حق الشعب وشهداء الثورة والتربح ونهب المال العام من خلال محاكمة القرن التي شغلت الرأي العام في مصر, والوطن العربي بل والعالم علي مدي الشهور الماضية, عقب ثورة25 يناير. وكانت النيابة قد وجهت للمتهم الأول محمد حسني مبارك جريمة اشتراكه في قتل المتظاهرين وذلك عن طريق الاتفاق مع حبيب العادلي وزير الداخلية الاسبق وبعض قيادات الشرطة في ارتكاب جرائم القتل العمدي مع سبق الاصرار المقترن بجرائم القتل والشروع في قتل المشاركين في المظاهرات السلمية بمختلف محافظات الجمهورية. بالإضافة إلي اتهام مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم باستغلال النفوذ لدي السلطات العامة والاضرار العمدي بالمال العام والحصول علي منافع وارباح مالية لهم ولغيرهم بغير حق. وفي تمام العاشرة من صباح اليوم تصدر محكمة جنايات القاهرة حكمها التاريخي في القضية بين إدانة الرئيس السابق لمصر أو براءته من التهم المنسوبة اليه.. ليكون حكم القضاء العادل هو عنوان الحقيقة دون تأثر بضغوط الاعلام أو هتافات الرأي العام فالعدالة معصوبة العينين.. وهو ما سوف يجري علي لسان المستشار أحمد رفعت الذي يختتم حياته القضائية بمحاكمة القرن التي سيظل حكمها عنوانا للمشهد الأخير في حقبة مبارك. مبارك قبل الحكم.. وما بين الإدانة أو البراءة.. شهور وأيام عاشها مبارك داخل المركز الطبي العالمي أثناء جلسات المحاكمة, رصدت الأهرام من خلال مصادر مقربة من الرئيس السابق داخل المركز الطبي خلال الساعات الأخيرة التي مرت عليه قبل صدور الحكم في القضية وأكدت المصادر أن مبارك يعيش حالة من التوتر وهو ما ظهر عليه من خلال فترات الصمت الطويلة وعدم رغبته في تناول الطعام وكذلك حرصه الدائم علي متابعة الصحف لقراءة ما يكتب يوميا عن القضية وأجواء المحاكمة, فيما أكدت المصادر أن حالة مبارك الصحية بصفة عامة جيدة مقارنة بالأسابيع الأولي التي نقل فيها إلي المركز الطبي العالمي أثناء فترة المحاكمة. ورغم حالة التوتر التي يعيشها بسبب قرب النطق بالحكم إلا أن أكثر ما يشغل مبارك ويشعره بالحزن هو سجن ولديه علاء وجمال وتحديدا علاء الذي يري أنه حرم من ابنيه مرتين, الأولي كانت بموت ابنه الأكبر محمد والثانية بحرمانه من ابنه الأصغر عمر بعد السجن, إلا أن تأكيدات محاميه فريد الديب له وطمأنته بأن الحكم سيأتي لمصلحته تهدي من حالة التوتر التي يعيشها مبارك خاصة أن هناك فرصة للنقض في حال صدور حكم عليه, وهو ما يعني إعادة المحاكمة مرة أخري في القضية. وأكدت المصادر الخاصة التي تحدثت مع الاهرام, أنه نتيجة لهذا التوتر الذي أصاب مبارك قال في حديث لبعض المحيطين له داخل المركز عن المحاكمة هم بيحاسبوني علي إيه؟!.. أنا قعدت30 سنة رئيس.. بيحاسبوني علي فيلا في شرم الشيخ انا دافع تمنها, ما يحاسبوا السفير كمان ويشير مبارك إلي أحد سفراء الدول العربية الذي حصل علي فيلا مجاورة لفيلا الرئيس السابق بنفس السعر ولم يكن هو وحده بل كثيرون غيره حصلوا علي فيلات بنفس الأسعار علي حد قول مبارك. وتشير المصادر إلي واقعة أخري قام خلالها مبارك بتعنيف شديد لمدير المركز الطبي اللواء رضا جوهر وذلك بسبب وجود مشرفات أمريكيات في الطابق الخامس الذي يقيم به وقال مبارك له بالحرف الواحد أنتوا أذاي سايبين كل الأمريكان دول هنا و ذلك لاعتقاده بأن الأمريكان هم من تخلوا عنه و سبب ما حدث له, وبالفعل تم إخلاء الطابق الخاص به من وجود أي مشرفات أو ممرضات أمريكيات بناء علي أوامر من مدير المركز, والمعروف داخل المركز هو وجود مشرفة أمريكية لكل طابق وذلك ضمن البروتوكول الخاص بالمركز. وأكدت المصادر أن مبارك لم يستقبل زائرين خلال الفترة الماضية سوي زوجته سوزان والتي تزوره بشكل دائم أكثر من مرة خلال الأسبوع وغالبا يومي الجمعة والسبت إلي جانب هايدي وخديجة زوجتي علاء وجمال ومحمود الجمال والد هايدي ومحاميه فريد الديب. وأشارت المصادر إلي أن مبارك دائم الجلوس صباحا لقراءة الصحف في تراس زجاجي داخل الجناح الرئاسي, وينزل حمام السباحة مرتين أسبوعيا. جناح مبارك وكشفت المصادر ل الأهرام أن مصعد المبني الذي يقع بداخله الجناح المخصص لعلاج مبارك بالمركز الطبي لا يقف سوي بالطابق الأرضي والخامس فقط, ولا توجد أبواب للمصعد بالطوابق الأخري, إلي جانب وجود الحراسة الخاصة به وغير مسموح لأحد بالصعود سوي طاقم التمريض الخاص بمبارك والذي يتم تغييره كل شهرين بطاقم آخر كما تؤكد المصادر, كذلك غير مسموح بدخول أي شخص بالهاتف المحمول حيث يخضع كل من يصعد للتفتيش من قبل الحراسة الموجودة وهو ما تسبب في بادئ الأمر في وقوع بعض المشاحنات بين الحراسة والعاملين بالمركز, وكذلك تعامل سوزان مبارك مع الممرضات بطريقة جافة داخل المركز الطبي. وتشير المصادر إلي أن الجناح الرئاسي الذي يقيم فيه مبارك حاليا كان في الأساس قد تم تجهيزه لاستضافة الشخصيات المهمة من الجيش الأمريكي خلال حرب الخليج حيث تم إقامة المركز العالمي كمعونة من وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون لعلاج أفراد الجيش الأمريكي في حالة وجود حرب تكون أمريكا طرفا فيها بالشرق الأوسط, وهذا المركز يوجد مثله أثنان في العالم أحدهما في المانيا والثاني في إحدي الدول الخليجية وتم إهداؤه للجيش المصري. وتشير المصادر إلي أن الجناح المخصص لمبارك يضم صالة جمانيزيم وحمام سباحة وغرف استضافة وهي التي كانت تقيم في أحداها سوزان مبارك في حالة بقائها في المركز إلي جانب زوجها. وتفجر المصادر مفاجأة بكون الجناح الرئاسي بالمركز لا يعد محبسا لمبارك لكنه كان المكان المخصص لعلاج أسرة الرئيس السابق حيث تردد عليه من قبل جمال مبارك وزوجته خديجة, لعمل فحوصات لأحد أفراد العائلة وكان ذلك خلال شهر رمضان قبل الماضي وقبل قيام ثورة يناير. وتشير المصادر إلي أنه تم تخصيص هذا الجناح والاهتمام به بعد وفاة محمد علاء مبارك الذي كان يعالج بالجناح الرئاسي بمستشفي الجلاء العسكري وبعد وفاته حدثت لدي اسرة مبارك حالة من التشاؤم لمستشفي الجلاء بعدها تم تخصيص الطابق الخامس كجناح رئاسي وجاءت سوزان مبارك لتشاهده واعجبت به ليصبح خاصا بأسرة الرئيس السابق, وتم نقل جناح الرئاسة من مستشفي الجلاء العسكري الي المركز الطبي العالمي قبل الثورة. سوزان في صدمة فيما أكدت مصادر قريبة من سوزان مبارك كذب ما أوردته وسائل الإعلام بشأن تصريحاتها حول نتائج الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية, وأكدت المصادر أن سوزان ثابت لم تدل بأي تصريحات صحفية أو إعلامية لصحف أو برامج أجنبية أو عربية منذ خروج زوجها من الحكم وأشارت المصادر إلي أن هذه الشائعة خرجت من موقع التواصل الإجتماعي تويتر وتم تداولها بعد ذلك وأن كل ما يقال وينقل علي لسان زوجة مبارك ليس صحيحا وأكدت المصادر أن سوزان مبارك ستتحدث ولكن في الوقت المناسب وأنها ستفتح الصندوق الأسود للكثيرين خصوصا أنها تعيش حالة صدمة علي حد قول المصادر. ومن المركز الطبي إلي سجن المزرعة حيث يقيم علاء وجمال مبارك, والساعات الأخيرة التي مرت عليهما قبل النطق بالحكم في القضية فيقول اللواء محمد نجيب مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون في تصريحات خاصة ل الأهرام: إن هايدي راسخ وخديجة الجمال زوجتي علاء وجمال مبارك قاما بزيارتهما في السجن يوم الأربعاء الماضي قبل النطق بالحكم في القضية صباح اليوم, بعد حصولهما علي تصريح من النيابة بالزيارة. وقال مدير مصلحة السجون إن نجلي الرئيس السابق يمارسان حياتهما الطبيعية داخل السجن ولم يعانيا من أي حالة اكتئاب نفسي مع قرب صدور الحكم في القضية, ولم يكن هناك أي شئ غير طبيعي, كما أنهما لم يترددا علي المستشفي طيلة الأيام الماضيه, وحالتهما النفسية جيدة. وعن الإجراءات المتبعة في حال صدور حكم علي مبارك ونجليه وباقي المتهمين في القضية قال اللواء محمد نجيب: أننا لا نستطيع أن نستبق الأحداث, ولكن في حال صدور حكم علي المتهمين سيتم تنفيذ القانون ولائحة السجون عليهم مثل أي محكوم عليه, وهو ما تم تنفيذه مع زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الحمهورية السابق بنقله من الحبس الإحتياطي إلي عنابر المحكوم عليهم مرتديا البدلة الزرقاء بدلا من الملابس الخاصة في السجن باللون الأبيض للمحبوسين احتياطيا, وذلك بعد صدور الحكم ضده بالسجن لمدة7 سنوات. تناول طعام السجن وأشار مدير مصلحة السجون إلي أنه في حال صدور حكم ضد أي متهم محبوس إحتياطيا, وبمجرد وصول المسودة الخاصة بهذا الحكم من النيابة العامة, يتم تنفيذ القرار بنقله إلي عنابر المحكوم عليهم, وتبديل الملابس الخاصة بالسجن إلي اللون الأزرق حسب قوانين ولوائح السجون. وأضاف أن القانون لا يمنع احضار الأطعمة من الخارج, للمحبوسين احتياطيا, بشرط أن يتم إدخاله في موعد واحد, وهو ما تنص عليه إجراءات الحبس الاحتياطي بأنه من حق السجين احتياطيا جلب طعامه من الخارج, حتي صدور الحكم عليه بالسجن, وبعدها يصبح مجبرا علي تناول طعام السجن, كما تختلف مواعيد الزيارة لتصبح كل أسبوعين بعد الحكم, وليس كل أسبوع كما هو متبع في الحبس الإحتياطي ونفي اللواء نجيب كل ما تردد خلال الأيام الماضية من شائعات حول نجلي الرئيس السابق داخل السجن ومنها انتشار شائعة انتحار جمال مبارك علي الفيس بوك وقال أنه فوجئ بها مثل الآخرين ولا يعرف مصدر تلك الشائعات التي ليس لها أي أساس من الصحة, كما نفي مساعد الوزير كل ماتردد من أقاويل حول تعمد سوزان ثابت زيارة أحد نجليها دون الآخر وعدم افصاحها عن عدم زيارتها لعلاء وقال إن السبب في ذلك هو عدم حصولها علي تصريح بالزيارة من النائب العام, وأكد أن إجراءات السجون تطبق علي جميع النزلاء دون تمييز.