ما هذا الجفاء الذى نعيشه فى مجتمعنا اليوم، بلا رحمة او شفقة؟، يحدث هذا فى أمة بعث الله سبحانه وتعالى، رسولها صلى الله عليه وسلم، رحمة للإنسانية، فقال تعالى»وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»، وقد ظهر ذلك في شخصه صلى الله عليه وسلم وفي تعاملاته مع أصحابه وأعدائه على السواء؛ حتى إنه عليه الصلاة والسلام قال محفِزا ومرغبا على التخلق بهذا الخُلُق وتلك القيمة النبيلة: «لاَ يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ» وكلمة الناس لفظة عامة تشمل كل أحد، دون اعتبار لجنس أو دين. ويقول الدكتور عبد الغفار هلال، الأستاذ بجامعة الأزهر، ان حديث النبى عليه الصلاة والسلام، فيه الحض على استعمال الرحمة لجميع الخلق؛ فيدخل المؤمن والكافر والبهائم؛ المملوك منها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام والسقي والتخفيف في الحمل وترك التعدَي بالضرب، وقد أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر قائلا» وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يَضَعُ اللهُ رَحْمَتَهُ إِلاَّ عَلَى رَحِيمٍ» قالوا: يا رسول الله، كلنا يرحم. قال: «لَيْسَ بِرَحْمَة أَحَدِكُمْ صَاحِبَهُ؛ يَرْحَمُ النَّاسَ كَافَّةً» ،فالمسلم يرحم الناس كافَّة، أطفالاً ونساءً وشيوخًا، مسلمين وغير مسلمين، وقال أيضًا : «ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاء» ،وكلمة «مَنْ» تشمل كل مَن في الأرض، وهكذا هي الرحمة في مجتمع المسلمين، تلك القيمة الأخلاقية العملية التي تعبر عن تعاطف الإنسان مع أخيه الإنسان، بل هي رحمة تتجاوز الإنسان بمختلف أجناسه وأديانه إلى الحيوان الأعجم، إلى الدواب والأنعام، وإلى الطير والحشرات.