قلها لا تجبن .. لا تجبن قلها فى وجه البشرية أنا زنجى وأبى زنجى الجلد وأمى زنجية أنا أسود.. أسود لكنى حر أمتلك الحرية عشق الشاعر السودانى «محمد الفيتوري» أفريقيا، وتجاوزت دواوينه الحدود بعفويتها وصدقها، «أغانى أفريقيا»، و«عاشق من أفريقيا»، و«اذكرينى يا أفريقيا» و«يأتى العاشقون إليك» و «أحزان أفريقيا»، وغيرها. فكان لسان حال المجتمع الأفريقى الذى يعانى مشكلات ما بعد الاستقلال، الفقر والجوع والجهل والاستغلال، ووثق بشعره الصراع الذى خاضه الأفارقة لقرون ضد جميع أشكال الغزو الاستعمارى الذى تعرضت له قارتهم، واستطاع التعبير عن أفريقيا البشر والمكان والأزمة. وناضل ضد الأوضاع المتدهورة فى مجال الحريات وحقوق الإنسان، التى لم تتجاوب مع تطلعات الشعوب بعد الاستقلال، ولم تتحقق فى ظل التجزئة وترسيم الحدود المصطنعة وإلهاب الصراعات القبلية كما هو حالها اليوم. وتعرض الشاعر «الفيتوري» لسحب جواز سفره عام 1974 بسبب معارضته لنظام النميرى لكن الحكومة السودانية أعادت له جنسيته ومنحته جواز سفر دبلوماسى عام 2014. وهتف فى إحدى قصائده: ........................ لا تحفروا لى قبرا سأرقد فى كل شبر من الأرض أرقد كالماء فى جسد النيل أرقد كالشمس فوق حقول بلادى مثلى أنا ليس يسكن قبرا وقال فى أحد حواراته الصحفية: «لقد سعيت منذ وعيت وجودى أن أكون مخلصا لعدالة كفاح شعوب أفريقيا، التى ما زالت تجرى فى عروقي، وكل ما أتمناه لأفريقيا السمراء أن تستمر فى كفاحها، وتتخلص من مستغليها الجُدد ومن حكامها الفاسدين، الذين يقبلون بالسيادة المنقوصة». ولد «محمد الفيتوري» فى السودان 1930، ونشأ فى الإسكندرية، وحفظ القرآن الكريم ودرس بالمعهد الديني، ثم انتقل إلى القاهرة، وعمل محررا بصحف مصرية وسودانية وشغل عدة مناصب دبلوماسية وإعلامية، وغنى أشعاره الفنان السودانى الراحل «محمد وردي» الذى قال عنه «شاعر بحجم قارة». ورغم اهتمامه الشديد بأفريقيا وهمومها، شغلت «القضية الفلسطينية» حيِّزاً كبيرا فى أشعاره، وجولاته بين الدول العربية إلى أن رحل فى 24 أبريل 2015 آه .. يا وطني.. لكأنك، والموت والضحكات الدميمة حولك، لم تتشح بالحضارة يوما ولم تلد الشمس والأنبياء وكان لديه ميل شديد إلى الصوفية، كما أكدتها الدراسات الأكاديمية بجامعة القاهرة، فهو الدرويش المتجول، وتم تدريس بعض أعماله ضمن مناهج آداب اللغة العربية فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ويعد من رواد الشعر الحر الحديث وجزءا من الحركة الأدبية العربية المعاصرة. فى حضرة من أهوى عبثت بى الأشواق حدقت بلا وجه ورقصت بلا ساق وزحمت براياتى وطبولى الآفاق عشقى يغنى عشقى وفنائى استغراق مملوك.. لكنى سلطان العشاق