شخصيات اسلامية الطفيل بن عمرو

حاولت قريش ابعاد الطفيل بن عمرو رضى الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم لقائه خوفا من أن يتأثر ويدخل فى الاسلام ولكنه بعد تردد قال لنفسه فى انفعال: أصغير أنت ياطفيل حتى تخشى عليه قريش من كلام الكبار؟
وبرد فعل طبيعى أراد الطفيل أن يستعيد الثقة فى نفسه فقرر أن يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيته، وكان ذلك العمل آخر ما كانت تتوقعه قريش. فربما لو تركت الطفيل دون نصائح لما قادته الظروف لمقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن عقل الطفيل قاده إلى الخير، كل الخير.
فى بيت الرسول قال الطفيل: «حدثونى عنك كثيرا يامحمد، حدثونى وأرهبونى ونصحونى ألا اسمعك». ولكنى جئت لأسمعك، فى هدوء وسكينة نطق بهذا الكلام الطفيل بن عمرو للرسول صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى منزله، والذى ما لبث أن رحب به وبدأ يشرح له طبيعة الدعوة ويتلو عليه بعض الآيات من القرآن الكريم وجلس الطفيل يستمع ويسأل، ويفند المعانى ويقلب الأفكار وقد أخفض بصره إلى الأرض ولكن ما لبث أن رفع الطفيل بصره إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ليقول له فى هدوء من وصل إلى الحقيقة. والله ما سمعت قولا أحسن مما تقول، ولا أمرا أعدل مما تقول.
وأراد الطفيل أن يستخدم مكانته ومركزه العائلى فى قبيلة دوس فى اليمن وشهرته الواسعة كشاعر كبير فى أن يؤثر فى أهله فيدعوهم إلى الاسلام، ولقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك ورجاه أن يدعو له بأن يعينه الله على تلك المهمة، فدعا له الرسول وانطلق الطفيل عائدا إلى اليمن ورأسه قد امتلأ بأفكار وخطط كثيرة يريد بها أن يحيل أهله من الكفر إلى الاسلام، وكان طبيعيا أن يبدأ الطفيل بأهل بيته فحقق نجاحا باهرا، فقد أسلم أبوه وأمه وزوجته دون عناء وكانت الخطوة الثانية هى الخروج إلى القبيلة ليدعوهم إلى ما دعا إليه أهله، وكانت ثقته كبيرة فى قدرته على التأثير فى أهل قبيلته. لكن ما حدث كان على غير المتوقع، فلقد فوجئ الطفيل بجدل واسع حول ما يدعو إليه، ولم يخرج من كل قومه إلا بواحد، واحد فقط إنه أبوهريرة.
وأصيب الطفيل بخيبة أمل شديدة ولم يجد حلا إلا أن يعود إلى مكة ليقابل الرسول ويحكى له ما حدث . وهنا قال له الرسول »ياطفيل ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم ثم رفع يديه إلى السماء ليدع فى تضرع: »اللهم أهد دوسا وآت بهم مسلمين«، واستمر الطفيل فى دعوة قومه بالحسنى حتى أسلمت كلها، لقد كانت قريش على حق فى أن تحذر طفيلا من الاستماع لمحمد صلى الله عليه وسلم.