لا يختلف الوضع فى القطاع الصحى فى ليبيا كثيرا عن الوضع فى عموم البلاد، فالفوضى منتشرة جدا فى ليبيا، والمنظومة الصحية هناك تعانى بسبب القتال الدائر حاليا فى جميع أنحاء البلد، بالاضافة الى قرار الفلبين سحب رعاياها من ليبيا خشية تعرضهم للأذي، الامر الذى أدي- بشكل غير مباشر- إلى الإضرار بالمنظومة الصحية فى ليبيا، حيث إن 3 آلاف فلبينى يعملون فى المجال الصحى ويشكلون نحو ثلثى القوة الفعلية لهذا القطاع. ووصف رضا العوكلى وزير الصحة فى الحكومة الليبية، الوضع الصحى فى بلاده بأنه "مأساوي" مطالبا بالإفراج عن أموال فى الخارج للمساعدة على شراء الدواء. وقال الوزير، إن الحكومة عاجزة عن شراء مستلزمات لعلاج المرضى والجرحى رغم أن لديها مليارات الدولارات فى الخارج. وأضاف قائلا إن "1٪ من الأموال المجمدة تكفى لشراء دواء للشعب الليبى لمدة سنة".وكان العوكلى قد ذكر فى وقت سابق أن حوالى 60 إلى 70 ٪ من المستشفيات أغلقت أو لم تعد قادرة على العمل بكفاءة. وأشار إلى أن بلاده بحاجة إلى ثلاثة ملايين دولار يوميا لتوفير الدواء. ومن ناحيته، قدّر سيد جعفر حسين ممثل منظمة الصحة العالمية فى ليبيا، ب 50 مليون دولار التمويلات التى يحتاجها حاليا قطاع الصحة فى ليبيا.وقال"العالم يهتم بمناطق الصراع فى العراق وسوريا لكنه ينسى ليبيا. هناك أزمة يجب معالجتها. هناك أطفال من دون لقاحات ونساء يلدن فى منازلهن". وتحدث محمد المصراتى المتحدث الرسمى باسم الهلال الليبى عن صعوبات جمة تواجه عمل القطاع الطبى فى ليبيا، لا سيما فى طرابلسوبنغازي، من بينهما مغادرة العمالة الأجنبية، علاوة على استهداف منشآت وطواقم طبية وسيارات إسعاف. وفى طرابلس تعرضت مخازن أدوية لأضرار كبيرة، بعد سقوط قذائف عليها، كونها قريبة من مطار طرابلس حيث تتقاتل كتائب مسلحة. وأشار المصراتى إلى دور مهم للهلال الأحمر الليبى فى توفير ممر آمن لنقل ما تبقى من أدوية المخازن إلى المستشفيات. ومن جانبها ،أطلقت منظّمة أطبّاء بلا حدود عمليّاتها فى شرق البلاد وغربها بهدف توفير خدمات الرعاية الطبّية للناس. وفى مقابلة مع منسّق المشروع فى زوارة إيساكا عبدو وصف لنا الوضع فى هذه البلدة الواقعة فى غرب ليبيا، إن زوارة مختلفة إلى حدّ ما عن غيرها من المناطق فى ليبيا. فهى بلدة تضمّ 45 ألف نسمة وتقع على الساحل وليست بعيدة عن الحدود مع تونس، ورغم أن البلدة هادئةً جداً، فإن الوضع الصحى فيها مدعاة للقلق تماماً كغيرها من المناطق فى البلاد. فى شهر سبتمبر من العام الماضى بدأت منظّمة أطبّاء بلا حدود بتقديم الدعم إلى مستشفى زوارة البحرى الذى عانى نقصاً من الأدوية وفى الكوادر المدرّبة. فكما حدث فى مناطق أخرى من ليبيا، فرّ العديد من العمّال الصحّيين ذوى الكفاءة من البلاد تاركين المساعدين فى قسم التمريض القيام بعمل الممرّضين. بين شهرى سبتمبر وفبراير، قدّمت المنظمة التدريب للموظّفين وأحضرنا فنّياً لتصليح وصيانة المعدّات الطبية المعطّلة للتعويض عن النقص فى الموظفين االصحيين. لكن التوتّرات كانت تتزايد على مسافة قريبة منها. ففى شرق زوارة يشهد طريق صبراتة - طرابلس هجمات مسلّحة مراراً وتكراراً. أما من الناحية الغربية، فغالباً ما تُقفل الحدود مع تونس التى تبعد مسافة ساعة واحدة بالسيارة، وذلك لأسباب أمنية أو لمنع تهريب البشر. وفى جنوب بلدة زوارة الأمازيغية هناك مناطق يسكنها العرب من المستحيل الوصول إليها بسبب التوترات بين القبائل. إن ظاهرة نزوح السكّان باتت أمراً متكرراً أكثر فأكثر فى الشرق- بالقرب من مصراتة ومن ناحية بنغازى أيضاً- وذلك بسبب ازدياد الاشتباكات المسلّحة. وهناك المهاجرون الذين يأتون من السودان ونيجيريا ومالى وغيرها من الدول الأفريقية. وغالباً ما يسلكون الطريق عبر النيجر ويصلون إلى البلدات الساحلية كمصراتة وطرابلس وطبرق وزاوية وزوارة. يعملون هنا لتوفير أجورهم قبل أن يقرّروا إمّا ركوب المركب وعبور البحر الأبيض المتوسّط للوصول إلى أوروبا، أو البقاء هنا وإرسال الأموال لعائلاتهم. لكن السلطات المحلّية شكّلت فرقة من الرجال المقنّعين للتفتيش عن مهربى البشر وبذلك لم يتمكّن أحد من مغادرة زوارة منذ بداية العام الحالي. ونظراً لظروفهم الصعبة ينامون فى منازل مهجورة أو غير مكتملة لا توجد فيها مرافق للصرف الصحي، وعليهم شراء المياه. وعلى الرغم من أن الرعاية الطبية فى ليبيا من المفترض أن تكون مجّانية، إلّا أنهم لا يملكون الحق فى الحصول عليها ويضطرون إلى دفع المال لتلقى العلاج.