هو صاحب المدرسة المتميزة في الابتهالات وأحد أشهر المنشدين في تاريخ المديح النبوي والإنشاد الديني، لو أنه أبدع فقط « مولاى إنى ببابك» وحدها ، لاستحق كل هذه المكانة فى قلوب الملايين!.. هكذا يرى الكثيرون من محبى شيخ المداحين سيد النقشبندى، من فرط تعلقهم بهذا الابتهال المعروف لكن مالايعرفه البعض أنه بجانب ما قدمه لنا من روائع أخرى هزت قلوبنا فإنه نجح فى أن يخرج أصوات مجالس الذكر من أروقة المساجد ليصدح فى عنان السماء داعياً بها، كما جعل بصوته وأدائه الأسطوري من المديح النبوي الشريف فناًء إسلامياً يقرب الكثير من الناس إلى الله بروعة هذا الصوت الخاشع . وانطلاقا من ذلك كله اهتم ابنه أحمد سيد النقشبندى بمساعدة شاب سورى من محبي الشيخ كان قد شاهد رؤية اهتم على أثرها بهذه القضية بتوثيق التراث رقميا ونشره على الموقع الالكترونى الذى يحمل اسمه بمشاركة الآلاف من محبى وأصدقاء الشيخ الذى لايبخلون بمدهما بالمزيد من تراثه، لينجحا فى توثيق جانب مهم وثرى ،وساعدهما على ذلك اقتناء الابن مذكرات بخط يده لسيد المداحين، حيث كانت المرجع لهما والربط بين ما تتضمنه وبين ما تقع تحت أيديهما من تفاصيل جديدة يرسلها إليهما الأحباء من كل مكان . وتوجه الأهرام إلى أحمد النقشبندى فى طنطا حيث بيته المطل على مسجد السيد البدوى ليتعرف على الحكاية كاملة منه فبادرنا قائلا « شرف لى أن أكون ابن أسطورة المديح النبوى الشريف وان أقوم بهذا المشروع ، فبعد خروجى إلى المعاش فى عام 2007 وهبت نفسى لتوثيق تراثه. حتى تلقيت ذات يوم منذ حوالى 4 سنوات اتصالا هاتفيا من شاب سورى يدعى سامر عبد العال 30 عاما لم يلتق الشيخ من قبل بطبيعة الحال لكنه من أشد معجبيه فرحبت به وفوجئت به يستأذننى أن يسعى لجمع تراث النقشبندى بعد ان شاهد رؤية مفادها أن الشيخ طلب منه فى منامه جمع جميع تسجيلاته الخاصة بقراءة القرآن الكريم والابتهالات، فوافقت من حيث المبدأ، وتناقشنا على مرات عديدة عبر الهاتف، واقتنعت تماما بنيته الخالصة. وتوصلنا إلى أن أفضل طريقة لتحقيق ذلك هو أن يكون هناك موقع الكترونى باسمه ونطلب من جميع محبيه حول العالم العربى والاسلامى أن يرسلوا لنا أى شىء يخص الشيخ مرئيا او مسموعا او مقروءا أو صورا ووثائق ، وقد كان على الفور وبدأنا وجمعنا مئات الساعات للشيخ من ابتهالات لجلسات خاصة قرأ فيها القرأن أو غنى الابتهالات وحفلات وخواطر وترجمة لأعمال الشيخ وصور مشتركه لكل من تعامل مع الشيخ مثل بيلغ حمدى حلمى أمين وعبد الفتاح مصطفى وومحمد السيد نداوللمشاهير مثل أنور السادات وأم كلثوم ، فتحول المنتدى لساحة دينية عظيمة ، وأصبح يضم ما لدى وما مع محبيه من مختلف أنحاء مصر وخارجها ،وقد أبدى كل من تعاملت معه ترحيبه وتعاونه وأهدانا ما يخص الشيخ من سوريا وايران والعراق والكويت والسعودية واندونسيا واليمن والمغرب العربى والأردن وعير ذلك ،فتحول الأمر الى متعة شديدة بل وكلفنا المحبين أن يأخذوا عن أصدقائهم أى شىء يخصه، هم ايضا فأصبحوا بمثابة مراسلين لنا. وأدى ذلك الى مضاعفة النجاح وكانت المفاجأة أننا حتى الآن نتلقى المزيد والمزيد عن فضيلته من مختلف الدول ليست فقط العربية والإسلامية لكن من محبيه المهاجرين فى دول أجنبية ممن كانوا يحرصون على التسجيل له او حضور حفلات له فى مصر أو خارجها فى أوقات سابقة قبل هجرتهم ليصبح لدينا كنوز وكنوز كشفت عن الكثير من التفاصيل التى تخصه وتخص الوطن وعلاقته بالشخصيات العامة والنجوم والرؤساء والملوك بالاضافة الى مئات الساعات حفلات فى المدينة النورة ومكة المكرمة ويجتمع فيها مع بلابل الانشاد من المنشدين خاصة من الشوام العراقيين والايرانيين والسعوديين فيجلون جلسات ابتهال وانشاد وكل ينشد و يسلم الذى بعده وقته للابتهال الواحد تلو الاخر كل بلكنته وطريقته ومدرسته ومن أهم ما وقع تحت أيدينا حفل فى أضواء المدينة وكان من عادة جلال معوض أن يقدم الحفل ثم يستعين باحدى الفنانات لتقديم الشخص على المسرح وفوجئت فى حفل النقشبندى ضمن أضواء المدينة من تقدمه هى الفنانة زبيدة ثروت ! وكان ذلك سنة1966. وقد ساعدنا على التوثيق ما أقتنيه من مذكرات يومية بخط يد الشيخ دون فيها الكثير من المعلومات شديدة الثراء والعمق ووواسعة المجال حول كل ما يخصه منذ عام 1940 إلى عام 1975 اى قبل وفاته بعام المذكرة الأخيرة فلا أعرف شيئا عن مصيرها وقد أرشدتنا إلى التوثيق الدقيق باليوم والساعة فى بعض الاحيان فعلى سبيل المثالفى حالة ما أرسل الينا شخص ما تسجيلا صوتيا لحفلة ما نعود الى المذكرات ونطابقه بما جاء فىيها فنجده يتناولها بالتاريخ والتوقيت والتفاصيل فنرفق ذلك بالتسجيل عند رفعه على الموقع وهكذا سائر العناصر خاصة ان الشيخ كان شديد الد قة والبلاغة فى مذكراته كما قمنا بتنقية التسجيلات التى تأتينا من مختلف الأنحاء وننقحها وتيعاون معنا مهندس من مركز قلين بكفر الشيخ ووصلنا لدرجة وضوح رائعة . وبالعودة إلى بدايات النقشبندى فقد ولد بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية، ولم يبق فيها طويلاً، حيث انتقل إلى مدينة طهطا في جنوب الصعيد ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره. وهناك حفظ القرآن الكريم علي يد الشيخ أحمد خليل قبل أن يستكمل عامه الثامن وتعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية. كان يتردد علي مولد أبو الحجاج الاقصري وعبد الرحيم القناوي وجلال الدين السيوطي، وحفظ أشعار البوصيري وابن الفارض. أما عن تفسير تسميته فقيل إن كلمة (نقشبندي) مكونة من مقطعين هما (نقش) و(بندي) ومعناها في اللغة العربية: القلب، أي: نقش حب الله على القلب. النقش بند بالفارسية هو الرسام أو النقاش والنقشبندي . وكان والدى يقول لى انه بدأ ينتبه إلى قوة صوته وهو فى السابعة عشرة من عمره وأخذ يختار ما ينشده ولا ينشد سوى ما يشعر به ويحس به عن قرب وكان ذلك أحد أسباب تفرده غلى الحد الذى وصفه فيه الدكتور مصطفى محمود في برنامج العالم والإيمان بأنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد و كما اتفق خبراء الأصوات على أن صوته من أعذب الأصوات التي قدمت الدعاء الديني لان صوته مكون من ثماني طبقات، وكان يقول الجواب وجواب الجواب وجواب جواب الجواب، وصوته يتأرجح ما بين الميترو سوبرانو والسبرانو.على حد تحليلهم الفنى لصوته ولدى ما يثبت ذلك . نقطة تحول ويضيف نجل الشيخ أحمد سيد النقشبندي قائلا إنه في عام 1955 استقر الشيخ في مدينة طنطا، وبعد أن ذاعت شهرته رفض رفضا مطلقا أن يترك طنطا ليستقر فى القاهرة حيث الإذاعة والتليفزيون ،تعلقا بوجوده إلى جوار السيد أحمد البدوي، وقال لنا (أنا مش هسيب سيدي الشيخ أحمد البدوي) حيث كانت له رؤية ذات يوم فقد استيقظ من نومه وهو يقول لنا كنت مع الشيخ أحمد البدوي رحمه الله وكان يقول لي (ماتسبنيش ياسيّد وما تتركش هذه الرحاب) وبسبب ذلك لم ينتقل إلى القاهرة. وكانت نقطة التحول فى حياته عندما استمع أحمد فراج لصوته مصادفة فى سيدنا الحسين ، فأوصله لمحمد محمود شعبان الذى أجاز له على الفور الخمس دقائق بعد الآذان 1967 ليعرفه الملايين وتهافتت عليه الاذاعات والتليفزيون فيما بعد، ويتحول صالون بيتنا إلى ساحة يصدح فيها طوال الليل فى مدح الرسول مع أحبابه وزاوره ،;وقد سجل مع فراج بعض التسجيلات لبرنامج في رحاب الله ثم سجل العديد من الأدعية الدينية لبرنامج «دعاء» الذي كان يذاع يوميا عقب آذان المغرب، و اشترك في حلقات البرنامج التليفزيوني في نور الأسماء الحسنى وسجل برنامج الباحث عن الحقيقة ، الي جانب مجموعة من الإبتهالات الدينية التي لحنها محمود الشريف وسيد مكاوي وأحمد صدقي وحلمي أمين. وبليغ حمدي. حكايته مع السادات وبليغ . وتعد قصة تعرفه على بليغ حمدى نقطة تحول اخرى فى حياته إذ أن بليغ هو من لحن له « مولاى « التى يقول البعض انها وحدها تكفى ليكتسب ما اكتسبه من شهرة ومكانة عظيمة . وتعود هذه القصة إلى فى حفل زواج ابنة السادات الذى كان يعرف عنه انه سميعا وكلف وجدى الحكيم بالجمع بين العملاقين قائلا « اريد ان اسمع «جلجلة النقشبندى « مع ألحان بليغ وتوزيعاته، وحكى ألأبى أنه كان يحضر قبل أن يكون رئيس أثناء عودته من السويس مولد «سيدى الغريب» وكان يقف خارج المسجد يسمعه لمدة 4 ساعات، حيث لم يكن يجد فى االداخل مكانا يقف فيه ،ومن هنا كان السادات وثيق الصلة بالشيخ . وفى سنة 70 19 بدأ تسجيل ال 16 نشيدا ، بعد أن تحفظ فى البداية ورفض وطلب من الحكيم أن يجد له حلا ، لكن بعد جلسة واحدة مع بليغ عدل رأيه وكانت أول مرة يغنى مع مزيكا ، وقد حضرت التسجيلات واتذكر ان عمار الشريعى كان عازفا على الأوكورديون وقتها، وكان سائر العازفين يعلقون بأنه ينزل ويطلع فى أماكن لايجدون لها مكانا فى المقام ، وأتذكر أن فؤاد المهندس وشويكار اللذين كانا يسجلان مسلسلا لهما حينئذ يسجلان فى الإذاعة كانا عندما ينتهيان من عملهما وأحيانا يختلسان الوقت أثناء العمل ينزلان ليحضرا التسجيل من فرط تعلقهما بصوت النقشبندى، فكانت حالة فريدة من الزخم الفنى والدينى والإنسانى يشهدها الاستديوالذى كان يبدع فيه الشيخ بألحان بليغ . وفى الواقع لم يكن بليغ يتميز فقط بالموهبة الفذة لكن أيضا الذكاء الشديد فعرف كيف يستغل صوت النقشبندى لأقصى حد ويترك له الحرية للابداع دون التقيد بلحنة ، فانطلق النقشبدى يصدح، إذ كان بليغ يعرف جيدا أن النقشبندى لديه طبقات وخيال فريد فكان «يفرش له فرشة مزيكا»ويقول له الكلام معاك يا سيدنا افعل ما تريد، دون أن يزعجه باللحن ،فيعطيه من اللحن بداية ونهاية فقط ليسلمه الشيخ العمل كاملا . وهو مايعكس أيضا كيف كان الكل يعمل فى فريق عمل واحد فالمهم أن يخرج العمل فى أبهى صورة دون أن يسارع أحد لفرض نفسه واسمه ليتصدر المشهد والنتيجة الطبيعية هى ان كل شخص مشارك تصدر المشهد ...النقشبندى وبيلغ والشاعر عبد الفتاح على السواء !بسبب انصهار موهبة الكل وفنه وعطائه فى الكل . والغريب أنه فى حياة الشيخ طه الفشنى .. لمع فى مجال الانشاد الدينى بعض المشايخ الذين أنعشوا هذا الفن وأثروه . منهم الشيخ عبدالسميع بيومى ،والشيخ محمد الفيومى ، أحد أفراد بطانة الشيخ على محمود ، والشيخ محمد الطوخى ، وهو علم من أعلام هذا الفن ،على الرغم من أنه يعيش بنصف كلى ، ثم جاء الشيخ النقشبندى يرحمه الله وقد بهر الناس بأدائه الرائع وبصوته الواضح القادر على الأداء فى كل المقامات ، ثم جاء نصر الدين طوبار