يقول المولي عز وجل في كتابه الكريم كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون, وإذا كان الدين للأسف الشديد قد أصبح اليوم هو التجارة الرابحة عند الكثيرين من المتأسلمين في الجماعات الدينية العديدة التي تعج بها الساحة السياسية في مصر, إبتغاء الوصول إلي السلطة والحكم, والتي تملأ سماء مصر وأرضها صراخا ليل نهار مطالبة بتطبيق مبادئ وقواعد الإسلام وشريعته. فإن أول هذه المبادئ والقواعد أن يكون المسلم صادقا في حديثه مع نفسه وربه ومع الآخرين, إلا أن جماعة الإخوان التي ابتلي بها العالم الاسلامي منذ أكثر من ثمانين عاما, وما تفرع عنها من تنظيمات وجماعات متطرفة وهدامة, دأب قادتها علي احتراف الكذب في كل تصريحاتهم ومعاملاتهم, ليس فقط فيما يتعلق بكذباتهم حول عدم تقديم مرشح للرئاسة, وادعائهم المشاركة وليس المغالبة في انتخابات مجلس الشعب, وتسلطهم علي لجنة إعداد الدستور, وسعيهم لإسقاط حكومة الجنزوري, وادعائهم كذبا عدم المشاركة في مليونية الزحف إلي وزارة الدفاع, في حين كانوا هناك بكل ثقلهم.. إلا أن الكذبة الأخيرة والمفضوحة والمثيرة للسخرية, وهي ليست بالأخيرة, والتي أصابتني بالصدمة والذهول والقرف. تلك التي جاءت علي لسان د. محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان للرئاسة عندما سمعته في مؤتمره الانتخابي فى 12/5/2012 يتحدث وبثقة كبيرة ما معناه ان أصحاب العهد البائد من مبارك وحاشيته قد لهفوا (أي سرقوا) من خزائن مصر طوال ثلاثين عاما ما بين 5 و6 تريليونات دولار!! والتريليون كما نعلم هو ألف مليار. فإذا كان سعر الدولار هو 6 جنيهات, فإن معني ذلك أن النظام السابق سرق من 3036 تريليون جنيه علي مدي ثلاثين سنة حكم فيها مصر, أي بمتوسط سرقة تريليون جنيه سنويا!! فإذا كانت آخر ميزانية لمصر لم تزد عن (350) مليار جنيه, وإجمالي مصروفات (514) مليار جنيه, أي بعجز نقدي مقداره (164) مليار جنيه, مقابل (127) مليار جنيه عجزا في ميزانية 2011/2012, وهو ما يؤكد أن ميزانية مصر لم تصل أبدا في أي سنة إلي تريليون جنيه, وبالكاد لم تصل إلي نصف تريليون جنيه, فكيف يمكن لنظام مبارك أن يسرق تريليون جنيه من ميزانية الدولة سنويا؟! وهل لم يصرف هذا النظام جنيها واحدا علي مشاريع تنمية وخدمات ورواتب ومعاشات.. إلخ؟! ثم من أين جاء نظام مبارك أصلا بهذا المبلغ الذي يزعمه د.مرسي؟ إننا لا نقبل الفساد أيا كان مصدره,, سواء من نظام سابق أو نظام لاحق, إلا أن لدينا عقولا نفكر بها ويمكننا أن نزن بها ما يطرح علينا من أقوال مرسلة لا تمت للحقيقة بصلة ولا يقبلها عقل ولا منطق, والغريب في مؤتمر د, مرسي أن أحدا من الحضور لم يعمل عقله لحظة في التفكير في المبالغة والتضخيم المصطنع الذي يسوقه مرسي حول هذه التريليونات المسروقة, بل كانوا كالقطيع يصفقون ويهتفون قائلين: مرسي قالها قوية, مصر بلدنا مش تكية, ويبقي السؤال قائما: كيف يمكن أن نقبل برئيس لمصر صناعته وحزبه وجماعته الكذب ثم الكذب ثم الكذب, وللأسف كل ذلك باسم الدين, والدين منهم براء. وبمناسبة التريليونات التي يتحدث عنها د. مرسي ويقول إن النظام السابق نهبها, فهل يتذكر حجم مليارات الدولارات والجنيهات ولا نقول تريليونات التي سرقها في ثمانينيات القرن الماضي أباطرة شركات توظيف الأموال الإسلامية من مدخرات المصريين, وأورثوهم الحسرة والخراب والموت والأمراض والفقر, وهربوا بها إلي الخارج, وبعضهم يعيش اليوم في لندن في قصور بهذه الأموال الحرام, لقد خدع أباطرة هذه الشركات المصريين بأكاذيب الأرباح الإسلامية الحلال, وجاءوا لهم بشيوخ ذوي ذمم خربة يشجعونهم علي إيداع أموالهم في هذه الشركات, وكان جميع أصحاب هذه الشركات بدون استثناء من رموز جماعة الإخوان وما تفرع عنها من جماعة دينية أخري مثل شركات الشريف.. وغيرها, وإذا كان الدين هو سبيلهم إلي خداع الناس وسرقة أمولهم, فإن سمة الفساد الذي انكشف في كشوف البركة التي حوت أسماء كبار المسئولين ممن كانوا يسهلون أعمال هذه الشركات, ويحصلون علي أرباح خاصة تزيد علي 25% هو طبيعة أعمالهم. فهل يتذكر د. مرسي كيف كانت نهاية امبراطورية شركات توظيف الأموال؟ لقد سلطهم الله تعالي علي انفسهم الخربة, فكشفوا أنفسهم بأنفسهم, ودمروا أنفسهم بأنفسهم, وهذا هو نفس المصير الذي ينتظر كل من يتاجر بالدين اليوم من أجل السلطة والحكم, ويريد السوء والإيذاء لمصر وشعبها, ومصداقا للحديث الشريف: مصر كنانة الله في أرضه من أرادها بسوء قصمه الله. وفي النهاية أذكر د. مرسي بحديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن آيات المنافق خمس: إذا تحدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا عاهد غدر, وإذا إؤتمن خان, وإذا خاصم فجر, وكلها سمات واضحة وضوح الشمس في سلوكيات جماعة الإخوان, أما مصير المنافقين فيخبرنا عنه المولي عز وجل في قوله: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار. المزيد من مقالات لواء أ.ح. متقاعد/ حسام سويلم