"النواب" يوافق على طلب المجلس القومي لحقوق الإنسان بالحصول على منحة بالصحة الإنجابية    «النواب» يوافق على طلب «القومي لحقوق الإنسان» بشأن منحة الصحة الإنجابية    منسق الأمم المتحدة في القاهرة: مصر من أكثر الدول تأثرا بالأحداث الإقليمية    تباين مؤشرات البورصة في ختام تعاملات الإثنين    وزير خارجية اليونان: وساطة مصر مهمة للغاية.. ويجب الوصول لحل الدولتين    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد    إحصائية .. الأهلي لا يعرف الخسارة من الترجي في مصر    رسميا.. غياب إيدرسون عن كوبا أمريكا    إجراءات عاجلة من السكة الحديد بشأن حركة القطارات مع ارتفاع الحرارة    استفسارات المواطنين حول مواعيد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    بعد تحسن حالتهم.. خروج 8 مصابين في حادث «الأتوبيس الطائش» بدائري بهتيم    تأجيل محاكمة المتهم بالشروع فى قتل زوجته ونجله بالتجمع ل 18 أغسطس    كواليس جلسة معارضة المتسبب فى وفاة الفنان أشرف عبد الغفور    ضبط 4 متهمين بتجميع خام الذهب الناتج عن تنقيب غير مشروع بأسوان    حسن الرداد يحيي ذكرى الفنان الراحل سمير غانم.. «اللهم ارحمه واغفر له»    حصريًا على dmc.. موعد عرض مسلسل "الوصفة السحرية"    مهرجان المسرح المصري ينظم 5 ورش فنية ضمن فعاليات دورته ال17    «النواب» يحيل مشروع قانون جديد للتأمين الصحي الشامل إلى لجنة مختصة    تغلب على حرارة الجو الشديدة بالبطيخ والكنتالوب.. واحذر اللحوم المصنعة والمخللات    تظاهرة للمركبات في شارع أيلون بتل أبيب تطالب بصفقة تبادل الأسرى فورًا    تشافي ولابورتا.. تأجيل الاجتماع الحاسم في برشلونة    سلمى أبو ضيف تنشر جلسة تصوير لها بفرنسا.. ومنى زكي تعلق (صور)    «السرب» الأول في قائمة إيرادات الأفلام.. حقق 622 ألف جنيه خلال 24 ساعة    وكر عمليات الإجهاض.. تأجيل محاكمة طبيب نساء وتوليد وآخرين بالجيزة    إطلاق أول استراتيجية عربية موحدة للأمن السيبراني الشهر المقبل    5 نصائح هامة للأمهات الحوامل للتغلب على حرارة الطقس    7 تعديلات مرتقبة في قانون مزاولة مهنة الصيدلة.. أبرزها رسوم الترخيص والورثة    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    نائب رئيس نادى السيارات: مسيرات للدراجات النارية ومسابقات سيارات بالعلمين أغسطس 2024    طلب إحاطة بشأن تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    تفاصيل أغنية نادرة عرضت بعد رحيل سمير غانم    إكسترا نيوز تعرض تقريرا عن محمد مخبر المكلف بمهام الرئيس الإيرانى.. فيديو    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    تطوير المزلقانات على طول شبكة السكك الحديدية.. فيديو    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    مجلس النواب يستكمل مناقشة قانون إدارة المنشآت الصحية    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    بعد وصولها لمروحية الرئيس الإيراني.. ما هي مواصفات المسيرة التركية أقينجي؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    معين الشعباني: تسديداتنا أمام الزمالك لم تكن خطيرة.. ولاعب الأبيض قدم مباراة رائعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليابانيون ... والأقصر

أتوقف، كل مرة، أمام الشعب الياباني، وأمام غرامه وشغفه بالحضارة المصرية القديمة، والتاريخ الفرعوني، وهو ما صنّف اليابان واحدة من ضمن أهم خمس دول فى العالم، تحب، وتحترم التاريخ الفرعوني، وعندما يزور شعبها، الأقصر، فإنه يأتى لها حاملاً حضارته، وثقافته، وأسلوب حياته.
ولكى يتضح المعنى أكثر، دعنى أقل لك إن السؤال التقليدي، الذى يوجهه لى أى صديق يرغب فى زيارة الأقصر، والاستمتاع برحلة نيلية بينها وبين أسوان، يكون "ما هو أنسب الفنادق العائمة للقيام بتلك الرحلة؟". فتكون إجابتي، فى كل مرة، أن جميع الفنادق العائمة كثيرة، ومناسبة، ولكن السؤال الأهم هو "كيف تريد رحتلك النيلية أن تكون؟"وحرصاً من اليابان على إسعاد شعبها، والتأكد من توفير متطلباته، فإن وزارة السياحة اليابانية، ترسل لجنة، فى شهر يوليو أو أغسطس من كل عام، لتفقد، الفنادق الثابتة والعائمة، التى تطلب استضافة الأفواج السياحية اليابانية، خلال الموسم الشتوي. ويعتبر الفندق الذى يحظى بقبول وموافقة اللجنة، هو الفندق "سعيد الحظ". وللحق، فإن الاختيار ليس مسألة حظ، إنما، يعتمد بالأساس، على اجتهاد إدارة الفندق فى توفير متطلبات السائح الياباني، وهو ما دفع الكثير من فنادق الأقصر، الآن، إلى تجهيز غرفها بالجاكوزي، باعتباره واحداً من المطالب اليابانية. وأعترف أننا استفدنا، كثيراً، من هذه اللجان، فلقد جاءت للأقصر للمرور على الفنادق المقدمة، ومعها ما يعرف بChecklist، وبها كل مفردات التفتيش على أى فندق، بدءاً من الغرف ومحتوياتها، والحمامات، والمطاعم، مروراً بنظم الأمن، ووسائل الراحة المتاحة، وغير ذلك من بنود التفتيش. كانت هذه القائمة عبارة عن 20 صفحة، أو تزيد قليلاً، وهو ما أتاح للفنادق، الفرصة للإرتقاء بمستويات الخدمة لديهم، بما يتناسب مع رغبة، وتوقعات السائحين.
وللعلم، فإن السائح الياباني، هو أكثر السياح إنفاقاً فى الأقصر، يليه فى ذلك السائح الأمريكي. حتى إنك إن سألت العاملين المصريين فى فنادق الأقصر، عن أهم وأحب ضيف تسعدون بوجوده فى الفندق، يبادرونك بالإجابة، فوراً، وبلا أدنى تردد، "الياباني"، ولو ناقشتهم فى أسباب اختيارهم، تجد الإجابة، أيضاً، موحدة، بأنه جم الأدب فى تصرفاته، وطلباته، لا يرفع صوته أبداً، وأنه "فى منتهى الكرم" مع العاملين فى الفندق. إضافة إلى ذلك، فقد كوّن العاملون بالفنادق نظرية عن السائح الياباني، أثبتت صحتها من خلال المتابعة، هى أن السائح اليابانى لا يترك غرفته، ليبدأ جولاته السياحية، إلا ويكون قد رتبها قبل مغادرته!! هل تصدق ذلك؟! بينما يؤكد العاملون، أن غرف سياح من جنسيات أخرى، يتعذر عليهم فيها تحديد الملايات من مناشف الحمامات! هنا يتضح الاختلاف بين الشعوب والثقافات.
وهو ما يذكرنى بموقف مر بي، إذ كنت مضطراً للعودة إلى القاهرة، فى مهمة رسمية طارئة وعاجلة، ولم تتناسب مواعيد الطيران المتاحة مع طبيعة الأمر، فأخبرنى مسئولى مطار الأقصر بإمكانية استخدام طائرة شارتر، وصلت للتو، قادمة مباشرة من اليابان إلى الأقصر، وليست مدرجة على جدول الرحلات القادمة، مما يتيح لى استخدامها. وصعدت، بالفعل، إلى الطائرة، وقبل أن اتخذ مقعدي، اصطحبنى قائد الطائرة فى جولة داخلها‘ قائلاً "هل تصدق أن هذه الطائرة كانت، لتوها، ممتلئة بالركاب لمدة 14 ساعة متواصلة، من طوكيو إلى الأقصر؟" والحقيقة أننى ذهلت من حال كابينة الركاب، فأرضها نظيفة ليس عليها ورقة، ومقاعدها معتدلة بانتظام، وحماماتها نظيفة، لدرجة تظن معها، أنها لم تستخدم مطلقاً. فقلت له أنها ثقافة شعب ... وسلوك شعب، تعلم النظافة والنظام، وتوارثهما عبر الأجيال.
ولعلنا، جميعاً، نذكر، بأسى، أحداث مذبحة الأقصر، التى أراقت الدماء فى البر الغربي، فى نوفمبر 1997، وراح ضحيتها 58 فرداً، منهم 10 يابانيين، مخلفة أكبر الأثر فى قلوب الجميع، مما دفع الحكومة اليابانية الى طلب إقامة نصب تذكارى لضحاياها فى منطقة الحدث، فى "معبد الدير البحري". نقل لى هذا الطلب، السفير اليابانى بالقاهرة، مؤكداً، أن أهالى الضحايا قد أسهموا بجزء من تعويضاتهم، إضافة إلى مساهمة حكومة اليابان، من أجل بناء هذا النصب التذكاري. والواقع أن الأمر كان غاية فى الإحراج، فأنا أتفهم، تماماً شعور اليابانيين، حكومة وشعباً، وفى نفس الوقت ليس من المعقول أن نبنى نصبا تذكاريا فى أهم مناطق الأقصر، نظراً لطبيعتها التاريخية من ناحية، ومن ناحية أخرى لما سيخلفه، ذلك، من أثر نفسى فى قلب أى سائح قادم إلى الأقصر. فبدأت الاقتراب، بالفكر، من السيد السفير، مؤكداً رغبتنا المشتركة فى تخليد أرواح الضحايا، ومتسائلاً عن جدوى بناء جدار من الطوب والأسمنت لهذا الغرض. ثم عرضت عليه أن يكون تكريم أرواح الضحايا، عن طريق إنشاء مكتبة متكاملة بالأقصر، تكون عنواناً لروابط الصداقة بين البلدين، تقدم العلم، والمعرفة، والثقافة لأهالى البر الغربى خاصة، وأهالى الأقصر عامة. وننقش على جدرانها اسماء الضحايا اليابانيين، فتكون ذكرى لأرواحهم، بأسلوب يليق بالشعب الياباني. فكل من يقرأ، فيها، كتاباً أو يتعلم بها لغة جديدة، أو يدرس الحاسب الآلي، سيكون ذلك أجمل ذكرى لأرواح هؤلاء الضحايا.
وكانت هذه الفكرة، بمثابة مفاجأة بالنسبة للسفير، ولم ينكر إنبهاره بها، إلا أن الأمر يتطلب العرض على حكومته، قبل الموافقة. وفى خلال شهر، من لقائنا، جاءنى الرد بالموافقة، وبدأ العمل. أقول هذا لأوضح عراقة، وحضارة الشعب الياباني، فى قبوله للرأي، والفكر الآخر، خاصة إن كان ذلك فى إطار الإنسانية، والعلم، والثقافة، وليس على أساس التمسك بالرأي، والإصرار عليه.
لمزيد من مقالات لواء أ. ح. د. م. سمير فرج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.