نتابع يوميا أخبار ومشاهد الجرائم المتنوعة من نهب, وسلب, وخطف, وقتل, وتهريب, وترويع الآمنين, وشتي الطرق الأخري الإجرامية, مع صور مرتكبي هذه الجرائم. ومما لاشك فيه أن رجال الشرطة الأوفياء يقومون بجهد خارق في ضبط هذه العناصر الإجرامية, وفي تطهير البؤر الإجرامية مما كان له الأثر الكبير والإيجابي في نفوس عامة الشعب, ولكن هناك تحفظا علي هذا الأداء الجيد والجهد الرائع, ألا وهو عدم الإعلان عن أساليب العقاب, وعدم اتخاذ الإجراءات السريعة في إحقاق الحق, وإثبات العدل فيما يختص بإجراءات التحقيق والتقاضي, وفرض العقوبة. إن العدالة البطيئة والمستترة هي نوع من الظلم الكبير, لأنها لا تحقق الردع العام, ولا تشفي غليل المجني عليهم وغيرهم ممن وقع عليهم الإثم والعدوان والضرر المادي والمعنوي الذي قد يفوق تصور أي إنسان. وهؤلاء المجرمون الذين يعيثون في الأرض فسادا, والهاربون من السجون, والانتهازيون الذين يستغلون الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا الغالي, لا يجوز أن تأخذنا بهم رحمة, ولا يجوز أن نكتفي بوضعهم في السجون, وأن نطبق عليهم العدالة البطيئة, لأنهم بلاشك يستمتعون ويأمنون في إقامتهم في السجون, حيث إنه المكان الذي تعودوا عليه, والذي يعتبر بالنسبة لهم كماء البحار بالنسبة للأسماك. هؤلاء المجرمون يختل توازنهم النفسي, وتتعثر شخصيتهم العدوانية الإجرامية السيكوباتية عندما يجدون أنفسهم طلقاء أحرارا خارج السجون, حيث يبدأون مباشرة أعمالهم الإجرامية بدون ضوابط أو روابط, وبلا وازع من ضمائرهم, أو أي نزعات أخلاقية, أو أي أحاسيس إنسانية, أو قيود, أو قواعد دينية. كيف يمكن السكوت علي مختطفي فتاة لاغتصابها الذين طاردهم رجل شرطة شجاع فأطلقوا عليه الرصاص وقتلوه؟ فهذه جريمة محددة الأركان, وواضحة المعالم, لماذا لا يتم تقديم هؤلاء المجرمين إلي محاكمة سريعة معلنة تستغرق بضعة أيام, وتوقع عليهم عقوبة الإعدام طبقا للقانون, ويتم إعلان العقوبة بنفس قدر إعلان الجريمة في الصحف, وعلي شاشات التليفزيون من أجل تحقيق الردع العام, ومنع حدوث مثل هذه الجرائم لمن تسول له نفسه التفكير في فعل مثل هذه الجريمة, وهناك أمثلة أخري علي هذا المنوال, وتبقي كلمة أخيرة: لعن الله قوما ضاع الحق بينهم, ولا ننسي قول الله تعالي: ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب. د. يسري عبدالمحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة