فى عام 1970 كانت أول محاولة رسمية لعمل إحصاء حقيقى للإصابة بالسرطان فى مصر , قام بها المركز القومى للأورام كانت المحاولة مجرد اجتهاد مشكور لم يكتمل لافتقاده الأسس العلمية لعملية إحصاء يمكن أن يعتمد عليها فى رسم خريطة حقيقية ودقيقة لمعدلات الإصابة بالسرطان وشكل الإصابة ايضا .. وبعد ما يقرب من 20 عاما خرج أول إحصاء علمى معترف به دوليا عن السرطان , التقرير خرج من مكان يبعد نحو مائة كيلومتر عن القاهرة , ولكنه وباعتراف منظمة الصحة العالمية اعتبر إحصاء يمكن القياس عليه كدليل حقيقى لخريطة السرطان فى مصر . من محافظة الغربية خرج الإحصاء ضمن الكتيب الدولى للسرطان الذى تصدره منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع المؤسسة العالمية لأبحاث السرطان والذى يحمل عنوان السرطان فى خمس قارات لكن القصة ليست وردية تماما فمنذ 3 سنوات قررت وزارة الصحة أن تنهى التعاون مع المنظمات العالمية تلك وتكتفى بهذا القدر من العلم . فى عام 2002 نشر أول تقرير علمى اعترف به عالميا لإحصاء السرطان فى مصر التقرير صدر بالتعاون بين الجمعية الشرق أوسطية للسرطان ووزارة الصحة المصرية , صدر عن فريق علمى من استشاريين وأساتذة الأورام بمعهد طنطا للأورام وتم اختيارها وقتها باعتبارها نموذجا يمكن القياس عليه لأسباب عدة كما يقول دكتور احمد حبلص استشارى جراحة الأورام والذى كان على رأس فريق الباحثين وقتها حيث بلغ عددهم عشرين باحثا يقول دكتور حبلص: الغربية أولا محافظة ليست ضخمة العدد كالقاهرة مثلا ولا قليلة العدد جدا كالمحافظات الحدودية عدد سكانها نحو 4 ملايين نسمة وبها 8 مراكز ونحو 310 قرى , وتتنوع بين الريف والمدينة وفيها كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية ايضا,هذا بخلاف تواجد معهد أورام تابع لوزارة الصحة ومستشفيات متخصصة ومراكز علاجية ومعامل كثيرة عامة وخاصة كل هذا يوفر للدراسة التعدد والتنوع المطلوب مما يجعلها نموذجا كاشفا لحد كبير لغيرها من المحافظات فى مصر ,ويمكن بناء على النتائج التى توصلنا إليها أن نضع خطا للوقاية من المرض فى مصر كلها لحين استكمال الخريطة فى باقى مصر:» ويضيف :» التقرير كان جهد ثلاث سنوات من العمل المستمر لرصد حالات الإصابة بالسرطان فى جميع أنحاء المحافظة ووضع أول خريطة مفصلة للسرطان على تعداد سكان كان يصل وقتها لأكثر من 3,5 مليون مواطن , واعتبر عند نشره عام 2002 وباعتراف المنظمة الدولية التى شاركتنا فيه أول تقرير إحصائى سكانى يعنى برصد الإصابة بالسرطان فى مصر , وكما جاء فى التقرير المنشور فانه يمكن اعتباره مقياسا دقيقا لقياس معدلات الإصابة ونوعيتها وشارك فيه باحثون محترفون وهدفه الأساسى هو مساعدة صناع القرار على وضع خطط رعاية صحية تساعد فى منع الإصابة بالسرطان او اكتشاف المرض مبكرا بما يضمن فى النهاية تقليل التكلفة المتوقعة للعلاج « السرطان فى 2002 حسب إحصائيات عام 2002 والتى تعتمد تقسيم المواطنين رجالا ونساء فإن الإصابة الأعلى بالسرطان بين الرجال هى سرطان المثانة وتبلغ نسبته 1505% من نسبة الإصابة,يليه سرطان الكبد والذى تصل عدد الإصابات به إلى نحو 21.3 حالة لكل 100 ألف مواطن ثم سرطان الغدد الليمفاوية نحو 10.9 لكل مائة ألف مواطن ويليه سرطان الرئة فسرطان القولون والبروستاتا , أما بالنسبة للنساء فيأتى على رأس قائمة الإصابة سرطان الثدى بنسبة إصابة تصل إلى 37.6% من حالات الإصابة التى تصل إلى 49.5 حالة لكل 100 ألف سيدة سنويا يليه سرطان الغدد الليمفاوية نحو 10.7 من كل 100 ألف امرأة سنويا ثم اللوكيميا فسرطان الكبد والقولون . وبالمناسبة التقرير الأخير الذى صدر فى 2012 تغيرت فيه ارقام الإصابة ونوعياتها كثيرا!! خمس قارات دكتور إبراهيم عبد البر استشارى جراحة الأورام ورئيس فريق إعداد التقرير يكمل معنا القصة فيقول تقريرنا الأول وما حققه من دقة دفع منظمة الصحة العالمية لإدخالنا ضمن برنامجها العالمى الخاص بتقارير السرطان او ما يطلق عليه ( السرطان فى خمس قارات ) والذى يصدر كل خمس سنوات بالتعاون مع احد اكبر مراكز السرطان فى العالم وهى المؤسسة العالمية لأبحاث السرطان (IACR) وشاركنا معهم بالفعل فى تقريرين عالميين التقرير الأول صدر عام 2007 وهو الإصدار التاسع من التقرير العالمى عن السرطان , والثانى فى عام 2012 وهو الإصدار العاشر بينما نستعد بالمشاركة فى الإصدار الحادى عشر فى عام 2017 ولكن هذه المرة تحت ظروف مختلفة تماما « ويكمل دكتور إبراهيم قائلا :»اتفاقية التعاون التى تم توقيعها بين المنظمتين ووزارة الصحة كان يفترض ان تظل قائمة حتى الآن وأن تنضم لها عدة محافظات أخرى خاصة فى الصعيد .ولكن هذا لم يحدث وتم الاكتفاء بمحافظة الغربية كنموذج ثم الغى الاتفاق أصلا فى عام 2013 بقرار من الوزير اشرف حاتم , وتوقف التعاون بيننا وبين المنظمة بعد أن بدأ البعض يحارب المشروع وظهرت التخوفات غير المبررة من جهة التمويل رغم أن الاتفاقية وقعتها الوزارة والمبلغ الذى كان يقدم سنويا وهو 50 ألف دولار كان يغطى بالكاد تكلفة عمل فريق البحث, والذى كنّا مطالبين فيه بأعالى درجات الدقة وتتم متابعتنا ومراجعة النتائج كل عام من قبل خبراء من منظمة الصحة العالمية لكى يعترفوا بما جمعناه من أرقام وكل هذا يدخل فى برامج كمبيوتر تضيف مزيدا من التدقيق, فمثلا استمارة التسجيل التى نملؤها يكون فيها لكل مريض كود خاص به مرتبط بسنة تسجيله ورقم بطاقته بحيث نضمن مثلا ألا يسجل المريض مرتين متتاليتين فى عامين مختلفين, وان يكون من أبناء المحافظة فمثلا لو كان لدينا مريض يأتى من الإسكندرية ويتلقى علاجه فى مستشفيات الغربية لا يدخل ضمن الإحصاء والعكس لو كان من أبناء الغربية ويعالج خارجها يدخل ضمن الإحصاء لان الهدف هنا هو حساب عدد المصابين بالسرطان سنويا فى المحافظة وليس عدد المرضى المترددين للعلاج . هذا كله يتم تحديده عبر استمارة وضعتها لنا المنظمة العالمية تحدد بدقة شديدة كل تفاصيل حالة الإصابة لعدم تكرار الحالة أو دخول حالة لم يتأكد إصابتها بالمرض فمثلا يتم تحديد نوع التحليل الذى اجرى للمريض ومرحلة المرض التى وصل إليها ومكان الإصابة وهكذا». قارة إفريقيا ويكمل الدكتور عبد البر :» بعد صدور التقرير الأول عام 2007 الذى لم يكن معنا فيه سوى دولتين فقط من قارة إفريقيا وهما ليبيا والجزائر , كان يفترض أن يتم تعميمه فى اكثر من محافظة مصرية , وبالفعل قمنا بتدريب 200 طبيب وباحث تابعين لوزارة الصحة ومراكزها المختلفة للأورام ,على كيفية تجميع المعلومات والتعامل مع برامج الكمبيوتر فى إدخال وتحليل المعلومات والأرقام وهى البرامج التى سبق أن تدربنا عليها فى الخارج ولكن للأسف لم يتم الاستفادة منهم فى مشروعات أخرى تتبع برنامج الإحصاء هذا» خريطة للوقاية أهمية هذا الإحصاء كما يقول دكتور إبراهيم أن تكون لدينا أرقام سنوية لكل من يصابون بالسرطان فى مكان معين ومحدد فيها نسب الإصابة حيث يعطينا تصورا حقيقيا عن مسببات المرض ,فمثلا الإصابة يسرطان الكبد مرتبطة بالالتهاب الكبدى الوبائى والالتهابات الكبدية الفيروسية وهو ما يعنى أن تقليل نسب الإصابة بهذه الأمراض سيمنع أو على الأقل يخفض من نسبة الإصابة بالسرطان ,على الجانب الأخر فإن الإصابة بسرطان الثدى بين النساء تصل إلى 45.4 بين كل 100 ألف امرأة سنويا هذه النسبة يمكن تخفيضها تماما لو وضعنا برنامجا قوميا للكشف المبكر لان هذا الاكتشاف يمكن أن يخفض تكلفة العلاج لعشر قيمتها فمثلا لو أن علاج السرطان فى المرحلة الثالثة يتكلف 100 ألف جنيه فالاكتشاف فى المرحلة الأولى لن يزيد على 10 آلاف جنيه . وبشكل عام كان يفترض أن تكون توصيات الكتاب وإحصائياته تأخذها الدولة كقاعدة لبرنامج قومى للوقاية من السرطان والتى لها أهمية كبرى سواء فى عملية المنع أو الاكتشاف المبكر ولو كان لدينا نحو 262 إصابة بالسرطان سنويا فهذا بالمقارنة بدول أخرى يعتبر رقما غير مرتفع, فبعض الدول الأوروبية يصل حجم الإصابة بها لأكثر من 400 إصابة لكل مائة ألف نسمة ولكن رغم ذلك هذه البرامج تقوم بأكثر من دور منها منع الإصابة أصلا وهذا يمكن فى حالات سرطان الكبد والمثانة وسرطان الجهاز التنفسى , مسبب سرطان الكبد الأساسى كما قلنا هى الفيروسات الكبدية وسرطان المثانة بسبب البلهارسيا بينما سرطان الجهاز التنفسى التدخين , وهناك علميا 12 نوعا من أنواع السرطان يمكن منعها ثم هناك أنواع أخرى يمكن أن تكتشف مبكرا وهذه هى المرحلة الثانية التى يجب أن تكون فى المشروع وهذه البرامج شديدة الأهمية فى سرطان الثدى بالذات والذى يعتبر اعلى المعدلات فى الإصابة لدى السيدات وغالبا ما يتم اكتشافه متأخرا فى المرحلة الثالثة مثلا وهو أمر غير معتاد فى الخارج وتكون النتيجة تكلفة عالية جدا فى المال وفى صحة المرأة وحياتها وتسبب فى نسبة كبيرة الوفاة , أما المرحلة الأخيرة من هذا البرنامج المفترض فهى العلاج التلطيفى للمرضى الذين وصلوا لحالة متأخرة من المرض وهؤلاء للأسف يقضون الفترات الأخيرة فى حياتهم فى عذاب حقيقى ولا تتوافر لهم الرعاية التلطيفية المناسبة لتقليل هذا الألم لعدم وجود ميزانيات كافية لهذا , وهذه الميزانيات يمكن تخفيضها للعشر فى حالة الاكتشاف المبكر كما هو معروف عالميا كما أن تكلفة الوقاية نفسها لا تزيد على عشر تكلفة العلاج هذا التوفير سيدعم المرضى الذين يعانون من المراحل المتأخرة وفى النهاية سيقلل الكلفة الاقتصادية للمرض الأكثر خطورة». السرطان فى أرقام معدل حدوث السرطان حسب التعريفات والمعايير العالمية يعنى عدد الحالات التى تصاب بالمرض سنويا لكل 100الف مواطن , آخر تقرير وهو الذى صدر فى عام 2012 كان عدد الحالات التى أصيبت بسرطان الكبد هى الاعلى عددا وبلغت حوالى 23 حالة من بين 137 حالة متوسط الإصابة السنوية لكل 100 ألف مواطن تليها سرطان المثانة 19 حالة ثم سرطان الغدد الليمفاوية 13.5 حالة ثم سرطان الحنجرة والرئة 12 حالة فسرطان البروستاتا 6.7 حالة ثم البنكرياس 4.5 حالة فالمخ 4.5 حالة فالقولون 3.6 حالة وبالنسبة لإصابة النساء بالسرطان يبلغ عدد حالات الإصابة سنويا 125 حالة اعلى معدل الإصابات هى سرطان الثدى 45.4 حالة سنويا لكل 100 ألف سيدة يليه سرطان الغدد 10.8 حالة سنويا ثم سرطان الكبد 6.2 حالة فسرطان المبيض 5.3 حالة ثم سرطان المثانة 5 حالات سنويا وسرطان الرئة 3.7 حالة والقولون 3.4 وسرطان المخ 3.2 حالة سنويا.