برزت في مصر لاسيما في النصف الأول من القرن العشرين عائلات يهودية ثرية على نحو لم تعرفه « حارة اليهود» التي كان يقطنها مواطنون مصريون أبا عن جد لكنهم أفقر من فقراء اليهود. و المدهش أن هذه العائلات انقسمت إلى شياطين باعوا بلدهم على مذبح الوطن القومي الذي وعدتهم به إسرائيل ، بينما كان الآخرون مثالا في الوطنية و الفداء . « قطاوي » عائلة مصرية يهودية ذات أصول تركية، برز عددٌ من أفرادها في النشاط السياسي والاقتصادي بأواخر القرن التاسع عشر وحتى النصف الأول من القرن العشرين، وترجع أصولها إلى قرية قطا شمالي القاهرة.. بدأ دور هذه العائلة مع نزوح أليشع حيدر قطاوي إلى القاهرة في أواخر القرن الثامن عشر، حيث حصل ابنه يعقوب على امتيازات من الحكومة للقيام بأنشطة تجارية ومالية، وكان أول يهودي مصري يمنح لقب «بك». كما حصل على لقب «بارون» من الإمبراطورية النمساوية المجرية التي حملت العائلة جنسيتها. وقد أوكلت إليه شئون الخزانة في عهد الخديو عباس الأول ، واحتفظ بهذا المنصب خلال حُكم الوالي سعيد والخديو إسماعيل، وتولَّى في أواخر أيامه رئاسة الجماعة اليهودية في القاهرة التي كانت تُسمَّى «الطائفة الإسرائيلية». وبعد وفاته في قصره بشبرا ، خلفه ابنه موسى قطاوي «1850- 1924» في رئاسة الطائفة، واختير عضوًا في البرلمان المصري، كما مُنح لقب الباشوية. كان موسى قطاوي من كبار رجال المال والبنوك، وتولَّى إدارة عدد من الشركات، وساهم في تمويل مشروعات السكة الحديد في صعيد مصر وشرق الدلتا ومشروعات النقل العام في القاهرة، بالتعاون مع عائلات سوارس ورولو ومنَسَّى. لم يكن موسى قطاوي بعيدًا عن النشاط السياسي ،كما يلاحظ الباحث د. ياسر ثابت ، فقد توسط لدى قائد القوات البريطانية في مصر، الجنرال ماكسويل، في يوليو 1916، للسماح بتشكيل «كتائب يهودية»، حتى تكون ضمن إطار جيش الجنرال اللنبي، الذي كان يستعد للزحف إلى فلسطين. وبالفعل، تم تشكيل تلك القوات، وسُمِحَ لها بوضع «نجمة داود» على مقدمة قبعات جنودهم، تمييزًا لهم. بعد وفاة موسى، انتقلت رئاسة الطائفة إلى يوسف قطاوي الذي استطاع بمواقفه الوطنية محو مواقف سلفه موسى ! اختير يوسف عضوًا في عدد من المجالس الاستشارية للمؤسسات الصناعية والمالية المهمة مثل البنك التجاري المصري، والبنك العقاري المصري، وشركة مياه القاهرة. واشترك الرجل في عام 1920 بالتعاون مع طلعت حرب ويوسف شيكوريل في تأسيس بنك مصر. وفي عام 1915، كان يوسف قطاوي عضوًا في الوفد المصري الساعي إلى التفاوض مع بريطانيا لنيل الاستقلال لمصر، كما اختير عام 1922 عضوًا في اللجنة التي أُسندت إليها مهمة وضع دستور مصري جديد عقب ثورة 1919 والتصريح البريطاني بمنح مصر استقلالها الشكلي. اختير يوسف قطاوي وزيرًا للمالية عام 1924 ثم وزيرًا للمواصلات عام 1925، وانتُخب عام 1923 عضوًا في مجلس النواب عن دائرة كوم أمبو، كما كان عضوًا في مجلس الشيوخ في الفترة من 1927 وحتى 1936. وقد تزوج من عائلة سوارس، وكانت زوجته أليس وصيفة أولى للملكة نازلي زوجة الملك فؤاد، ووصيفة للملكة فريدة زوجة الملك فاروق. . عقب وفاة يوسف قطاوي، انتُخب ابنه أصلان ليشغل مقعد أبيه في مجلس الشيوخ، كما عمل سكرتيرًا عامًا لمصلحة الأملاك الأميرية التابعة لوزارة المالية ومندوبًا عن الحكومة المصرية في شركة قناة السويس ومندوبًا للحكومة في البنك الأهلي المصري. أما ابنه الثاني رينيه، فقد اختير عام 1943 رئيسًا للجماعة اليهودية في القاهرة. وكان عضوًا في البرلمان، كما أدار عدة مشروعات اقتصادية. وفي عام 1957، غادر الأخوان رينيه وأصلان مصر واستقرا في أوروبا.