توطدت علاقتي بالمطربة العظيمة الراحلة بعد أن كتبت عنها أكثر من مرة في جريدة الأهرام في ملحق فنون, وقمنا بمصالحتها علي الشاعرخالدتاج الدين,الذي أخذ منها موقفا بعد مباراة الجزائر,وسحب أغنيته ضميرك مستريحمنها,لكنها غنتها بعد مصالحته لها عن طريقنا, ووعدتني يومها عندما يطرح ألبومها الجديد سنجري حوارا مطولا وأبلغت هذا لزميلي محمود موسي, ويومها طلب مني أن نستضيفها في الأهرام, وأعتبرت ما قاله نوع من الأحلام التي لن تتحقق ورغم هذا أبلغتها برغبة صديقي وفوجئت إنها سعدت جدا بهذا الأقتراح,لكن قامت الثورة وتوقف ملحق فنون,لكنني فوجئت بها بعد طرح ألبومها الأخير مباشرة تتصل بي عن طريق مديرة أعمالها نجاة وتذكرني بوعدي لها بعمل ندوة في الأهرام, لكن لتغير الظروف والأشخاص أكتفيت بإجراء حوار في منزلها, وعندما فكرت في لقاء هذه السيدة العظيمة,كنت أتساءل بيني وبين نفسي: ماذا يمكن أن أجد في هذا البستان الفسيح من ورود النغم أعظم من صوتها وفنها ؟وهل يمكن أن أقدم للناس شيئا مكتوبا أحلي مما سمعوه منها. في طريقي إليها حيث تسكن في حي المنيل ظلت تطاردني خواطر مبعثرة لايجمع بينها شيئ, وكلما اقتربت من دوحتها- بيتها- ازددت توترا وتضيع حروف أسئلتي رغما عني رغم إنه ليس الحوار الأول لي معها حتي وصلت للدور21 في العمارة الشاهقة, ودخلت حجرة مكتبها, ونظرت يمينا وشمالا فوجدت بيتا هادئا ونظيفا وأنيقا والحجرة يزينها العلم الجزائري,وعلي المكتب مجموعة من الأسطوانات لصابر الرباعي وفضل شاكر وأنغام وشيرين وأمال ماهر,وبعد لحظات سمعتها تدندن من الغرفة المجاورة مقطعا من أغنيتها الأخيرة اللي ضاع من عمري, وسرعان ماتبددت كل لحظات التوتر علي أثره, وفور أن صافحت وجهها مصحوبا بحفاوة شديدة كأني لامست طيف محبة وسلام بعباراتها البسيطة التي تنم أيضا عن شخصية قوية, فهي كانت تدفعك بخفة ظلها إلي جو من الألفة في ثوان معدودات, ربما لأنها ذلك الخليط النادر القادم من تلال الجزائر وأرز لبنان ومياه النيل,وجدتها تحتضن قطها الأبيض وتدعبه, وأمامها علي الحائط ثلاث صور قديمة لها الأولي صورة لها مع عبدالحليم حافظ مكتوب عليها مشروع فيلم,والثانية تجمعها بالرئيس الراحل جمال عبدالناصروهو يعطيها وسام بعد غنائها في نشيد الوطن الأكبر,والصورة الثالثة تجمعها بالموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب, والمطربة الراحلة فايزة أحمد, وبعد دقائق إنساب بيننا الحوار كإنسياب الماء في جدول,وكان هذا الحوار الذي نشرته في ملحق الجمعة هو الأخير لها في الصحف المصرية والعربية,وبعده بشهور قليلة إتصلت بي لتخبرني إنها لم تهاجم قناة الجزيرة, كما تردد علي مواقع الأنترنت, وإنها ستقدم ديو غنائي مع المطرب عبادي الجوهر,ونشرت هذا أيضا في ملحق الجمعة منذ أسابيع قليلة.