قبل ألف سنة في قصر الامبراطور الياباني، كانت تقام احتفالات في بعض الشهور السنة لا علاقة لها بالديانتين البوذية أو الشنتوية الأكثر انتشارا في اليابان. فالمعتقدات الشعبية اليابانية لا علاقة لها بالدين بل ترجع جذورها إلى الفكر الصيني القديم، واحتفالات القصر الامبراطوري تقوم على «تمني وافر الصحة، وطول العمر، وإبعاد الأرواح الشريرة، والكوارث، في تواريخ محددة، ويتم فيها تناول المأكولات والمشروبات المناسبة، مثل «شوربة الأرز» مع «الأعشاب السبع» يوم 7 يناير، والساكي المصنوع من الأرز مع الأقحوان يوم 9 سبتمبر، وهكذا يكون لكل يوم طقوس خاصة. وتهتم الفلسفة الصينية بنظرية «العناصر الخمسة» و« الين واليانغ» (الإيجابي والسلبي)، كما يهتم بها التقويم الياباني التقليدي. ونظرية «العناصر الخمسة» من الفكر الطبيعي، حيث تعتبر كل مظاهر الحياة مكونة من خمسة عناصر هي الشجر، والنار، والأرض، والفلز، والماء. والعنصر الأول (الشجر) دلالاته هي الأزرق والشرق والربيع والمشتري ويتم الاحتفال به في السابع من يناير، وهو يوم «تمنى وافر الصحة» طول العام. ودلالات العنصر الثاني (النار) هي الأحمر والجنوب والسيف والمريخ، ويحتفل به في الثالث من مارس، وهو يوم «تمنى وافر الصحة للبنات الصغيرات» وهو ليس عطلة رسمية في اليابان. ولا يتجمع الأقرباء فيه، ويحتفل به الوالدان والجدان فقط. والعنصر الثالث (الأرض) دلالاته الأصفر والوسط و18 يوما فاصلة بين الفصلين، وزحل، ويتم الاحتفال به في الخامس من مايو، وهو «يوم تمنى وافر الصحة للأطفال». والعنصر الرابع (الفلز) دلالاته الأبيض والغرب والخريف والزهرة، ويتم الاحتفال به في السابع من يوليو، وهو «يوم تمنى وافرالتقدم في العمل لأصحاب الحرف اليدوية». والعنصر الخامس والأخير (الماء) دلالاته الأسود والشمال والشتاء وعطارد، ويتم الاحتفال به في التاسع من سبتمبر، وهو «يوم تمنى طول العمر». وبإضافة نظرية «الين واليانغ» (الإيجابي والسلبي) تتوازن كل المكونات المتقابلة مثل الإيجابي والسلبي، الشمس والقمر، السماء والأرض، الزوج والزوجة، الأب والأم، الحيواني والنباتي، النور والظلام، الوجه والظهر، الداخل والخارج، النهار والليل، والجسد والروح، والأعداد الفردية والزوجية. وكل هذه التواريخ مكونة من أعداد فردية هي 7 يناير، و3 مارس، و5 مايو، و7 يوليو، و9 سبتمبر، أي أن الثلاثة والخمسة والسبعة والتسعة أعداد تشير إلى الحظ السعيد، ونتيجة لاهتمام الشعب الياباني بها قررت الحكومة جعلها مناسبات وأعياد رسمية وعطلات.ويعد 5 مايو من الأعياد الوطنية في اليابان ويسمونه «يوم الطفولة»، وبدأته الحكومة اليابانية عام 1948، وهو مثل يوم الطفولة المصري الذي بدأ في عهد الرئيس «جمال عبد الناصر»، ويقام احتراما للأطفال، ومساهمة في إسعادهم، وشكر الأمهات، وتقام فيه مهرجانات واحتفالات في المدن الترفيهية والحدائق العامة وغيرها. وقديما كانت البيوت اليابانية تتزين من الداخل بعرائس ذات دروع، كعادة موروثة من زمن «الساموراي»، وقلدت طبقة التجار الغنية احتفالات الساموري بتزيين العرائس بأسلحة مقلدة، وكانوا يزينون خارج المنازل بسمك الشبوط «كوينوبوري» المصنوع من القماش بدلا من الرايات الحقيقية. ففي المعتقدات الشعبية اليابانية والصينية القديمة، يصعد سمك الشبوط إلى الشلال، ويصبح تنينا، وكان المجتمع يتمنى بالمثل للأطفال أن ينجحوا مثل سمك الشبوط ويصبحوا تنينا عظيما. وعند مولد أي طفل يهديه الجد والجدة، والأقرباء، العرائس المدرعة، وأسلحة مقلدة، أو سمك شبوط مصنوع من القماش. والآن نسى كثير من شعب اليابان مناسبة يوم التاسع من سبتمبر الذي كانوا يتمنون فيه لبعضهم «طول العمر»، لكن الحكومة استحدثت يوم 15 سبتمبر كعيد وطني «لاحترام المسنين» عام 1977، وغيرته إلى يوم الإثنين الثالث من سبتمبر في 2003. لهذا يمكنني القول إن العادات الشعبية تتغير تدريجيا لأسباب كثيرة قد تطرأ على المجتمعات.