لا يكفى أن ننظر للكارثة التى حدثت فى الرويعى بعين الشفقة أو الحسرة والألم ثم نترك الأمر يمر مرور الكرام دون أن نقف أمامها طويلا. منطقة الرويعى كانت أحد أجزاء العتبة عندما تم تخطيطها ضمن القاهرة الخديوية حيث تضم اهم مؤسسات فى وسط العاصمة كأى عاصمة محترمة فى العالم وهى مبنى الأوبرا الذى احترق فى ظروف غامضة اواخر السبعينيات وتحول إلى مبنى قبيح كجراج للسيارات فضلا عن مبنى البريد والمطافى وهى ميدان رئيسى ومركزى للترام الذى كان أحد اهم وسائل المواصلات فى العاصمة قبل أن تركبنا القنزحة ونزيل خطوطه ويتم إلغاؤه مثله كمثل خطوط المترو فى مصر الجديدة ومدينة نصر التى رأى العباقرة إلغاءها وتحويلها إلى .جراجات للسيارات والفحر تحتها لإنشاء مترو للأنفاق بتكاليف باهظة وقروض خارجية. منطقة الرويعى خصصت فى التخطيط الذى كان أيام زمان لبيع الكوالين والمقابض والإكسسوارات المرتبطة بهما ولا أعتقد أن هناك قصرا أو فيلا او شقة فى القاهرة على وجه الخصوص ليس بها شيئا من الرويعى. منطقة الرويعى مطلة على حديقة الأزبكية فى وسط العاصمة وفيها النادى الملكى لرياضة السلاح أو الشيش وبها اجمل أشجار العالم وركن للموسيقى وبحيرة بها أسماك وهى أيضا كمنطقة تجاور أجمل المبانى التجارية فى العالم وهو مبنى صيدناوى الذى يماثل بالضبط مبنى جاليرى لافاييت بالعاصمة الفرنسية باريس، وهى أيضا تجاور شارع عبد العزيز الذى أنشىء للطبقة المتوسطة لتجد فيه احتياجاتها لدى محلات عمر أفندى او اوروزدى باك كما كان يسميه الذى أنشأه وكذلك بعض المحال التجارية والمطاعم وسينما، بالإضافة إلى منطقة الموسكى والأزهر التى كانت مركزا تجاريا للملابس والأقمشة ترتادها الطبقات محدودة الدخل وما حولها من شوارع مخصصة لأسواق بعينها مثل بين الصورين المتخصصة فى مواد البقالة، وكذلك سوق العتبة الذى كان يضم تحت سقفه أسواقا متعددة للخضراوات والفاكهة واللحوم والدواجن والأسماك والبقالة وكلها كانت فى غاية النظافة كأسواق باريس، وهكذا كانت منطقة متكاملة. ما الذى حدث للرويعى؟ ببساطة هو ما حدث لمصر كلها بسبب الإنفجار السكانى الذى لم يقابله زيادة فى الخدمات وتوسعات تتناسب وإحتياجات تلك الزيادة وظلت الأماكن على حالها ويتضاعف من يعيشون عليها وتتهالك المدن والأرض وما ومن عليها، ولما لم يكن لدى الدولة إمكانات للقيام بهذا العمل تركت الحبل على الغارب فظهرت العشوائيات فى كل مكان وفى كل نشاط، ومن هنا ظهر هذا القطاع الذى يمثله الرويعى والذى نتفلسف ونسميه الإقتصاد غير الرسمى والذى يسهم على الأقل بنصف إقتصاد مصر وفرص العمل، نحن أمام معضلة خطيرة: كيف نحمى حقوق الناس فى هذه الأنشطة؟ وكيف نؤمن تجارتهم وحياتهم؟ وحتى لانخترع العجلة تعالوا ندرس تجارب دول أخرى كالصين وماليزيا وأيضا نقلب فى دفاترنا القديمة ربما نعثر على قانون الباعة الجائلين الذى صدر ثلاثينات القرن الماضى. لمزيد من مقالات عصام رفعت