ينبغى التعامل بجدية مع احتمال أن تكون الشرطة مخترقة بمخرِّبين من جماعة الإخوان أو من غيرهم، يهمهم الإضرار بها وإحداث وقيعة بينها وبين فئات الشعب المختلفة! وهو افتراض يستحق الفحص والدراسة، خصوصا أن مادته صارت متاحة مع ظاهرة التصادمات المتصاعدة فى مشكلات تكاد الشرطة تكون الطرف الفاعل فى كل منها: مرة ضد المحامين، ومرة أخرى ضد الأطباء، ومرة ثالثة ضد الصحفيين، ومرات بعد مرات ضد العمال هنا وهناك، إضافة إلى وقائع القتل الفردية..إلخ، وكان مطلوباً فى كل مرة جهد خارق لكشف التفاصيل المهمة، ولإخضاع المخطئ للحساب، أو حتى التوصل إليه، وكان أقصى ما يتحقق الاكتفاء بالتهدئة التى تكون غالباً مؤقتة، ليشتعل سريعا موقف آخر فى مكان آخر! وقد وصل الأمر إلى حالة أصيب فيها البعض بالخوف من أن يكون طرفاً فى تصعيد غير مطلوب، حتى إن بعض الصحفيين المشهود لهم بالاستقامة والوطنية والحرص على المهنية، أعلنوا أنهم لا يستطيعون أن يشاركوا فى هذه الخصومة المستعرة مع الشرطة، خاصة أنه ترتب عليها أن ظهرت بوادر خطيرة عن مناوشات بين أعضاء البيت الصحفى، حتى إذا كانت بين أغلبية ساحقة وأقلية قليلة. ذلك أن ضمير هؤلاء، الوطنى والمهنى، يأبى عليهم أن يعيشوا انقساما بين فئتين صحفيتين، وأن يروا الخلاف يتجذر بين الصحفيين والشرطة. ومن دواعى العجب أن الوحدة بين الشرطة والصحافة كانت على أفضل ما يكون فى المعركة ضد الإخوان، وكانت الكتلة الرئيسية فى كل ناحية منهما على أتم استعداد لتصفية خلافات احتدمت فى عهد مبارك، بعد أن أعلنت الشرطة فى 30 يونيو أن الخطأ كان من قياداتهم التى تورطت فى سياسات مبارك، كما أبدى عدد من رموز العمل الصحفى نية فى الصفح وبداية مرحلة وطنية جديدة، خاصة مع بطولات لرجال الشرطة فى مواجهة إرهاب ما بعد الإطاحة بالإخوان. فكيف تدهورت الأمور إلى هذا الدرك؟ الأمر جلل، ولم يبق إلا أن يضع الرئيس السيسى هذا الملف بكل مشتملاته على رأس أولويات العمل فى المرحلة العاجلة، لإنقاذ الشرطة من نفسها، خوفا على أمن الوطن. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب