بعد فترة وجيزة من استلامي العمل بقسم المعلومات طلبني الأستاذ محمد حمدي رئيس القسم وسلمني طلبا باسمي لأقوم بتوقيعه من الأستاذ رئيس التحرير لتقديمه لنقابة الصحفيين وفعلا تقدمت أنا ومجموعة كبيرة وتم قبولنا لمدة سنتين تحت التمرين انتهت في أكتوبر 1978. وكنت أقوم بأي عمل في أي وحدة من وحدات المعلومات كلما احتاج الأمر بغير ضجر ولا ملل علي عكس سلوك كثيرين من داخل القسم أو خارجه ويكفي أنه ينطبق عليه النصيحة الغالية التي تعلمناها في الصغر: لا تؤجل عمل اليوم للغد فلكل يوم كمية عمله الجديدة. وبعد أسابيع قليلة تم تكليفي باعداد بعض الأبواب الثابتة وهي: حدث في مثل هذا اليوم وفي الأهرام من 75 سنة وينشر يوميا وحدث في مثل هذا الأسبوع وينشر كل يوم خميس، وبدأت اعداد المواد لمدة أسبوعين ثم اقترحت علي الأستاذ رئيس القسم أن يتم كتابة هذه الأبواب علي الآلة الكاتبة والشهر كاملا فوافق مشكورا. وفي أول مرة قدمتها علي هذا النحو للأستاذ فريد مجدي رحمه الله ربت علي كتفي قائلا: فتح الله عليك هذا هو العمل المنظم والمطلوب. وشكرت الله سبحانه وتعالي علي هذا التوفيق وعلي هذا الثناء من صحفي كبير احتك به لأول مرة. وكان لإعداد هذه المواد بجوار العمل الأساسي بالقسم جدوي عملية حيث وفقني الله عز وجل من الاستفادة منها بشكل مقبول مما شجعني علي الكتابة في عدة موضوعات كان من أحبها لنفسي: من ميراث الرسول صلي الله عليه وسلم ومسلمون في كل مكان إلي شخصيات إسلامية ومن أمثالنا العامية. أما الأقوال المأثورة فكان لها جميل الأثر سواء في أسلوب المعالجة الأدبية وحتي السلوك الحياتي نفسه فهي كبسولة فكرية مفيدة ومركزة في مختلف نواحي الحياة وتكاد تكون رأس موضوع قائم بذاته ولا بأس من ذكر نموذج منها: بصفة عامة: حب الوطن من الإيمان الدين عميق فأوغل فيه برفق. اتقان العمل فريضة، العمل شرف غد الكسالي لا يجيء الوقت من ذهب. من زرع حصد من جد وجد - القناعة كنز لا يفني والطمع يضيع ما جمع. اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية - ساعد الناس يساعدك الله. وفي السياسة قليل منها: الدول تؤتي من أطرافها لو لم أكن مصريا لندمت كثيرا. لا تقل لي شيئا ودعني اراك من أفعالك وسلوكك. لإقامة دولة قوية قانون جيد يطبقه رجال مخلصون الاقتصاد تتبعه السياسة. هذه مجرد رؤوس موضوعات مهمة بغير الغوص في بحار الجدل ألم يقولوا إن الشيطان يسكن التفاصيل التي تضيع الوقت وتزرع الشقاق. كثيرون يتأففون من كلمة محرر بدلا من صحفي إلا أنه لا غضاضة عندي من الحرص علي كلمة محرر والحمد لله كل ما قمت به بجانب العمل الجهد لأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ويكفي الاشارة لهذا الموقف الذي كان يسعدني: لقد تعاون فضيلة الشيخ محمد حافظ سليمان - رحمه الله - مدير عام الوعظ بالأزهر في إعداد العديد من الموضوعات وتم نشرها في الأهرام ومجلة الشباب وكان يتصل بي عقب نشر أي موضوع ويخبرني أن وزير الأوقاف راض عن الموضوع الذي تم نشره جرعة نشاط متواضعة. وهناك موقف طريف عند اداء واجب العزاء للأديب الكبير إحسان عبدالقدوس رحمه الله جلست في أحد الصفوف في مدخل سرادق العزاء وبعد قليل حضر الكاتب محمد حسنين هيكل وجلس بجواري كتفا بكتف! وأنا اكتم ابتسامتي انها ارادة الله أن أجلس بجوار هذا الكاتب الكبير ذى القامة والقيمة مصريا وعربيا.. لقد أخبرني والدي بعد التحاقي بالأهرام بأنه كان يعرف والده حيث كانا يعملان في تجارة الأقطان. شهادة حق لقسم المعلومات: من الدكتور فوزي نجار وهو أستاذ جامعي أمريكي من أصل لبناني حضر إلي قسم المعلومات وكان يحرص علي الحضور كل يوم جمعة حيث الهدوء نسبيا مع قلة عدد المترددين علي القسم وقال لنا إنه زار أقسام المعلومات في عدة صحف في سوريا ولبنان ومصر ولكنه وجد أسلوب العمل عندنا أفضل من حيث كمية المعلومات وتنظيمها وأسلوب العمل.. مما اراحنا نفسيا. لمزيد من مقالات عثمان الجوهرى