بمناسبة مرور 140 عاما علي صدور جريدة الأهرام الغراء التي هي عشق كبير لكثيرين منا.. هنا مرت بالذاكرة هذه الخواطر السريعة من أحد الجنود المجهولين الذين قدموا عرقهم وجهدهم في اخلاص وبأمانة في قسم المعلومات علي امتداد ثلاثين عاما كاملة من يناير 1976 حتي يناير 2006 بعيدا عن الأضواء, لقد اكتفي كاتب السطور والحمد لله بمورد رزق حلال واحد هو مرتب متواضع من الأهرام في رضا وقناعة ولم يقبل أن يكون له شريك في أي جهد قدمه وحافظ عليه حتي اليوم علي ارتداء عباءة الأهرام ليكون عنوانا جيدا يليق بعظمة هذه المؤسسة العريقة ليس بالكلام فقط بل بالفعل والسلوك الحسن وليس من المبالغة القول إن الزملاء المحررين يقرأون قصاصات أي ملف أو كلاسير بقسم المعلومات يشمون فيه رائحة العرق فيها المبذول منا. بل أكثر من ذلك أن بعضنا يستطيع والحمد لله احضار بعض الملفات التي قد تطلب منه حتي ولو في حالة انقطاع التيار الكهربائي الذي كان قليلا ما يحدث بالاضافة إلي امكانية الاجابة علي كثير من الأسئلة من الذاكرة بشكل مطمئن من صحتها بفضل الله تعالي. بهذه المناسبة يسرني أن أوجز حكاية شرف انتسابي لبلاط صاحبة الجلالة المتمثلة في عميدها الأهرام كحلم عزيز لكثيرين، لقد قابلت الأستاذ الفاضل محمد حمدي رئيس قسم المعلومات في أكتوبر 1974 حيث قدمت له طلبا ليكون لي شرف الانتساب لأسرة الأهرام وقدمت له ثلاثة موضوعات قد تم نشرها لي كان أحدها عن معني حديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي يقول فيه: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه, كأمر تكليف لكل واحد منا لإتقان عمله وتجويده لخيره ولوطنه. وأوضحت في هذا الطلب أسباب هذا الأمل وبعد اطلاعه سريعا علي هذه الموضوعات مازلت أتذكر جيدا ما قاله لي أمد الله لنا في عمره إن الأهرام هو الذي يحتاج لك ولأمثالك أكثر مما تحتاج إليه. هذه المقولة أثلجت صدري ونزلت علي قلبي بردا وسلاما وأشعلت شمعة الأمل داخلي. والحمد لله تحقق هذا الحلم في يوم الخميس الأول من يناير 1976. في عام 1978 طلب مني الأستاذ رئيس قسم المعلومات التوجه لقسم المحفوظات بالأهرام للبحث عن تاريخ وصول سيدة الغناء العربي أم كلثوم للقاهرة وماذا كتب الأهرام عنها في بداية حقبة العشرينيات من القرن الماضي وأثناء البحث عن المطلوب وجدت جدي لأبي وجدي لأمي قد بعثا خطابا للأهرام في شهر أغسطس 1923 يؤيدان فيه مرشح الوفد المصري عن دائرة كفر صقر شرقية.. طبعا كانت سعادتي بالغة عند قراءته ومن باب الذكري قمت بنقله. بعد انتخابات مجلس الشعب في آخر حقبة السبعينيات من القرن العشرين ذهبت مع الأستاذ سامي متولي أمد الله لنا في عمره ومتعه بالصحة. لمحرر بقسم المعلومات لإعداد استمارة بيانات عن كل عضو مع تصويره حتي نقوم بفتح ملف معلومات وصور بقسم المعلومات, رأيت الأستاذ سامي متولي يتقدم نحو أحد أعضاء مجلس الشعب للتهنئة علي اعادة انتخابه وكان من احدي محافظات الدلتا لكن العضو سمعته يقول بصوت مسموع: لا يا عم أنا زعلان منكم ومن الأهرام! بحدة رد الأستاذ سامي قائلا: لماذا لقد تم نشر موضوع معك في احدي الصحف الاسبوع الماضي علي امتداد نصف صفحة مع عدة صور, لكن رد عليه النائب قائلا: يا سيدي أنا عايزكم تشتموني ولو في خمسة سطور عندكم في جريدة الأهرام! ويوم اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات رحمه الله عدنا لمنازلنا في الساعة الرابعة من فجر يوم 7 أكتوبر 1981 كنا مع الأستاذ سامي متولي وكنا جميعا نتوقع منه أن يتحدث لنا عن ظروف هذا الحدث الجلل وبواعثه ومن وراءه ولكن كعادته كان كتوما علي عكس كثيرين غيره الذين يفتحون صنابير الكلام عن آخرها بالحق والباطل! وأيضا في اليوم التالي في الساعة الواحدة من منتصف ليلة يوم 8 أكتوبر عدنا إلي منازلنا في حب وعشق دون بحث عن أجر اضافي أو بدل سهر ولا أي حوافز أخري.. والحمد لله تكفينا نقولها من القلب بصدق. أثناء مراجعتي بروفات الأهرام بالدسك المركزي طلب مني الأستاذ مكرم محمد أحمد أمد الله لنا في عمره احضار ملف صور الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة وملف المعلومات حيث وردت برقية من احدي وكالات الأنباء عن دخوله لأحد المستشفيات في زيوريخ بسويسرا حيث كان يقضي أجازة بها. لكن شاءت إرادة الله أن يتوفي لرحمة الله تعالي بعد ذلك بأكثر من خمسة عشر عاما.. سبحان الله. حفظ الله لنا الأهرام من عاديات الزمان وبعض بشر هذا الزمان.يا سادة من فضلكم حافظوا عليه كرمز وقيمة شامخة. لمزيد من مقالات عثمان الجوهرى