تبدأ الأممالمتحدة، فى الفترة القادمة، الاستعداد لاختيار ممثل قارة إفريقيا، ليحتل المقعد الدائم فى مجلس الأمن. وفى اعتقادي، أن مصر هى أكثر الدول المؤهلة لشغل هذا المقعد، عن قارة إفريقيا، وذلك لاعتبارات عديدة، لعل أهمها أن مصر هى أول من فكرت، وبادرت بإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية، فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر ... وأن مصر هى أكثر الدول الداعمة لحركات التحرر فى إفريقيا فى الفترات الماضية ... وأن مصر ساندت نيجيريا عند تعرضها لحركات انفصالية، فى إقليم بيافرا، ووصلت مساندتها إلى حد التدخل العسكرى بالقوات الجوية المصرية، لمعاونة الحكومة النيجيرية فى التصدى للحركات الانفصالية، ومن ثم المحافظة على وحدة نيجيريا، المستمرة حتى الآن ... وأن مصر قد ساعدت العديد من الدول الإفريقية، فى فترات عديدة، على تنفيذ مشروعاتهم القومية الكبري. واليوم، ونحن على أبواب فترة جديدة، أراه لزاماً علينا العودة إلى إفريقيا، بغرض استعادة الأصدقاء القدامي، الذين برزوا واشتدت أواصر العلاقات معهم إبان حكم الرئيس عبد الناصر، ثم ما لبثت تلك العلاقات أن شهدت فتوراً، وإهمالاً فى فترات لاحقة. وفى سبيلنا إلى استعادة تلك القوة فى العلاقات، أرى أن أول ما يجب علينا فعله، هو إنشاء وزارة دولة للشئون الخارجية، يكون على رأس أولوياتها إدارة العلاقات الإفريقية، تماماً مثلما حدث من قبل، عنما تولى الدكتور بطرس غالى تلك الحقيبة الوزارية، على أن يبدأ الوزير الجديد فى الاتصال بكل الدول الإفريقية، عارضاً ترشيح مصر للمقعد الدائم فى مجلس الأمن عن قارة إفريقيا، مدعوماً بخطة متكاملة للتعاون مع الدول الإفريقية، لضمان تأييدهم لمصر، خاصة فى ظل رغبة دولة جنوب إفريقيا على المنافسة على ذلك المقعد فى مجلس الأمن، وكذلك نيجيريا، التى رأت أن تجرب حظها هى الأخري. وفى حين قد تبرز دول أخري، إلا أن هذه الدول الثلاث، مصر، وجنوب إفريقيا، ونيجيريا، هم من أعلنوا بالفعل اهتمامهم، ورغبتهم فى الترشح لشغل هذا المقعد فى مجلس الأمن. ومن هذا المنطلق، يجب أن توضع الآن، خطة متكاملة فى وزارة الخارجية المصرية، يتم التصديق عليها من مجلس الأمن القومى المصري، لتحقيق هذا الهدف. ويجب أن تشمل هذه الخطة الدور المنوطة به كل وزارة، فى الحكومة المصرية، لتحقيق أكبر تقارب مع الدول الإفريقية ... فى إطار «الخطة المتكاملة»... كما يجب أن تقدم وزارة الخارجية المصرية، كل الدعم اللازم للمنظمات المصرية، التى تتعاون مع الدول الإفريقية الصديقة، لإبراز الدور المصرى فى هذه الدول. فضلاً عن ذلك، يجدر بمندوب مصر فى الأممالمتحدة، فى موقعه الحالى كممثل غير دائم بمجلس الأمن، أن يصب تركيزه على حل المشاكل الإفريقية، وخاصة تلك القائمة منذ عشرات السنين، سواء المشكلات العرقية، أو مشكلات الحدود، وهو ما يعنى أن تقدم كل وزارة مقترحاتها، للعمل فى هذا الإطار ... فوزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، على سبيل المثال، يجب أن يعملا على توفير عدد، أو نسبة محددة، لقبول الطلاب الأفارقة فى المؤسسات التعليمية المصرية، وإعلان عن هذه الأرقام، بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية، أو وزارة الدولة للشئون الخارجية. علماً بأن هؤلاء الطلاب، سيمثلون خير سفراء لمصر عند عودتهم إلى بلادهم. وهكذا الحال بالنسبة لجميع الوزارات المصرية، على كل أن يضع خطته، وآليات تنفيذها، التى تخدم التوجه العام للدولة نحو إفريقيا. ولا يفوتنا هنا التركيز على الدور المحورى لوزارة الصناعة والتجارة، لتأمين كل الاحتياجات الصناعية لتلك الدول الإفريقية. أما على المستوى الشعبي، فأعتقد أن مجلس النواب الحالي، سيكون له دور كبير ومهم فى هذا الشأن. فالبرلمان المصرى المنتخب، بأعلى نسبة شفافية فى تاريخه، شهدت بها المنظمات المحلية والدولية على حد سواء، سيكون موضع اهتمام، وتقدير، واحترام، برلمانات الدول الإفريقية. خاصة بوجود اللواء حاتم باشات على رأس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، وهو من خيرة رجال القوات المسلحة المصرية، وله خبرات عديدة فى مجال العلاقات الإفريقية، قبل انتخابه لعضوية البرلمان، وهو ما سيمكنه من أداء دوره باقتدار وإتقان. وإن كنت له ناصحاً، فنصيحتى له أن يبدأ، فى الحال، بفتح قنوات اتصال مباشر مع برلمانات الدول الإفريقية، بل والترتيب لزيارة تلك البرلمانات، بصحبة عدد من الأعضاء ذوى الصلة بالتعاون مع إفريقيا فى مختلف المجالات، وذلك لشرح موقف مصر، وأحقيتها فى الترشح للعضوية الدائمة بمجلس الأمن، عن قارة إفريقيا. ثم دعوة ممثلين عن تلك البرلمانات لزيارة مصر، والتواصل مع مؤسساتها الدستورية والتنفيذية، لترسيخ التوجه المصري. كما أرى أهمية أن تشتمل الزيارات البرلمانية للدول الإفريقية، على وفود شعبية ممثلة لكل أطياف الشعب المصرى برجاله ونسائه وشبابه، بمسلميه ومسيحييه، بتوزيعهم الجغرافى بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب، للتعبير عن وحدة الشعب المصري، والتفافه حول هذا المطلب. وفى هذا الصدد، يتعين على مجلس النواب المصري، متابعة مطالب الدول الإفريقية من مصر، والعمل على تحقيقها، فى حدود الإمكان. وعموماً، أنا على يقين بأن اللواء حاتم باشات، ومعه باقى أعضاء البرلمان، سيشكلون قوة إقناع، وضغط شعبي، على هذه الدول الإفريقية، وحكوماتها، وبرلماناتها. إن الاقتراب من إفريقيا، فى الفترة القادمة، مطلب قومى ، وأحد أهم ركائز تحقيق الأمن القومى المصري، باعتبار إفريقيا امتداداً رئيسياً، واستراتيجياً لأمننا القومي. إن مصر ... بعظمتها ... وقدرتها ... وتاريخها العظيم ... قادرة على تحقيق هذا الهدف فى الفترة القادمة، إذا أحسنت استغلال كل إمكانات هذا الوطن... عسكرياً... واقتصادياً ... وثقافياً ... وتعليمياً ... فى إطار خطة شاملة، يتفرغ لها ويدير منظومتها وزير دولة للشئون الخارجية. لمزيد من مقالات لواء أ. ح. د. م. سمير فرج