ديننا الحنيف يرشدنا إلى أنه لابد من تعاون كريم نبيل، وتحاب صادق إذا أردنا تحقيق الآمال، والوصول الى ما نريده من النهضة والتقدم والمجد، وفى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم سعد المسلمون بدروس كريمة خالصة تدعو الى التعاون، يساندها قوله تعالي: »وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان«. كما سعدوا بدروس جليلة تحث على الإخاء الصادق المتين والتحاب الطاهر الحميد، يؤيدها قوله سبحانه: »إنما المؤمنون إخوة«، وقوله: »والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض«. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحض على أخوة قوية، تبجل التعاون، وتدعم مسيرته. ويحيطها برعاية كاملة، ويمنحها فيضا من خلقه العظيم. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: »المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا«. ويقول: »المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم حرام ماله ودمه وعرضه. إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، ألا لا يبيع أحدكم على بيع بعض. وكونوا عباد الله إخوانا.. ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث«. إن التعاون عمل صالح نبيل، وجهد مبارك شريف، يحتاج اليه المجتمع لارساء أركانه وصيانة بنيانه، وهو أساس أخوة وثيقة العري، تؤلف بين الناس، وتجعل منهم على اختلاف الأمكنة والأزمنة، وحدة راسخة منيعة، لا تنال منها العواصف الهوج. يقول سيد المرسلين: »المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة«. أما التحاب المحمود فهو سبيل جنى ثمرات طيبة، واكتساب فضائل كثيرة. إنه يحض على التواد والتعاطف والتراحم، ويحمى الترابط القوي، الذى يشيع الأمن والسكينة والسلام والوحدة. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمي«. ويقول: »لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا. ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم«. إن التحاب لابد منه عندة دخول الجنة. وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من التقاطع وترك السلام، وبين أنه حرام، قال عليه السلام »لا يحل لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذى يبدأ بالسلام». ولكى يستمر التصافى والتحاب، وتتحقق الوحدة حذر الرسول من الظلم والشح» ونهى عنهما فقال: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم»، وعنايته بالتحاب النبيل الطاهر يدل على أنه يصون المجتمع ويبث الأمن. ويضمن علاقة وطيدة، وأخوة متينة، هى روح الإيمان الحي، ولباب وحدة حصينة. ولذا حارب رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما يضر علاقات المحبة والتعاون. ونهى عن كل عوامل الكراهية، وما يقود إلى التباغض والتدابر والتحامد والتنافس وغيره. فقال: «ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا». ولم يقف عند هذا الحد فقد نهى عن تتبع العورات، واللمز وتعيير الناس بعاهاتهم أو خصائصهم البدنية والنفسية، والشماتة فى آلامهم، والابتهاج بعثراتهم، وغير ذلك فهذه الاشياء تعادى التحاب، وتضر الإخاء، إخاء العقيدة الخالصة لوجه الله، إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعزز هذا الإخاء، ويحميه مما يكدره ويحفظه من كل ما يسيء إليه، يقول الهادى الأمين: «لا يحل لمسلم ان يروع مسلما«. ويقول أيضا: »من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه فيها بغير حق أخافه الله يوم القيامة«. لمزيد من مقالات د. حامد شعبان