حفظ الاسلام حق الأمن والأمان، فصانه وحرسه ورعاه، ليحقق طمأنينة النفس، ويزيل الخوف، ويبث التواد والتعاطف، وينشر الإيناس والبر والتراحم، ويشيع العدل والاحسان فهو رسالة خير وسلام واستقامة وصلاح وعطف على البشر كلهم يقول سبحانه: (إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى) ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة). إن المسلم ظهير لأخيه فى السراء والضراء، يحظى معه بعواطف الود المصفى، وروابط الاخلاص العميق، ويقدر مشاعر الصداقة النقية، ويجل التحاب، ويبغض كل ما يحارب الأمن والأمان. يقول تعالى: «ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين» ويقول أيضا: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان». ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على رعاية الأمن والأمان، ويهتم بالتأمين والسلام والطمأنينة، وكل ما يحفظ الود والتواصل والإعزاز والترابط يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلما» وروى عنه قوله: «من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه فيها بغير حق أخافه الله يوم القيامة» ويؤكد أن إعلان الأذى واللجوء إلى الارهاب والعنف يجلب اللعنة، ويشعل الغضب والسخط حيث يقول: «ومن أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهى، وإن كان أخاه لأبيه وأمه». وينهى عن شرور التحاسد والتباغض والتدابر، فهى عدو الأمن والأمان، وسبيل التقاطع والتصدع والتفرق والنزاع والبغضاء فيقول: «ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا.. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه». إن فضائل الإسلام تزعج صفوف أعدائه، وأخلاقه السمحة تؤرق مضاجعهم، وهو يمقت العنف والقسوة ويبغض الارهاب، لأنه عدو الأمن والأمان، ويأمر بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ويقرر أنه لا إكراه فى الدين، وأنه ليس من هدفه فرض نفسه على الناس فرضا، حتى يكون هو الديانة العالمية الوحيدة، إن أخلاق الدين السمحة تعطى غايات سامية للحياة الانسانية، وتمنح عواطف الحب المشترك، والود الشائع الذى يدعم الأمن والأمان. وحرصه على الأمن والأمان جعل الرسول يغضب حين مر فى إحدى غزواته فوجد امرأة مقتولة فقال: «ما كانت هذه لتقاتل»، ونهى عن قتل النساء والشيوخ والصبيان، ومن لا مشاركة له فى القتال. واقتداء به تمسك أصحابه بالرحمة والعدالة، ومحاربة الارهاب والبطش والعنف والجور والقسوة، فقد أوصى أبو بكر جيش أسامة بن زيد، بألا يقتلوا امرأة ولا شيخا ولا طفلا، ولا يقطعوا شجرة مثمرة وأن يدعوا من فرغوا أنفسهم فى الصوامع فى أمن وأمان. أما عمر بن الخطاب فقد حض على التقوى، وترك الفلاحين الذين لا ينصبون الحرب والشر. ومن أعظم ما صنعه الرسول صلى الله عليه وسلم فى حفظ الأمن والأمان جهده الكبير وعنايته البالغة بالتعليم والتوجيه القرآنى بحقائق الايمان، وتعاليم الاسلام التى تحرم العدوان والجور والشر، واهتمامه بتبيين ما يجب أن تقوم عليه العلاقات الاجتماعية مع الله، ومع الأخوة فى الدين، ودعوته الى السماحة والرحمة والبر والعدالة فى التعامل مع المخالفين غير المسلمين، والأمر بما أوجبه الله. وكان قيامه ببناء المسجد فى قباء نبعا صافيا للأمن والأمان، ومصدرا رشيدا للتوجيه، ومدرسة للعلم والآداب، واعتماده على الإخاء توثيق للأمن والأمان فالإخاء عمل رائع طيب، أسقط فوارق النسب واللون والوطن، وأبرز إصرار الأنصار على الحفاوة بإخوانهم المهاجرين، وأثبت انتهاء نوازع الأثرة والشح، وكل ظواهر التفرق والتعالى، وثبت الأمن والأمان ، أما عن صلة الأمة الاسلامية بغيرها، وعلاقة المجتمع المسلم بمن لا يدين بالإسلام فقد نظم الرسول العلاقات بين سكان المدينة، وكتب فى ذلك كتابا أو صحيفة بين المهاجرين والأنصار واليهود، فتم تحديد أسس الأمن والأمان، ودستور الأمة والحريات وحقوق الانسان وغيرها فى وثيقة شاملة حكيمة نفيسة، تحمى العدل بين الناس، وتدعم المساواة والسلام والتسامح والتعاون والوئام. لمزيد من مقالات د. حامد محمد شعبان