وضعت عاصفة الغضب المشتعلة تجاه الإعلام الرسمي أوزارها وسكن الهدوء الشارع بعد انفتاحه الكامل علي تيارات سياسية مختلفة يناقش القضايا المجتمعية بحياد وموضوعية. بينما سكنت نار الغضب المتقدة داخل ماسبيرو.. إثر اعتصامات وإضرابات مستمرة يقودها العاملون في قطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون للمطالبة بتحقيق مطالب فئوية. وأصبح المشهد مليئا بتفاصيل وأوضاع قاسية تنذر بخطر جسيم يهدد استقرار الإعلام الرسمي وتوقف مسيرة تغيير محتواه ومضمونه وإصلاح التشوهات التي تضرب أداءه وتخرجه من صراع المنافسة وتزيد من تفاقم أزماته. كشفت أوضاع ماسبيرو السائدة عن استمرار المؤامرة لإسقاط إعلام الدولة وتقويض أركانه بإشاعة مناخ التحريض ودفع العاملين فيه نحو التمسك بمطالب بالية يصعب تطبيقها علي أرض الواقع في ظل أزمة مالية وإدارية طاحنة تحول دون الاستجابة للمطالب. يوما بعد يوم تتفاقم مشكلات الإعلام وتتجه مسيرته صوب الاتجاه الخاطئ وتذهب كل المحاولات أدراج الرياح لا تستطيع تغيير أوضاعه في ظل وطأة المناخ السائد وتخلي الكوادر الإعلامية عن تحمل مسئوليتها. يقف الدكتور عادل عبد الغفار أستاذ الإذاعة والتليفزيون بإعلام القاهرة متعجبا من أمر العاملين بماسبيرو قائلا: اختصر الإعلاميون مطالبهم في أمور مادية أتصور أن وقف تحقيقها غير مناسب لأن تحقيقها يزيد الأوضاع داخل ماسبيرو تعقيدا ويدفع قطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون إلي الغرق في دوامة الديون, كم كنت أتمني انتفاضة إعلامية قوية يقودها العاملون في ماسبيرو لتحقيق استقلالية كاملة لحرية الرأي والتعبير وإعادة بناء نهضة إعلامية قوية تعبر عن طموحات الشعب وثورة25 يناير وتخرج الإعلام من كنف السلطة لتعيده إلي مالكه الأصلي المواطن في كل مكان.. أضاع الإعلاميون تحقيق تلك الفرصة في وقت يعد الأفضل والأنسب لبناء مكاسب في إعادة صياغة العلاقة بين الإعلام الرسمي والسلطة.. انساق العاملون في ماسبيرو خلف المطالب المادية دون وعي أو فهم لطبيعة الأزمة المالية التي تكابد قسوتها قطاعات الإعلام وأصبح الاستجابة لها يدفع الأوضاع إلي حافة الهاوية. وفق تصور الدكتور عادل عبد الغفار.. فإن العاملين في ماسبيرو يتحملون قدرا كبيرا من المسئولية في استمرار أداء أجهزة الإعلام علي هذا النحو السائد الذي لم يتغير في محتواه ومضمونه وجودته.. فمازالت الأدوات التي يتم الاعتماد عليها جامدة وغير معبرة أو مواكبة لطموحات هذا الشعب الذي يتوق للحرية المسئولة وحاجته الشديدة إلي إعلام معبر عن احتياجاته وتطلعاته.. وهذا لن يتحقق في ظل المطالب الفئوية الصعبة التي يطالب بتحقيقها العاملون في أجهزة الإعلام الرسمي بينما أداء الإعلام يواجه مشاكل قاسية علي أرض الواقع ويتعين التصدي لها والتفاعل مع واقع المجتمع الجديد ولذلك فإن الإعلام الرسمي سيقع في مزيد من الفوضي طالما بقي الوضع السائد يسيطر علي أدائه وفكر العاملين فيه.. الانتباه إلي الخطر الذي ينتظره ضرورة والتخلي عن المطالب الفئوية ضرورة أيضا والبدء فورا في صياغة تشريعية تعيد بناء منظومة الإعلام علي أساس المتغيرات الاجتماعية والتفكير في واقع الإعلام ومشاكله وكيفية رسم مستقبله.. يطلق الدكتور عادل عبد الغفار أستاذ الإذاعة والتليفزيون صرخات تحذيرية جراء استمرار المطالب الفئوية للعاملين في ماسبيرو قائلا.. أصبحت القيادات الإعلامية ترضخ لتحقيق المطالب تحت حدة الضغوط وعدم تحقيق الاستقرار وإذا كان للقيادات مسئولية في هذا الشأن فإن للعاملين أيضا مسئولية مساوية.. وليس من المنطقي أن نوجه كل الاعتمادات المالية المخصصة للإعلام إلي تلبية المطالب الفئوية بزيادة المرتبات والأجور ويتم إهمال الإنتاج البرامجي وعدم تحسين جودته.. الفوضي الهدامة ووفق تقدير الدكتور عدلي رضا أستاذ إدارة المؤسسات الإعلامية ورئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بإعلام القاهرة بأنه من الخطر الانسياق خلف تلبية المطالب الفئوية التي يتمسك بها العاملون في قطاعات الاتحاد كونها لا تستند إلي منطق أو رؤية وتسهم في إضعاف أجهزة الإعلام وتقويض الرسالة التي تقوم عليها يفترض أن تكون هناك مطالب مشروعة قابلة للتطبيق علي أرض الواقع.. لكن ما نراه اليوم من العاملين يختلف في مضمونه ويتنوع من قطاع إلي آخر مما يوجد من هذه المطالب نوعا من الفوضي الهدامة.. الإعلامي بطبيعة الحال أكثر حرصا علي تحقيق الاستقرار ولست أدري لماذا يسعي الإعلاميون في ماسبيرو إلي كسر تلك القاعدة وإشاعة الاضطرابات في مكان لا يحتمل كل هذا العبث.. يضع الدكتور عدلي رضا المسئولية كاملة علي عاتق العاملين في ماسبيرو أثر عدم الإسراع في تطوير وتحديث الشكل والمحتوي وتقديم إعلام جاد قائلا: من المستحيل تقديم خدمة إعلامية تواكب طموحات شعب جرفه الحنين نحو بناء إعلام يلبي احتياجاته ويسعي للتفاعل معه.. الواقع يكشف عن فساد في الرؤي ومنهج العمل ولن يستطيع الإعلام الصمود تجاه حالة الغضب الداخلية التي يعبر عنها أبناؤه علي نحو يعمق المشاكل ويزيد أوضاعه تعقيدا وينجرف به إلي حافة الخطر.. الاضطرابات والاعتصامات أصبحت تشكل عبئا فوق كاهل إعلام مريض. ويقول د. ثروت مكي رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون: كم كنت أتمني أن يتحمل الإعلاميون المسئولية إلي جانب القيادات الإعلامية لتحقيق الإصلاح بدلا من إثارة الفوضي للمطالبة بأجور ورواتب يصعب الوفاء بها تحت وطأة الأزمة المالية الطاحنة التي تكابدها قطاعات الاتحاد. الإعلام في ظل تلك الأوضاع والممارسات التي يقوم بها بعض العاملين في ماسبيرو يسير في الاتجاه الخاطئ ولن نستطيع تحقيق التطوير المنشود في المحتوي والمضمون ونقدم إنتاجا يتمتع بالمواصفات القياسية وكيف نحقق ذلك المستوي للمنتج في وقت نوجه فيها أكثر من85% من الميزانية للأجور والرواتب وأهملنا الإنتاج الذي نحاول إيجاده بقروض من بنك الاستثمار.. قطاعات الاتحاد تعاني وطأة ظروف خاصة وعمالة كثيفة تحتاج إلي إعادة توظيف لاستثمار الطاقات. إذا كان للعاملين بقطاعات الاتحاد, والكلام للدكتور ثروت مكي مطالب فإن اختيار الوقت المناسب لتحقيقها أهمية بالغة.. لأنه ليس من المنطقي المطالبة بزيادة الأجور والرواتب في وقت نعاني فيه فقرا ماليا شديدا, وشبه غياب كامل للإعلانات.. قطعنا خطوات جادة علي طريق الإصلاح وفق تقدير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون ولكن كيف تستمر المسيرة في ظل المطالب الفئوية المستمرة.. وتدافع منال درديري مذيعة بالتليفزيون عن وجهة نظرها بالتظاهر والمطالبة بحقوقها المادية قائلة.. يتعين علي قيادات ماسبيرو إعادة النظر في الأوضاع المادية للعاملين بصورة تحقق هدفين أساسيين الأول بتوفير المتطلبات المادية التي تعين المذيعين علي الظهور بمظهر لائق أمام المشاهدين.. المذيع ليس موظفا عاديا يؤدي عملا تقليديا وإنما يمارس مهنة لها طابع خاص.ووفق تقدير محمد عادل مخرج بالتليفزيون فأنه مازالت هناك فجوة في دخول العاملين بقطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون والبعض يحصل علي أجور شهرية مبالغ فيها والبعض الآخر يتقاضي أجورا زهيدة ولذلك أتصور أن تطبيق اللائحة علي البرامجيين ضرورة لتحقيق العدالة وتضييق الفجوة السائدة.