من المتوقع ان يشهد الاحتياطى الاجنبى لدى البنك المركزى ارتفاعا ملحوظا ، بعد الاتفاقيات التى تم توقيعها مع المملكة العربية السعودية ، والتى ستسفر عن ضخ استثمارات بالعملة الاجنبية فى شرايين الاقتصاد ، تصل الى نحو 4 مليارات دولار. وفقا لتقديرات مصدر رفيع المستوى، حيث ستستقر ضمن الاحتياطى الاجنبى على ان يقوم المركزى بتحويل ما يعادلها بالجنيه لتمويل هذه المشروعات التى تم توقيعها بين الحكومتين ، وفى مقدمتها 1.5 مليار دولار لمشروعات تنمية سيناء ، الى جانب 120 مليون دولار لتطوير مستشفى القصر العينى ، اضافة الى مشروعات تنمية اخرى . احتياطى النقد الأجنبى ارتفع فى نهاية مارس الماضى بنحو 27 مليون دولار ، ليصل الى 16.561 مليار دولار مقابل 16.534 مليار فى فبراير ، كما ان البنك المركزى ضخ الخميس الماضى عطاء استثنائيا بمبلغ 120 مليون دولار ، بعد يوم واحد من عطائه الاسبوعى الذى يبيع فيه نفس المبلغ للبنوك لتلبية طلبات فتح الاعتمادات لاستيراد السلع الاساسية والادوية ، وخصص المركزى عطاءه الاستثنائى لتلبية الطلبات المعلقة فى هذه المجالات الى جانب مستلزمات الانتاج ، وهو ما ادى الى تراجع سعر الدولار فى السوق السوداء بنحو 5 قروش ، كما ضخ البنك خلال الشهر الماضى ما يزيد على 2 مليار دولار لتمويل واردات السلع الاستراتيجية وتغطية التسهيلات المؤقتة التى حصل عليها عملاء البنوك فى وقت سابق من العام الماضى. ومن هنا تأتى اهمية ارتفاع احتياطى النقد الاجنبى،لاسيما فى هذا التوقيت ،حيث ان ارتفاع الاحتياطى فى حد ذاته يمثل رسالة ايجابية للسوق ،ويشجع المكتنزين للدولار على التنازل عنه مقابل الاستفادة من العائد المرتفع على العملة الخضراء بالبنوك ، والتى تصل الى 5.75 % على الشهادة الدولارية 5 سنوات ، الى جانب التنازل عن العملة مقابل الاستفادة من العائد المجزى على الجنيه الذى يحقق لصاحبه نحو 48.5% عائدا تراكميا فى 3 سنوات ، وهو ما لايمكن ان يحققه الدولار ، الا عندما يصل الى 15 جنيها ، وهو امر مستحيل ، كما ان ارتفاع الاحتياطى الاجنبى يزيد من قدرة البنك المركزى على المناورة فى مواجهة المضاربات على العملة ، من خلال توظيف أدواته الفنية فى توجيه ضربات موجعة تكبد المضاربين خسائر فادحة ، لاسيما وان الرهان على اكتناز العملة الخضراء كمخزن للقيمة بدا واضحا على الرغم من رفع العائد على الجنيه مقابل التنازل عن الدولار ورفع الفائدة على الاوعية الدولارية لدى البنوك العامة الثلاثة . توظيف المركزى لادواته فى كبح جماح المضاربات ، لا يعنى تثبيت سعر الصرف والدفاع عن العملة المحلية ، فقد اعلن محافظ البنك المركزى طارق عامر ، عن انتهاج سياسة مرنة فى سعر الصرف ، تعكس قوة الجنيه الحقيقة فالمهم هو توافر الدولار وليس تثبيته ، ولكن فى المقابل – وللانصاف - فان سعر الجنيه فى السوق السوداء – كما يؤكد الاقتصاديون - لا يعكس السعر العادل وبعيد عن السعر المتوازن للجنيه ، حيث تديره وتتحكم فيه المضاربات وتحقيق المكاسب الخاصة ، كما ان جانبا كبيرا من الطلب على الدولار بالسوق الموازية لايمثل الطلب الحقيقى بل هو طلب افتعالى سواء بغرض الاكتناز او بهدف حرمان الاقتصاد القومى من العملة الصعبة ، لأغراض سياسية دنيئة ، تستهدف الاضرار بالاقتصاد وتسعى حثيثا الى رفع الاسعار . مسئولية شركات الصرافة يبقى السؤال المهم ، هل تتحمل شركات الصرافة وحدها المسئولية الكاملة عن المضاربات على العملة ؟ فى رأيى انه لايمكن ان نعفى هذه الشركات من المسئولية ، ولكنها ليست وحدها التى تتحمل المسئولية بل تتقاسمها اطراف اخرى- ربما بنفس المستوى – وفى مقدمتها شركات السيارات التى تقامر وتغامر على شراء العملة بمبالغ ضخمة من السوق وبأى اسعار ، دونما النظر الى اهمية التوقيت والتوازن ، الى جانب ذلك هناك شركات اخرى ، وهذه الشركات تراهن على غياب الضوابط والقواعد الحاكمة والرادعة فى السوق المصرية ، حيث بامكانها تحميل المستهلك اى زيادات فى اسعار السيارات مع الحفاظ على هامش ربح مرتفع دونما أية ضوابط ، ويكفى ان تعرف ان اسعار السيارات ترتفع بين يوم وآخر بنسب مرتفعة .