بعد الحرب التي أعلنها البعض علي نظام العلاج علي نفقة الدولة.. ورغم الأخطاء التي وقع فيها المشروع فإنه يظل البوابة الأخيرةللفقراء. تحقيقات الأهرام تفتح ملف العلاج علي نفقة الدولة وتناقش هذا الاقتراح من جانبه يؤكد الدكتور أحمد سامح فريد عميد طب قصر العيني ورئيس مجلس ادارة مستشفيات قصر العيني انه لابد من الاعتراف بأن علاج المريض تحت أي نظام سواء الاستثماري أو الاقتصادي أو المجاني له تكلفة, تتحملها الجهة المنوطة بالتمويل سواء كانت التأمين الصحي أو الموازنة العامة للدولة أو جهات متبرعة أو المريض نفسه, بما يضمن في النهاية تقديم خدمة طبية مقبولة وفاعلة للمرضي غير القادرين قبل القادرين. وهناك حقيقة ان المستشفيات الجامعية هي التي تتحمل العبء الاكبر في علاج الحالات المتقدمة, كما تغطي تخصصات لاتوجد بغيرها, ومعظم هؤلاء المرضي لديهم تأمين صحي ومع ذلك يلجأون للمستشفيات الجامعية دون ان يتحمل التأمين تلك التكاليف, لذلك علي الحكومة ان تنتبه بشكل واقعي لحقيقة تكاليف الخدمة الصحية المقدمة وما يتطلبه الامر من زيادة الموارد المالية للمستشفيات الجامعية من جهة وتحسين مهارات وكفاءات مستشفيات وزارة الصحة من جهة اخري حتي تتقاسم معنا اعداد المرضي المترددين. أزمة تيودور بلهارس وان كانت أزمة الدائنين تفجرت بداية مع مستشفي قصرالعيني الفرنساوي وعين شمس وما تبع ذلك من اعباء واضحة علي هذه المستشفيات رغم ثقلها, فهناك مراكز علاجية اخري تخدم قطاعا عريضا من المرضي الفقراء, ولكنها اقل نصيبا في الاهتمام, فبدون وجود ميزانية حقيقية للعلاج حيث تكفي فقط لتمويل الابحاث, يواجه معهد تيودور بلهارس للابحاث هو الاخر نفس الازمة مع وزارة الصحة. والمشكلة كما ترويخا الدكتورة جيهان الفندي رئيسة المعهد ورئيسة مجلس الادارة في ارتفاع مديونية وزارة الصحة من تنفيذ قرارات علاج المواطنين علي نفقة الدولة حتي أواخر العام الماضي الي مايزيد علي ثلاثة ملايين وستمائة الف جنيه, وادي تقاعس الوزارة عن سداد ما عليها إلي محاصرتنا باعباء ضخمة وديون لشركات الادوية تحد من توفير المستلزمات الطبية اللازمة وهو ما يدفع بشكل أو بآخر إلي تعثر تقديم الخدمة العلاجية لكل من يلجأ للمعهد من مرضي غسيل الكلي والكبد وكذلك مرضي الاقسام الداخلية. وتشير الي ان معهد تيودور بلهارس يعد من المعاهد البحثية التي تتجه ميزانيته نحو الابحاث فقط, وليس هناك ميزانية مخصصة لعلاج المرضي, حيث يصرف علي الخدمة المقدمة من ميزانية المشاريع البحثية. من جانبه يوضح الدكتور احمد اسماعيل مدير مستشفي معهد تيودور بلهارس ان اللجنة المشكلة لحصر مديونية العلاج باجر مع كافة الجهات المتعاقد عليها بلغ نصيب القوميسيون الطبي العام منها3 ملايين و637 ألف جنيه عن الفترة من قبراير2007 وحتي اواخر العام الماضي وذلك دون تكاليف الغسيل الكلوي, وكانت آخر دفعة مسددة في يونيو الماضي هي مليون وربع مليون في حين يصل حجم النشاط السنوي لاكثر من مليونين, وعلي الرغم من ذلك كان يساعدنا التسديد والتي لاتتعدي نسبته في افضل الاحوال50% علي موازنة تكاليفنا, اما حاليا فانعدم ايضا. مثال للعشوائية ماهي طبيعة وأولوية العلاج علي نفقة الدولة؟ بدأ حديثا الدكتور طارق الغزالي حرب مدير مستشفي الهلال الاسبق مستعرضا دراسته عن النظام الحالي للعلاج علي نفقة الدولة ورؤيته للتعامل مع مشكلاته. ويصف الازمة الحالية بأنها مثال للعشوائية التي انتشرت بشكل سرطاني يصعب استئصاله. فبدون هذا الشكل من قرارات العلاج علي نفقة الدولة لايوجد علاج للمرضي الفقراء, في حين انه اضر كثيرا بالخدمة الطبية وبالعلاقات الاجتماعية وأخلاقيات المهنة, والتهم مبالغ بالمليارات ذهب معظمها لمن لا يستحق. وفي هذا المجال لابد أن نلفت النظر إلي انه يصطدم بمعوقات اخري فجميع مستشفيات مصر المشاركة في هذا النظام عليها ديون كثيرة وما تمدها الدولة به هي مبالغ متواضعة لا تناسب متطلباتها وانما تبقيها متماسكة قدر المستطاع, والان عجزت وزارة الصحة عن سداد مستحقات المستشفيات من قرارات العلاج علي نفقة الدولة لتوقف وزارة المالية عن الصرف بعدما وصلت المديونية الي ملياري جنيه. وقد اشتكت وزارة المالية من ارتفاع النفقات في المستشفي الفرنساوي وعين شمس التخصصي, علما بأن هذه المستشفيات لايصدر قرارات العلاج فيها لاي شخص, الي جانب انها فيها نسبة ربح عالية, وهذا نصف الصورة, ولتكتمل الرؤية لابد من الاقرار بأن قيمة اي علاج معرضة للزيادة وفقا لحدوث المضاعفات. ويري أن كل محاولة لترشيد هذا النظام يدفع ثمنها المواطن الفقير, حيث انه لايمكن اصلاح العشوائية, بل يجب الغاء هذا النظام تماما علي ان يتم تطبيق مشروع التأمين الصحي الشامل علي جميع المواطنين وتتولي الدولة مسئولية الدفع للفقراء. ويقترح ان الازمة الحالية كان يمكن حلها بإنفاق نصف المبلغ الذي تتحمله ميزانية الدولة الان تحت هذا البند والذي اقترب من ملياري جنيه, لتعضيد ميزانيات المستشفيات لتقديم علاج مجاني بدلا من وضعها في العلاج علي نفقة الدولة الذي أسيء استخدامه.