في مقال له بمجلة أكتوبر31 مايو1987 تحت عنوان إحنا كده خوازيق تناول الدكتورالراحل حسين مؤنس الحياة اليومية, والسلوكيات الشائعة عند المصريين, واستنتج منها أن صفة الخازوق تعتبر جزءا. من تكويننا الخاص, فكلنا خوازيق علي درجات متفاوتة, وندر أن عرفت مصريا نجا من عيب الخوزقة. وهكذا في خفة دم ابن البلد الغارق في هموم الوطن, المفكر المدقق, عبر عن جزئية في شخصيتنا يبدو أنها مازالت عالقة حتي يومنا هذا, وقبل الاستطراد نتعرف علي أشهر الخوازيق التي أعدها الملك الفارسي داريوس الذي قام بإعدام3000 بابلي بها, عندما استولي علي مدينة بابل, وقد دخلت الخوازيق إلي مصر علي يد الأتراك العثمانيين, وكانت تدفع مكافآت للجلاد الماهر الذي يطيل عمر الضحية إلي يوم كامل, وقد سبقها في مصر القديمة قانون حور محب من أن السارق يعاقب بالإعدام بالخازوق!و نصل إلي أيامنا هذه لنجد أن الخوازيق لها شكل مختلف تماما, هناك الخوازيق التي يضعها أمامك, خاصة في الدوائر الحكومية موظف مكفهر نال حظه من البهدلة في الميكروباص, وهناك الخوازيق سابقة التجهيز لأي طامح إلي تحقيق نجاح ما في جميع المجالات, واسألوا الضحايا, وهناك خوازيق لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب, إذا لم يغادر المسئول مكتبه لتفقد أحوال رعيته والتحقق من الانضباط في سير العمل, قالوا: إنه يدير مسئوليته من برج عاجي, وإذا فوجئ العاملون تحت رئاسته بوجوده واطلاعه علي منظومة العمل, قالوا: إن هذا المسئول يحب الشو الإعلامي, واسألوا الوزير أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم, برغم أن ما فعله هو ما ناديت به منذ سنوات طويلة عبر بريد الأهرام, واستعنت بما كان يفعله الدكتور أدهم النقيب في مستشفاه الذي كان من أجمل المستشفيات في عهده من حيث الانضباط والنظافة والأمانة, وكانت فرائص العاملين ترتعد من جولاته اليومية, فلماذا لا يقتدي به المسئولون في كل موقع بعد أن ساءت أحوالنا في كل موقع؟. وهناك خوازيق لم تنتبه إليها الحكومة بعد أن تركت الباب مفتوحا علي مصراعيه لاستيراد سيارات جديدة من كل أنحاء العالم, ولم تفطن إلي أن السعة الاستيعابية للشوارع لا تناسب ربع ما يجري في العاصمة القاهرة, والإسكندرية مثلا, فكانت الكارثة أن توقفت الحركة في الشوارع تماما, برغم تصريحات المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة في هذا الصدد بأنه ليست لدينا شوارع تستوعب كل هذا العدد الهائل من السيارات, فضلا عن أنه لا توجد جراجات في كل خازوق آسف عمارة جديدة بعد أن تحايل ملاكها علي تحويل مساحات الجراجات إلي بوتيكات, بسبب استطاعتهم تنويم الخوازيق في المحليات! أصل إلي الخازوق الأكبر وهو كورنيش الإسكندرية, فبرغم أنه من الإنجازات البديعة التي سهلت لنا تماما سرعة الحركة والوصول إلي قلب الإسكندرية في دقائق, لكن أن يتحول الكورنيش إلي سباق رالي السيارات كل ليلة تحت سمع وبصر إدارة مرور الإسكندرية, وقلة أنفاق العبور, كل هذا أدي إلي أن يتحول كورنيش الإسكندرية إلي خازوق كبير. وأكتفي بهذا القدر من حكاية الخوازيق ورحم الله الدكتور حسين مؤنس. محاسب عبدالمنعم النمر جليم رمل الإسكندرية