تميز الدكتور بطرس غالى برؤية تجمع بتناغم فريد بين الرؤية الفكرية العلمية والسياسية فجاءت أراؤه اطروحاته رصينة وتدل على صفاء ذهنى ووجدانى وقدرة على التحليل السياسى العميق،وأستشراف المستقبل، فجاءت أفكاره قائمة على ومعلومات وحسابات دقيقة لاتخطئها العين . وظل عطاء الدكتور بطرس غالي فياضا ومخلصا لوطنه ولإفريقيا والدول العربية والعالم ومعبرًا عن انتمائه الوطني بجذوره الفكرية والثقافية والدينية المتنوعة، ومدافعًا صلبًا عن حقوق أمته العربية ومقدراتها، ومناضلًا إفريقيًا يفتخر بانتمائه لقارته وحق شعوبها فى الاستقلال والحرية والازدهار، وسياسيًا دوليًا مرموقًا يحمل مبادئ السلام والعدل والإخاء، وسفيرا لمفاهيم التواصل والتسامح والتبادل المعرفي والثقافي بين الشعوب والثقافات والأديان المختلفة. وطرح بطرس غالى أفكارا غاية فى الأهمية عن الأممالمتحدةوأمريكاوتركيا والاخوان والسياسة الخارجية وافريقيا ظل مؤمنا بها، تسرد جانبا مما ذكره فى لقاءاته الصحفية معي المتعددة. ظل الدكتور بطرس غالى يؤمن بدور الاممالمتحدة وقال أن الأممالمتحدة تحتاج لاصلاح لإيجاد ديمقراطية للنظام العالمى عند إتخاذ القرار الدولى، وكنت أتمنى أن أساعد في إصلاح الأممالمتحدة، حيث تحولت فى فترة من تاريخها من عصبة الأمم إلى الأممالمتحدة بعد الحرب العالمية الاولي، وبعد انتهاء الحرب الباردة أًصبح دورها لايقل أهمية عن فترة الحرب العالمية الأولي والثانية ولكنها بشكل مختلف وهو ما أردت أن يحدث. وأضاف كان أملي تحديدا بعد شهر من انتخابي عام 1992 أن أقوم بهذا الدور خاصة أنه بعد اجتماع مجلس الامن لأول مرة علي مستوي رؤساء الدول، طلبوا مني كأمين عام جديد أن أتولي اصلاح الاممالمتحدة وقدمت في 30 يونيو 1992 مايسمي أجندة من أجل السلام والديمقراطية للقرار الدولى والنظام العالمى ودعم دور الأممالمتحدة فى مجال حفظ السلام، وتشمل اقتراحات لاجراء تغيرات جذرية داخل الاممالمتحدة ولم تتح فرصة كافية لإتمامها، بسبب مقاومة الدول الكبرى التى وجدتها ضد مصالحها، وحتى وقتنا هذا تحتاج الأممالمتحدة إلى تنفيذها . وأشار إلى أنه لايزال يطالب بديمقراطية الأممالمتحدة حيث إن إصلاح الأممالمتحدة يتم عن طريق ديمقراطيتها وليست سلطات الدول الأعضاء بها فى أن تفعل ما تشاء، لأن هناك جانبا ضروريا يجب النظر اليه وهو أنه بجانب الديمقراطية المحلية لابد من توافر ديمقراطية دولية وديمقراطية النظام العالمى وهى قضية هامة للغاية . وقال لقد حرصت خلال عملى بالأممالمتحدة على تعزيز دور الاممالمتحدة فى مجال حقوق الانسان وتدعيم دورالمنظمات غير الحكومية لأن الأممالمتحدة عند إنشائها في عام 1945 قامت على لاعب واحد وهو الدولة،ثم ظهرت المنظمات غير الحكومية هي اللاعب غير الحكومي ، والظروف اليوم تغيرت فأصبحت لدينا هيئات ومنظمات غير حكومية وشركات عالمية عابرة للقارات ولها أحيانا دور أقوى وأكبر من الدولة ويجب أن يؤخذ هذا فى الإعتبار فى عمل الأممالمتحدة ليكون للمنظمات غير الحكومية دور . تصرفات تركيا وقال بطرس غالى أن أفضل أسلوب لكى تواجه مصر تصرفات تركيا وأردوغان بان تهتم مصر بالمواجهة والرد عليها دبلوماسيا وسياسيا والوقوف أمام تصرفاتها فى المنطقة التى تتعارض مع مصالح مصر ،والمهم هو استمرار علاقتنا بالشعب التركى والدولة التركية من خلال النقابات والأحزاب والدبلوماسية الشعبية، وسيتم بمرور الوقت التغيير في تركيا وتداول السلطة بين حزب أردوغان وأحزاب أخرى ووقتها سيكون لتراكم علاقات الدبلوماسية الشعبية أهمية كبيرة فى تحسين مستوى العلاقات بين البلدين. صورة أمريكا وأوضح بطرس غالى أن سر تفوق أمريكا على غيرها من الدول في الوقت الحالي أن لدى أمريكا قدرا كبيرا من الانفتاح على الآخر، و أنه يمكن لأي عالم مهما كانت جنسيته سواء كان هنديا أو باكستانيا أو ياباني، أن يحصل على الجنسية الأمريكية ويندمج فى المجتمع الأمريكى ويتولى ارفع المناصب ، مثل مادلين اولبرايت التشيكوسلوفاكية التي أصبحت وزيرة خارجية أمريكا، وكسينجر الألماني الذي تحول إلى أهم شخصية في الولاياتالمتحدة، وهذه القدرة علي هذا الانفتاح غير موجودة في مصر ، فقد عاشت فى مصر خلال السنوات الماضية شخصيات غير مصرية وساهمت بجهود كبيرة منها نوبار باشا الارمني الذى ساهمت أفكاره فى إنقاذ مصر فى فترة تاريخية . وطالب بطرس غالى بزيادة التعاون بين مصر وروسيا والصين لان التعددية الخارجية في السياسة والتعاون الاقتصادى مطلوبة، وتقوم على المصالح المشتركة للشعوب، وعدم الاعتماد فقط على علاقتنا باوروبا وأمريكا، ولابد أن توجد لمصر علاقات متعددة مع كل الدول الكبري ودول أمريكا اللاتينية وأندونيسيا ودول شرق أسيا ونعرف كيف نستفيد منها. علاقتنا بأفريقيا وقال بطرس غالى انه توجد العديد من الملاحظات على السياسات الخارجية المصرية تجاه أفريقيا،أهمها إهمالنا للقارة الأفريقية طوال 30 عاما وتراجع علاقتنا مع دول مهمة مثل جنوب افريقيا ونيجيريا، ودول اصبح لها نفوذ فى القارة، فانجولا كانت مستعمرات برتغالية وتتمتع بعلاقات جيدة مع البرازيل التى لها اهتمامات كبيرة بافريقيا لأنها كافحت مثلهم ضد الاستعمار، كما توجد مشروعات مشتركة بين عدة دول أفريقية و دول أخرى مثل الصين والهند التى ارتبطت معها بمصالح مشتركة ومشروعات اقتصادية وتبادل تجارى، بينما تقل مشروعات مصر فى القارة. وأشاد بالجهود التى يقوم بها حاليا الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ نحو عام ومحاولاته إستعادة دور مصر فى أفريقيا استكمالا لدور مصر خلال فترة الرئيس عبد الناصر من مساعدتها فى التخلص من الاستعمار التقليدي ، فلا توجد دولة في إفريقيا لم تأخذ مساعدة من مصر أو تلقى دعما مصريا سياسيا فى عدة مواقف في الأممالمتحدة. ودعا غالى مصر لبذل مجهود كبير لتحسين علاقتها بالقارة الإفريقية وإنجاح الدبلوماسية في إفريقيا،عن طريق مساعدة الدول الإفريقية في التنمية والطاقة واستخدام المياه والزراعة وخلق مصالح اقليمية وثنائية مشتركة معها المصريون فى الخارج. وطالب غالى بأن تكون وزارة الهجرة والمصريين بالخارج أهم وزارة في مصر، حتى يتسنى لها أن تدرس أهم ما تحتاجه البلدان الأخرى من عمالة فنية على سبيل المثال فتقوم بتدريب الشباب ومساعدتهم، حيث إن تحويلات المصريين في الخارج سوف تساعد مصر على ضخ ملايين الجنيهات، ولابد من تقديم مميزات لهم ، وتوجد أساليب كثيرة لجذبهم وربطهم بوطنهم مصر . ونبه الدكتور بطرس غالى إلى أن الدولة تواجه في الفترة الحالية العديد من المشاكل الصعبة فى قضية التنمية وقضية المياه، وقضية الانفجار السكاني، ففي العام الحالي زاد عدد المصريين 2 مليون نسمة، وبعد 5 سنوات سنزيد 10 ملايين نسمة ، فهؤلاء الأطفال كيف سيحصلون على مصدر للطعام والتعليم فى المدارس والعلاج فى المستشفيات، خاصة أن الجميع يريد الحصول على شهادة جامعية ووظيفة حكومية، ويمكننا تغيير هذا الوضع بتشجيع الأسر على إنجاب عدد أقل من الأطفال لتوفير رعاية أفضل لهم تعليميا وصحيا . جماعة الإخوان وشدد الدكتور بطرس غالى على أن أهم الأخطاء التي ارتكبتها جماعة الإخوان أثناء حكم مصر تعود لأسلوب إدارتهم الخاطىء للبلاد ، واهتمام هذة الجماعة الأصولية المتطرفة بأن تتغلب وتسيطر علي أهم مؤسسات الدولة بسرعة وهي الشرطة والقضاء والإعلام وتهميش القوى السياسية والإجتماعية الاخرى التى تخالفها ، مما جعل الشعب يرفضها ويقوم بثورة شعبية ضدها. وأوضح ضرورة العمل على تحسين صورة مصر بالخارج بعد أحداث العنف والإرهاب التي شهدتها عقب ثورة 30يونيه بسبب ما ارتكبته جماعة الإخوان من أعمال تخريب وقتل وتدمير. وقيام هذه الجماعة المتطرفة بتشويه صورة مصر دوليا. وأضاف أن مواجهة الانتقادات التى توجه لأوضاع حقوق الانسان بمصر ، يتم من خلال الأهتمام بالخطاب الإعلامى والسياسى الموجه الى الخارج وليس الداخل ، فصورة مصر بالخارج ليست جيدة وقامت جماعة الاخوان بتشويها بعد ثورة 30 يونيه، وعلينا أن نتواجد بكثافة فى المؤتمرات واللقاءات الدولية والاعلام الدولى وأن نتعاون مع المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية .