الحكم القضائى هو عنوان الحقيقة سواء صدر بالادانة أو البراءة ، فالمحكمة تنطق بالحكم بعد اطمئنان عقيدتها وفقا لما هو مطروح أمامها من أدلة وقرائن وإجراءات، كما حدث فى احدى القضايا التى صدر فيها الحكم بالبراءة مؤخرا، وفى كثير من الاحيان يصدر الحكم مغايرا لتوقعات الرأى العام ، كما حدث مع بعض رموز نظام مبارك ، وقد يصدر الحكم بعقوبة مشددة رغم التوقعات بالبراءة ، فالقاضى هو الفيصل فى تقدير الدليل واصدار الحكم . المستشار جميل قلدس بشاى الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة سابقا، يقول إن للمحكمة الجنائية أن تستخلص من اقوال الشهود وجميع عناصر الدعوى المطروحة امامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، وتقدير الدليل موكولا اليها، فمتى اقتنعت به واطمأنت اليه أخذت به، كما أن من سلطتها أن تاخذ فى تكوين عقيدتها بقرائن الاحوال وهى من طرق الاثبات الاصلية فى المواد الجنائية، وهذا يعنى ان فى تلك المواد للقاضى الحرية الكاملة فى الاطمئنان الى حكم البراءة أو الادانة، مادام يستخلص اقتناعة من جمع الادلة أو مجرد القرائن التى لها أصل ثابت بالاوراق، أن الاصل فى الاحكام الجنائية أن تبنى على المرافعة التى تبدى امام نفس القاضى، الذى اصدر الحكم وعلى التحقيق الشفوى الذى أجراه بنفسه، أذ ان اساس المحاكمة الجنائية هى حرية القاضى فى تكوين عقيدته من التحقيق الذى يجريه بنفسه ومن سماع الشهود، وهو يستطيع أن يتعرف على مدى صدق أو كذب الشاهد، لان التفرس فى حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة ومراوغته أو اضطرابه أو الرجوع فى أقواله، كل هذا يساعد القاضى فى تكوين عقيدته، وفى استخلاص ما إذا كان المتهم ارتكب الجرم المنسوب اليه، أو انه برىء، وهو بداهة يستخلص القصد الجنائى الذى هو ركن ركين فى أغلبية الجرائم، لتتشكل عقيدة المحكمة وقناعتها واطمئنانها للحكم الذى تنطق به، والذى قد لايكون متوقعا أو بعيدا عن هوى الراى العام، لان العدالة معصوبة العينين لاترى سوى الحق والعدل ولاتنطق الا بالحقيقة.