فى ساعة الذروة الصباحية، وجه الإرهاب ضربة جديدة أمس، ولكن هذه المرة فى قلب بلجيكا وأوروبا، حيث لقى 14 شخصا على الأقل مصرعهم وأصيب 96 بجروح إثر تفجيرين استهدفا مطار بروكسل الدولي، أحدهما انتحاري، بينما لقى 20 شخصا مصرعهم وأصيب 106 فى تفجير ثالث متزامن استهدف محطة رئيسية لمترو أنفاق المدينة نفسها قرب مقرات تابعة للاتحاد الأوروبي، مما تسبب فى حالة من الذعر والفوضى فى سائر أنحاء بلجيكا امتدت إلى باقى أنحاء أوروبا. وذكرت وسائل الإعلام البلجيكية نقلا عن مصادر مختلفة أن انفجارى المطار أسفرا عن مقتل 14 وإصابة 96، بينما أوقع اعتداء مترو الأنفاق 20 قتيلا على الأقل و106 مصابين، حسبما أعلنت الشركة المشغلة للمترو "إس تى آى بي". ففى تفجيرى المطار، ذكرت وكالة أسوشييتدبرس أن أحد الانفجارين وقع فى منطقة "كاونتر" حقائب المسافرين، والثانى وقع قرب مقهى بالصالة نفسها. وذكرت وكالة الأنباء البلجيكية أن إطلاق نار سبق الانفجارين فى صالة المغادرة بمطار بروكسل، كما تردد هتاف باللغة العربية. وأظهرت لقطات تليفزيونية مشاهد الدماء وأشلاء الضحايا والمصابين وهى تتناثر فى صالة المغادرة، بينما انهار سقف الصالة تقريبا. وقال شاهد عيان يدعى زاك موزون وصل على متن رحلة جوية إلى بروكسل قادما من جنيف قبل عشر دقائق فقط من التفجير الأول إنه شاهد أسقف المطار وهى تتداعى أمامه، وأنابيب المياه تتحطم تماما، ورأى المياه المتفجرة تمتزج على أرضية المطار مع دماء الضحايا. وأضاف : "إنه أمر مرعب، السقف انهار، والدماء فى كل مكان، والمصابون والحقائب فى كل مكان أيضا .. لقد كان المشهد مثل الحرب". أما المشهد قرب مدخل محطة مترو أنفاق مالبيك التى لا تبعد كثيرا عن مقر الاتحاد الأوروبى فكان أكثر إثارة للفزع، فقد أقامت فرق الإنقاذ مركزا ميدانيا للعلاج فى حانة مجاورة لعلاج المصابين، وشوهد المواطنون الخارجون من المحطة وهم فى حالة هلع، وكان من بينهم ألكسندر برانس - 32 عاما - الذى شوهد والدماء تغطى وجهه وهو يقول : "الذعر فى كل مكان". وقال شرطى كان يرافق امرأة داخل الطوق الأمنى : "هناك قتلى وجرحى لا أعلم عددهم"، بينما أفاد مراسل وكالة الأنباء الفرنسية بأن 15 جريحا على الأقل كانوا يتلقون إسعافات أولية خارج المحطة التى انبعثت منها سحابة من الدخان. وتحولت بروكسل أمس بعد التفجيرات إلى مدينة مغلقة بفعل الإجراءات الأمنية، خاصة بعد أن رفعت السلطات البلجيكية حالة التأهب على أراضيها إلى الدرجة القصوى، فتم إخلاء منطقة مطار بروكسل بالكامل، كما تم إلغاء كل الرحلات الجوية من المطار الذى يخدم نحو 23 مليون راكب سنويا، مع تحويل كل مسارات الرحلات الجوية القادمة إليه، وتم تعطيل حركة قطارات السكك الحديدية ومترو الأنفاق، وصدرت أوامر للمواطنين بالبقاء فى منازلهم، أو فى أماكنهم الموجودين فيها. كما عززت السلطات البلجيكية إجراءاتها الأمنية حول المنشآت النووية فى البلاد بعد الاعتداءات الدامية، حيث يتم التدقيق فى السيارات، كما انتشرت الشرطة والجيش فى المكان، علما بأنه توجد فى بلجيكا محطتان نوويتان مجهزتان بسبع مفاعلات. وذكرت وكالة رويترز للأنباء أنه تم نشر قوات إضافية من 225 فردا فى بروكسل لتأمين المدينة بعد التفجيرات. كما أعلنت سلطات النقل فى بروكسل توقف كل وسائل النقل فى المدينة لإشعار آخر. وألغت هيئة يوروستار لخدمات القطار السريع تسيير قطارات من وإلى بروكسل بعد التفجيرات. كما منعت المفوضية الأوروبية موظفيها من الخروج بعد تفجيرات بروكسل، وقال نائب رئيس المفوضية لشئون الأفراد عبر موقع تويتر إن المفوضية طلبت من موظفيها ألا يبرحوا أماكنهم بعد وقوع التفجيرات،ولكن متحدثا باسم المسئولين فى البرلمان الأوروبى القريب أكد أن البرلمان يعمل بشكل عادي. وأكد رئيس الوزراء البلجيكى شارل ميشيل أن السلطات تعمل لتأمين "المواقع الأخرى" وأضاف أنه جرى نشر تعزيزات عسكرية، كما تجرى عمليات تدقيق على الحدود البلجيكية. وقال :" فى هذه المأساة، وفى هذه اللحظة المظلمة لدولتنا، أدعوكم أكثر من أى وقت مضى إلى الهدوء والوحدة. إننا نواجه محنة، محنة صعبة، وعلينا أن نواجهها ونحن متحدون". ووصف ميشيل الهجمات ب"الغاشمة والجبانة". والمثير أن هجمات بروكسل وقعت بعد أيام قليلة من اعتقال صلاح عبد السلام المشتبه فيه الرئيسى فى هجمات باريس الدامية يوم 13 نوفمبر الماضي، وتردد تحذيرات تفيد بأن عبد السلام كان يخطط لشن اعتداءات جديدة، خاصة أنه تبين أن له شبكة تعمل داخل أوروبا.