تابعت أزمة المستشار أحمد الزند وزير العدل المُقال رغم أنى علمت بالأمر بعد صدور قرار الإقالة، فتجولت داخل الشبكة العنكبوتية لأقف على حقيقة الأزمة، وشاهدت فيديو لتصريحه الغريب، وتابعت ردود أفعال القراء الذين علَّقوا على الحدث فى المواقع المختلفة، وتأكدت أننا نعيش فى أزمة حقيقية، هى ليست أزمة الزند ولا أزمة الإخوان، بل هى أزمة بلد فقد أبناؤه مصداقيتهم بعد أن أصبحت ميولهم تتحكم فى ضمائرهم. أولا: لا يمكن إنكار أن الرجل قد أخطأ ويستحق تلك الإقالة غير المسبوقة فى مصر –على حد علمى- فما قاله فيه تجرؤ على مقام النبى صلى الله عليه وسلم، وما يُقال عن نشأته الدينية يضعه فى موقف أكثر صعوبة، فما دام رجلاً فقيها فى الدين، كما روَّجوا له، فكيف سمح لنفسه بالاسترسال حتى وصل إلى هذا الحد من التدنى فى الكلام بحق أشرف خلق الله؟! والحقيقة إن ما قرأته من تفاعل لقراء أخبار الأزمة يؤكد أن هناك غضباً حقيقياً اجتاح المصريين، ولا علاقة للأمر باللجان الإلكترونية أو ما شابه، فقد كان الكلام من السوء حتى إنه جعل الجميع يضعونه فى مرتبة واحدة مع إساءات الغرب للنبى. لكن كانت لى ملاحظات أعتقد أنها ستكون مهمة فى هذا السياق: الملاحظة الأولى تتعلق بقناعة وصلت لدى البعض حد اليقين بأن إقالة الزند جاءت بسبب الضغوط التى مارسها نشطاء مواقع التواصل أو التخريب الاجتماعى، ولكن، ولأنى أفترض فى الناس جميعاً حُسن النية إلى أن يثبت العكس، فأنا أقول: إنى أعتقد أن المسئولين بالدولة اهتزت أفئدتهم من الكلام كما اهتزت أفئدة البسطاء، وإن هناك شواهداً وأخباراً تؤكد أن رد فعل المسئولين سبق تفاعل نشطاء المواقع، وإن حُسن ظنى يلح علىَّ بأن الإقالة جاءت –أولا- بتفاعل طبيعى من المسئولين تجاه التصريحات، ثم تأتى الضغوط فى المرتبة الثانية. الملاحظة الثانية عن مؤيدى الزند الذين رفضوا قرار الإقالة بدعوى أنه قد اعتذر عما قال، فى حين أنى علمت أن الزند جاء بعد إقالة وزير أساء لعمال النظافة ثم اعتذر، وأن إبعاده لاقى استحساناً كبيراً من الناس، رغم الاعتذار، فهل عمال النظافة أفضل عندكم من النبى صلى الله عليه وسلم لتغفروا للزند ما لم تغفروه لسابقه؟ّ الملاحظة الثالثة تتعلق بالإخوان ومن شايعهم، الذين حاولوا إيهام الناس بأن غضبهم من كلام الزند نابع من حبهم للنبى صلى الله عليه وسلم ودفاعاً عنه، وللأسف فإن هذه المشاعر الزائفة لن تخدع أحداً، فموقفهم هذا هو موقف سياسى بحت، ليس له علاقة بحب النبى ولا بالغيرة على مقام النبوة، وإلا فلماذا دافعوا عن حازم أبو إسماعيل عندما أجاز للنصارى سب النبى صلى الله عليه وسلم واتهامه بالكذب؟.. مع العلم أن جريمة حازم أسوأ من جريمة الزند، فقد اعتذر الزند وقال إنها زلة لسان، وهذا لن يقلل من فداحة ما قاله، بينما تمسك حازم بما قاله حتى النهاية ورفض التراجع عنه. والأدهى من ذلك أن هؤلاء الذين ذرفوا دموع التماسيح* لا يزالوا يتمسكون بتعاليم سيد قطب، كبيرهم الذى علمهم التكفير، ويسمونه بالشهيد، رغم أن كتبه تمتلئ بالهجوم على الأنبياء ولمزهم بشكل صريح ومباشر، وليس ببعيد عن أيديهم كلامه بحق موسى وداوود وسليمان عليهم السلام، فلو كانت عندهم مصداقية لأنزلوا ما قالوه عن الزند على حازم وسيد قطب، ولكنه ما أقبح الهوى الذى أضاع ضمائرهم. *ذرَف دموعَ التَّماسيح أى تظاهر بالحزن وتباكى رياءً. لمزيد من مقالات عماد عبد الراضى