متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    عدد متابعيه وصل 3 ملايين في ساعات، ترامب ينضم إلى تيك توك    طقس اليوم.. شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 500 مليون دولار    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    البيت الأبيض: إسرائيل حققت معظم الأهداف العسكرية في قطاع غزة    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    التصعيد مستمر.. غارة جوية على محيط مستشفى غزة الأوروبي    انعقاد اجتماع وزراء خارجية كوريا الجنوبية والدول الأفريقية في سول    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    "لقاءات أوروبية ومنافسة عربية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    موعد ورابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة جنوب سيناء    السكك الحديد: تشغل عدد من القطارات الإضافية بالعيد وهذه مواعيدها    التموين : لم يتم تغيير سعر نقاط الخبز بعد تحريك سعره    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    سماع دوي انفجارات عنيفة في أوكرانيا    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلين شرق خان يونس إلى 10 شهداء    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب "إيشيكاوا" اليابانية    «مبيدافعش بنص جنيه».. تعليق صادم من خالد الغندور بشأن مستوى زيزو    خوسيلو: لا أعرف أين سألعب.. وبعض اللاعبين لم يحتفلوا ب أبطال أوروبا    أفشة ابن الناس الطيبين، 7 تصريحات لا تفوتك لنجم الأهلي (فيديو)    تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب.. «شوف عيار 21 بكام»    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    «أهل مصر» ينشر أسماء المتوفين في حادث تصادم سيارتين بقنا    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    استقرار سعر طن حديد عز والاستثمارى والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متحفظا على حرية أحمد ناجى الصادمة وانقسام المثقفين على أنفسهم.. وزير الثقافة حلمى النمنم للأهرام:
انتهى دور المثقف التقليدى .. والمثقفون لم يعودوا صناعا للوعى
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 03 - 2016

رغم أنه ومنذ سنوات يعتبر أحد رموز المثقفين فى مصر، إلا أنه يعترف بمنتهى الوضوح أن دور المثقف التقليدى قد انتهى واقعيا،، ورغم انه يشتهر بكونه احد أشهر مدمنى القراءة، إلا أنه يرى أن دور الكتاب فى صناعة الوعى والثقافة قد أوشك على الانتهاء.
ورغم أنه مع حرية التعبير لأقصى حدودها إلا أنه يرى أن المجتمع هو الذى يحدد حدود تلك الحرية وليس المثقفون.
حلمى النمنم وزير الثقافة الذى جاء من قلب الحركة الثقافية المصرية التقليدية كان أكثر واقعية وصراحة، وهو يتحدث عما أسماه انقسام المثقفين على أنفسهم حول قضية الحريات، وعن دور الأزهر الذى تجاوز حدود الدين ليس بسعى من الأزهر نفسه بل بسعى من المجتمع الذى يحكمه فكر الحلال والحرام، وعن تخاذل الإعلام الرسمى أن يعترف بدوره القومى فى نشر الوعى والثقافة بين الجمهور.
العدالة الثقافية والحريات والثقافة العلمية والكتاب وأزماته وقضية أحمد ناجى رأيه فيها وخلفياتها المختلفة كلها كانت رءوس موضوعات لهذا الحوار مع وزير الثقافة الأكثر صراحة حلمى النمنم ،،،،،
قضية أحمد ناجى الحدث الأكثر سخونة تفرض علينا أن نبدأ بها باعتبارها عنوانا لأزمة متفاعلة دوما لدى المثقفين وهى أزمة حرية الإبداع والذى قلت يوما فى مقال انها يجب أن تكون بلا حدود،، فهل لا زلت مؤمنا بهذا وكيف ترى الأزمة الآن؟
لا أحد يختلف على الحرية كمفهوم وممارسة وهذا ما أدافع عنه طول حياتى ولكن ما يجب أن ننتبه إليه تماما هو حدود هذه الحرية ،يحق لنا كمبدعين أن نحدث صدمات تهز المفاهيم الراسخة أو المقيدة للإبداع هذا وارد ومقبول تماما وكل الأفكار والابتكارات الجديدة بدأت هكذا ووارد ايضا أن يختلف المجتمع معك خاصة فى ظل مجتمع محافظ بشكل متنام ولكنى ايضا لا أريد أن تكون تلك الحدود ان نبدو بالنسبة للمجتمع كمدافعين عن الانحراف الخلقى أو أن يكون مصير المبدع هو السجن تلك هى حدودى كمثقف أولا وكوزير للثقافة ثانيا.
دعينا نتكلم بصراحة وبعيدا عن الحسابات المنمقة ، قضية احمد ناجى وهى قضية الساعة الآن والتى يعتبرها البعض عنوانا لقضية حرية التعبير هذه الحالة على وجه التحديد عقدت تماما ملف الحريات فنحن نبدو الآن كمثقفين وكأننا ندافع عن الانحراف وتعقدت أكثر بعد أن أعيد نشر الفصل من الرواية الذى تسبب فى المشكلة، وعندما ذهبنا إلى نقابة الصحفيين لعقد مؤتمر عن الأزمة، كانت هناك اعتراضات من بعض الصحفيين ومنهم صحفيون كبار بل إن بعضهم وكما علمت ذهبوا ليحيى قلاش نقيب الصحفيين معترضين وسألوه هل تقبل أن تقرأ ابنتك أو زوجتك هذا الكلام. يجب أن نعترف أننا لدينا اتجاه محافظ داخل المجتمع المصرى وتراكم هذا الفكر طوال ال40 عاما الماضية ولابد أن نتعامل معه بحذر ورفق وليس بالصدام المباشر».
ولكن رغم ذلك أنت نفسك والمثقفون ترفضون تماما العقوبات الجنائية فى قضايا النشر خاصة الحبس أليس كذلك؟
لا يوجد من يقبل أن يكون الحبس هو العقوبة عن الرأى أو الإبداع مهما كان صادما، وهذا ما نناضل من أجله منذ عام 1995 ضد القانون 93 . هناك عقوبات أخرى يمكن أن تقرها الجهة التى يعمل بها الصحفى أو المبدع لو ارتأت هذه الجهة أن هناك مخالفة تستوجب ذلك ومنها مثلا المنع من النشر لفترات معينة، ولابد أن ننتبه انه فى قضية احمد ناجى مثلا الدعوى التى رفعت كانت ضد مؤسسة أخبار اليوم وجريدة أخبار الأدب وليست ضد ناجى بشخصه، ولابد هنا أن نفرق بين أمرين مهمين جدا أنك عندما تكون مبدعا فمن حقك أن تكتب ما تشاء فى عز عهد عبد الناصر كان خليل حنا تادرس يكتب رواياته المغايرة تماما ولم يعترض عليه احد، بينما عندما نشرت الأهرام رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ كان الاعتراض أنها نشرت فى الأهرام وهى جريدة عامة يقرأها الملايين وهذه إشكالية قانونية لم ينتبه إليها أحد ولكن تظل رغم ذلك العقوبات الجنائية أمرا لا يمكن قبوله.
توليت وزارة الثقافة قبل أكثر من ستة أشهر وهى فترة بالتأكيد ليست كافية لنتلمس فيها انجازات واضحة، فماذا كانت أولوياتك عندما توليت وكيف تسير الآن؟
أولويتى الأولى هى تحقيق العدالة الثقافية التى لا تقل أهمية عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية ، فللأسف ورغم ما لنا من تاريخ طويل فى الثقافة إلا أن اغلب الأنشطة والخدمات الثقافية تتركز فى القاهرة بدءا من دار الأوبرا مرورا بالمعارض الفنية والجامعات والمسارح الحكومية والخاصة، وكذلك معارض الكتب والمهرجانات الفنية، وهو أمر يعنى أن باقى أنحاء مصر محرومة تماما من الخدمات الثقافية الحقيقية التى يجب أن تقدم لها. جانب آخر من الأزمة اكتشفته عندما بدأت التخطيط لتنفيذ مشروع العدالة الثقافية ،وهى أننا نعيش تقريبا على التراث الثقافى الذى تركه الخديوى إسماعيل متمثلا فى دار الأوبرا أو الذى تركه الملك فؤاد كالمسرح القومى وهو ما جعلنا ندرك أن توفير الأماكن الصالحة فى باقى الجمهورية أمر صعب جدا فلا وجود للمسارح أو السينمات أو القاعات الفنية التى يمكن استخدامها,, نحن نعيش على تراث ثقافى عمره 100 عام ولابد أن يكون لدينا أكثر من دار أوبرا ومسرح لكل مدينة ومحافظة وان تقوم قصور الثقافة بدورها الحقيقى ومؤخرا أخذت موافقة مجلس الوزراء على إقامة دار أوبرا فى مدينة الأقصر وخصصت لها الأرض بالفعل على نيل الأقصر لأنه لا يصح أن تكون لدينا أهم منطقة أثرية فى العالم بلا دار أوبرا أو مسرح و سيبدأ إنشاؤها قريبا لتقدم خدماتها لمنطقة الصعيد كما أننا نفذنا بالفعل دار أوبرا بورسعيد وسوف تفتتح قريبا، ولدينا خطة عمل متكاملة لمسارح القاهرة التى يجب ان تنتقل لتقدم عروضها للاقاليم وهو ما سوف ننفذه قريبا كما سنستضيف ايضا فرق الأقاليم لتقدم عروضها سواء فى القاهرة او فى خارج مصر لتحتك بالعالم الخارجى ونسعى كذلك ليكون لكل مدينة أو محافظة فى مصر معرضها الخاص للكتاب وبالفعل افتتحنا معرض الإسكندرية الذى انتهى منذ أيام قليلة ولدينا الآن معرض السويس وقريبا معرض دمنهور للكتاب وكذلك ستقدم دار الأوبرا حفلا خاصا بدمنهور قريبا.
وهل لديك الإمكانات الكافية لتصل بالعروض لتلك الأماكن مع عدم وجود المسارح والأماكن التى تصلح أصلا؟
سنعمل بالتعاون مع مراكز الشباب التابعة لوزارة الشباب والأماكن والمسارح الصغيرة فى المدارس والجامعات بالتعاون مع وزارة التعليم هذه العوائق نستطيع أن نتغلب عليها فمشروع العدالة الثقافية لا يفترض انه يخص وزارة الثقافة وحدها بل هو مشروع قومى أسعى أن نتكاتف جميعا لانجازه، ومثلا عندما ذهبنا لمعبد الأقصر لعمل سمبوزيم الأقصر وزارة الآثار تعاونت معنا ووفرت لنا المكان بكل التسهيلات.
وماذا عن أولويتك الثانية؟
الأولوية الثانية هى الحريات وبدأنا بالفعل فيها حيث طلبت من اللجنة القانونية بالمجلس الأعلى للثقافة أن تعد دراسة عن كل القوانين الموجودة والمتعلقة بالحريات وحرية التعبير وقضايا النشر والإبداع وخاصة ما يتعلق منها بالعقوبات الجنائية وستشمل الدراسة تقديم مقترحات جديدة للحكومة لتطرحها على البرلمان لإعادة التعامل مع تلك القوانين ومواد الحبس على وجه التحديد، ولكن لكى نكون أكثر صراحة ووضوحا قضية حرية التعبير والإبداع ليست مجرد تغيير لمواد الحبس فى قضايا النشر لأنه فى النهاية من أقر هذه المواد ومن سيغيرها أو يقبل أن تحذف من القانون هم النواب الذين يعبرون عن المجتمع ونحن لدينا أزمة حقيقية تراكمت على مدى الأربعين عاما الماضية وهى ان المجتمع أصبح يغلب عليه الاتجاه المحافظ وأصبح أكثر تشددا فى التعامل مع ملف الحريات وهو أمر يحتاج ليس فقط لتغيير قوانين وضعت من نواب الشعب نفسه بل يحتاج لتعامل خاص من المثقفين والكتاب. المجتمع لن يتحمل صدمات تجعل ردود أفعاله عنيفة هذه القضية تحتاج الى رفق وحساسية فى التعامل وتحتاج أيضا لسنوات من العمل الجاد والعاقل وأن نقدم له نماذج يقبلها ولا أستطيع ان اجعله يقبل نصا كالذى نشره احمد ناجى وأتوقع رد فعل غير الذى حدث لأنه ببساطة سيقال لنا هل هذه الحرية التى تريدونها ؟!، أظن أن القضية أكبر من أن يكون عنوانها نصا صادما ،يمكن أن يكون الاختلاف عن قضية فكرية مهمة أو فلسفية حتى ولكن أن تصدم الناس فى ثوابت اجتماعية راسخة لن يجدى هذا شيئا وسأضرب مثلا نحن لنا عشرات السنين نلقى نكاتا على الصعايدة وكان رد الفعل أحيانا لا يزيد عن بعض الغضب العابر وتنتهى القصة ،ولكن عندما خرج السبكى وتحدث عن نساء الصعيد فى مساحة تتعلق بالشرف اشتعلت الدنيا، هناك مناطق الاقتراب منها لابد أن يكون بحذر شديد حتى لا يأتى رد الفعل بشكل عكسي».
هناك انتقادات وجهت لكتاب كبار ومبدعين اتهمتهم بالتخاذل فى قضية ناجى وطالت حتى مواقفهم السياسية بشكل عام من ملف الحريات ألا ترى أن تكاتف هؤلاء معك سيمثل فارقا مهما؟ وهل يمكن أن نفسر هذا باعتبارهم أصبحوا أميل للتيار المحافظ كما تسميه؟
بداية يجب أن نعترف أن الجماعة الثقافية ومنذ سنوات تتعامل مع قضية الحريات بمنطق رد الفعل، تنتظر حتى تحدث الكارثة ثم تبدأ فى التحرك، لماذا لا نناضل لتعديل المواد والقوانين التى تجيز الحبس والتكفير كهدف فى حد ذاته، وهو نضال لن يكون سهلا ويحتاج لوقت طويل كما أن لدينا قضية أخرى وهى قضية كيف نجعل المجتمع ينحاز إلينا ويكون جزءا من نضالنا، فنواب البرلمان الذين سيغيرون تلك القوانين هم من هذا المجتمع وإذا كان الرأى العام ليس فى صفك لن يكون البرلمان فى صفك . هذه نقطة والنقطة الأخرى وهى أن المثقفين أنفسهم لم يحسموا رأيهم فى القضية.
وهناك انقسام كبير فيما بينهم وقضية ناجى اعتبرها حالة دالة عن هذا فلم نر مقالا واحدا فى جرائد المؤسسة التى يعمل بها تتناول القضية أو تدافع عنه لان الجميع يخشى من رد الفعل الجماهيرى وفى نفس الوقت لديه تحفظاته الشخصية ونحن عندما ذهبنا لنقابة الصحفيين لم تحضر قيادات النقابة، والحاضرون كان عددهم اقل مما تتخيلين وكلها دلالات تخبرنا عن مدى الانقسام داخل جماعات المثقفين التى يفترض أن تكون جماعات الضغط الحقيقية للتغيير ومساندة حريات التعبير سواء نقابة الصحفيين أو اتحاد الكتاب أو تكتلات المثقفين أنفسهم».
ربما فسر البعض أو تحجج بأن النص كان صادما للمجتمع ولكن ماذا عن قضية إسلام البحيرى أو فاطمة ناعوت وهى قضايا فكرية لماذا تكرر نفس الشيء؟
كما قلت سابقا الجماعة الثقافية منقسمة على نفسها ولم تحسم رأيها فى هذه القضية وتلك حقيقة للأسف لابد أن نعترف بها, ومن هنا فالكلام عن تكاتف الجماعات الضاغطة أمر شديد الأهمية ليس فقط لاتخاذ موقف من قضية الحبس فى حد ذاتها ولكن للتحرك بشكل حقيقى وفاعل لإحداث تغيير حقيقى فى المجتمع والإيمان بأن تلك هى القضية الحقيقية».
يبدو الحديث عن فكرة تجديد الخطاب الدينى وكأنها الظهير الحقيقى لفكرة حرية التعبير والفكر وكنت قد تحدثت أكثر من مرة عن دور مؤسسة الأزهر فى القضايا المجتمعية والفكرية وضرورة الحد منه ؟كيف تشرح لنا هذا؟
بشكل عام نحن نحترم دور الأزهر كمؤسسة دينية وما يقال عن إنها تتدخل فيما هو خارج اختصاصها أمر غير دقيق وعندما يبدى الأزهر رأيا فهو يكون بناء على ما يعرض عليه لو كان مثلا عملا فنيا يتعلق بقصة أو عمل له جانب دينى ،لكن الأزمة بالفعل هى أزمة مجتمع أصبح يتعامل مع كل شيء بمنطق الحلال والحرام نحن من نذهب لهم ونبحث فى الحلال والحرام فى كل شيء ونحن من أعطيناهم دورا اكبر من دورهم وليسوا هم من سعوا لذلك ، والدين بالأساس هو ظاهرة إنسانية مساحات تدخله أو عدم تدخله يحددها المتعامل،ن معه وفيما يتعلق بقضية تجديد الخطاب الدينى وهى قضية شديدة الأهمية، هى ليست قضية الأزهر فقط هذه قضية مجتمعية فى المقام الأول والخطاب الدينى هو جزء من الخطاب الثقافى وليس العكس، وفى مصر تتنوع الخطابات الدينية ما بين خطاب معتدل وخطاب سلفى وخطاب صوفى كل منها تعبر عن قطاع من قطاعات المجتمع، وفى ملف الخطاب الدينى وتجديده الثقافة لها الدور الأكبر والقضية لا يمكن أن تحل بندوات يحضرها خمسون أو ستون شخصا من المهتمين أو موظفى الهيئات التى تعقد الندوة ويتحدث المحاضر عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى أو محاربة التشدد والإرهاب ، وسأسأل سؤالا أيهما أكثر تأثيرا تلك المحاضرة أم عرض فيلم الزوجة الثانية ويظهر فيه رجل الدين منافقا لمن بيده السلطة ؟ بالتأكيد الفيلم أكثر تأثيرا وهو ما نحاول الآن أن نتعامل معه فنيا وثقافيا».
وهل وزارة الثقافة وحدها قادرة أن تحدث هذا الحراك المضاد للتشدد الذى أصبح سمة للمجتمع؟
بالطبع لا ربما نقدم نحن خطة التحرك وربما نقدم المحتوى الفكرى بمساعدة المبدعين والكتاب فالفن والموسيقى والمسرح والكتابة الجميلة هى من سيحل تلك الأزمة ولكن لابد من تضافر الجميع معنا لا يمكن أن نعمل منفردين بدون تلك الأجهزة ،ومثلا نحن لدينا مسرحية شديدة الأهمية يقدمها مسرح الطليعة وهى (الحلال) وتعالج فكرة التطرف بشكل جميل من خلال شخصيتين احدهما أمير لجماعة إرهابية والثانى عضو بها ويحدث بينهما حوار حول القتل وتحليله فى أفكار هؤلاء هذه المسرحية فى رأيى أفضل من عشر كتب تتحدث عن هذه القضية لان المواطن العادى لن يشترى كتبا تناقش هذا ولو حتى قدمتها له بالمجان لن يجلس ليقرأ كتابا من 500 صفحة.. التغيير الحقيقى والتجديد الدينى يبدأ من المجتمع وليس من المؤسسات الدينية وحتى النظرية القديمة أن المثقفين هم من يصنعون وعى وثقافة الشعوب انتهت نموذج جان بول سارتر وسيمون دو بفوار لم يعد له وجود. الموسيقى والغناء والسينما هى ما تغير المجتمعات الآن لأنهم صناع الثقافة والفكر الجديد ووعى الأجيال الشابة يصنعه هؤلاء وليس الفلاسفة او المفكرين الكبار صورة المثقف القديمة تغيرت ولم يعد لها وجود أصلا».
ولكن الوصول للجمهور العريض لنقدم لهم هذه الفنون تبدو وكأنها حالة من الرفاهية فى مجتمعنا المصرى وأنت شكوت من ضيق مساحة البث التى تقدمها حتى القنوات الرسمية للدولة للبرامج الفنية والثقافية المهمة؟.. فهل تفكر مثلا أن يكون للوزارة قناة تليفزيونية متخصصة؟
فكرة قناة تليفزيونية أمر آخر لان لها ترتيبات وإجراءات ونحن لدينا تليفزيون رسمى لابد ان يشارك فى تجديد الفكر الدينى ونشر الوعى والثقافة لأنه الأقدر على هذا فى مجتمع أكثر من 40% منه لديهم أمية أبجدية، ونحن نطلب من التليفزيون طوال الوقت أن يبث العروض المسرحية والفنية والموسيقية التى نقدمها ولن أبالغ إذا قلت انى ارجوهم وبدون أى مقابل ولن اخجل أن أحكى أنى فى احدى الندوات قلت لعصام الأمير رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون اعتبرنى خادما لديك واطلب ما تريد وللأسف لم تحدث أى استجابة لإذاعة ما وفرناه لهم من مواد، وهذه المسألة على وجه التحديد تحتاج أن تكون هناك قوانين منظمة فى إعلام الدولة الرسمى تحدد نسب معينة لبث البرامج الثقافية والفنية لان هذه القضية هى قضية قومية لابد أن ننتبه لها جميعا».
رغم ما تشير له من تغير الشكل التقليدى للثقافة وآلياتها ما زالت صناعة الكتاب ونشره قضية مهمة تستحق أن نتحدث فيها ودائما ما يشكو أصحاب تلك الصناعة من المعوقات الرسمية لها كالضرائب والجمارك وغيرها فماذا عن تلك الأزمة وكيف تتعاملون معها؟
نحن ندعم دور النشر الخاصة لأننا ندرك أهمية دورهم فى نشر الكتاب والمعارض التى تقيمها الدولة تتيح لهم فرصة انتشار والتوزيع، سواء كان هذا فى الداخل أو الخارج لأنه فى النهاية هو كتاب مصرى وبشكل شخصى أتمنى أن يأتى اليوم الذى يكون فيه 90% من مساحة النشر لمؤسسات النشر الخاصة لأن هذا سيخفف على الدولة هذا العبء ويجعلنا نتفرغ لمساحات أخرى لن يستطيع القطاع الخاص تحملها فهو لن يبنى متحفا أو دارا للأوبرا مثلا وهذا دورى فى تقديم الثقافة الأخرى لقطاع أعرض من الشعب، ومشاكلهم جزء من مشاكل الكتاب بشكل عام وأهمها أن الشعب المصرى ثقافته شفاهة وحجم القراءة لدينا محدودة تماما وهو أمر مرصود عالميا وبعض دور النشر الكبرى لا تزيد فيها الطبعات أحيانا عن 500 طبعة للكتاب وعندما نقول انها وزعت أعدادا ضخمة لا تكون أكثر من 3 آلاف نسخة وهذه الأرقام تمثل أزمة حقيقية للصناعة لأنها تخسر ولا تبحث بالتالى سوى عن الأسماء الكبيرة لتضمن تحقيق هامش ربح بينما تضع شروطا صعبة للنشر للشباب ويصبح المطلوب منهم بإمكاناتهم المادية ان يشاركوا فى تكلفة الطباعة وهو أمر صعب وهذه المساحة هو ما نحاول كوزارة تغطيتها بالنشر للشباب أو بالضغط على تلك الدور لدعم النشر لهؤلاء».
بمناسبة النشر من الملاحظ ان الكتب العلمية لا وجود لها على الرغم من أن هناك أجيالا من الشباب والمهتمين يبحثون عنها ويبدو الأمر وكأن الثقافة هى كتب الأدب والكتب التاريخية؟
هذه نقطة مهمة جدا وأنا معك فيها فالثقافة العلمية لدينا تراجعت تماما وهذا احد الأسباب الرئيسية لانتشار التيارات المحافظة والأفكار الغيبية والمتخلفة وجزء مهم من التعامل مع تلك التيارات ومحاربة أفكارها هو بنشر الثقافة العلمية وبالفعل أعطيت تعليمات مباشرة للمركز القومى للترجمة بان تكون من أولويات عملهم فى الفترة القادمة هى لترجمة الكتب العلمية ونعد حاليا لتقديم سبعة عناوين جديدة لكتب علمية فى الكيمياء والبيولوجى وغيرهما كجزء من مشروعى الثقافى لمحاربة تراكم الخرافات وغياب البعد العلمى عن ثقافتنا».
المشروع الأكبر لنشر الثقافة وهو مشروع القراءة للجميع والذى تم التعامل معه بالرفض باعتباره مشروع سوزان مبارك ولا نعرف مصيره الآن ماذا حدث له هل توقف؟ وهل لديكم بديل له؟
بداية مشروع القراءة للجميع ليس انجاز سوزان مبارك ولا مشروعها المشروع كان فكرة توفيق الحكيم وصلاح عبد الصبور منذ الستينيات وفى السبعينيات فى عهد انو السادات كتب توفيق الحكيم كتابا صغيرا وهو (الطعام لكل فم) كان فيه فصل اسماه (وكتاب لكل مواطن) والفكرة ظلت موجودة وانتقلت عبر أجيال المثقفين حتى بدأت أولى خطواتها بعد اغتيال فرج فودة كرد رسمى على غياب الوعى والتشدد الدينى، وأصبحت مشروعا تحت رعاية سوزان مبارك تلك الرعاية هى التى ضمنت له النمو والاستمرار من خلال توفير الدعم المادى له سواء من المجتمع المدني، أو رجال الأعمال وتجاوب الأجهزة التنفيذية معه بحكم وضعها كحرم للرئيس .. والمشروع مازال قائما لم يتوقف، ولكنه بالطبع تراجع كثيرا ويعانى من ضعف التمويل وهى أزمة حقيقية فلم يعد رجال الأعمال يقدمون الدعم ولا المجتمع المدنى والوزارة كمعظم وزارات الدولة لا تستطيع ميزانيتها أن تغطى التكلفة فنحن نغطى الأنشطة البسيطة ومرتبات العاملين بالكاد ولكن أتمنى أن تتحسن الأمور ويعود المشروع لسابق عهده».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.