في عام 1928 وبعد 11 عاما فقط من صدور وعد بلفور الذي تعهدت فيه بريطانيا عام 1917 علي لسان وزير خارجيتها بإقامة وطن قومي لليهود علي أرض فلسطين التي كانت واقعة تحت الانتداب البريطاني أراد الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين أن يخطب ود العالم العربي والإسلامي الغاضب من وعد بلفور فاقترح منح اليهود مقاطعة «بيروبيجان» الروسية لإقامة الدولة التي يحلمون بها ولكن الحركة الصهيونية رفضت عرض ستالين... وهكذا ماتت الفكرة في مهدها قبل أن يجهز الزعيم الألماني أدولف هتلر علي اقتراح ستالين بما نسب إليه تحت مسمي «المحرقة اليهودية» لترتفع أسهم وعد «بلفور» بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945 حيث صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين عام 1947 إلي دولتين إحداهما عربية والأخري يهودية... ويستمر المسلسل الكئيب من النكبات والنكسات والذي أدي إلي ابتلاع الصهاينة لكامل الأرض الفلسطينية بعد حرب يونيو 1967. واليوم يخرج علينا الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين بدعوة أقرب في مضمونها من الاقتراح القديم لسلفه الأقدم جوزيف ستالين حيث وجه بوتين نداء لليهود الذين هاجروا من الاتحاد السوفيتي السابق سواء الذين ذهبوا إلي إسرائيل أو الذين توقفوا في البلدان الأوروبية بالعودة إلي روسيا مشيرا إلي أن وطنهم الأم «روسيا» يرحب بعودتهم خصوصا الذين لا يشعرون بالأمان في أي بلد أوروبي بسبب تصاعد مشاعر العداء للسامية. وقد انقسم قادة الحركة الصهيونية في تحليل دوافع بوتين لطرح هذا النداء وفي حين رأي فيه بعضهم أنه يمثل اعترافا بوجود تصاعد في العداء ضد اليهود داخل أوروبا فإن البعض الآخر تعامل مع مقترح بوتين بأنه فخ خبيث لايستهدف تفريغ إسرائيل من أكثر من مليون يهودي روسي فحسب وإنما يريد أن يستثمر هذا المقترح في إنشاء تجمع يهودي مؤثر علي الأرض الروسية ينافس به النفوذ الذي تتمتع به إسرائيل في الساحة الدولية وخصوصا فوق الأرض الأمريكية بعد أن بدأ شبح الحرب الباردة يطل من جديد. وظني أنه من السابق لأوانه الحكم علي نداء بوتين لأن أحدا لا يعرف ماذا يدور في عقل قيصر روسيا الجديد... وهذا هو سر تريث الصهيونية العالمية في التعامل مع نداء بوتين حتي اليوم. خير الكلام: أبسط الشرور هو الشر الظاهر للعيان!. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله