فجرت المادة 178 من مشروع قانون اللائحة الداخلية للمجلس، والخاصة بعرض مشروعات القوانين على مجلس الدولة لمراجعتها، خلافات حادة ومناقشات ساخنة، وأصبحت الفوضى والصياح تحت القبة من الأمور المألوفة يوميا، وخرجت القاعة عن سيطرة رئيس المجلس، حيث وقف النواب فى أماكنهم، وتحركوا فى الممرات والطرقات داخل القاعة ما بين مؤيد ومعارض لهذه المادة، حيث رفض عدد من النواب العرض على مجلس الدولة لأن فى ذلك انتقاصا من دور وهيبة مجلس النواب، وسحب لسلطة التشريع من المجلس، وتغول من السلطة القضائية على السلطة التشريعية. فى حين انحاز لهذه المادة الدكتور على عبد العال والنائب بهاء أبو شقة وعدد آخر من النواب مستندين فى ذلك إلى أن رأى مجلس الدولة استشارى وليس ملزما ، وأن العرض على مجلس الدولة ليس فيه افتئات على سلطة مجلس النواب ، وانما أخذ بالأحوط لتأمين البرلمان من الحل بعد رفض الدستور للرقابة السابقة على القوانين واوجب الرقابة اللاحقة ، وفى نهاية المناقشات وافق المجلس على هذه المادة بعد إدخال تعديل جوهرى عليها وهى تحديد مدة ثلاثين يوما على الأكثر لرد مجلس الدولة على البرلمان فى مشروعات القوانين المعروضة عليه وإلا أصبح مجلس الدولة موافقا على مشروع القانون دون ملاحظات عليه. وقد أكد الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، أن هناك حكما تاريخيا للمحكمة الدستورية العليا أكد أن عرض مشروعات القوانين على مجلس الدولة فى مراجعتها وصياغتها هو إجراء دستورى يضمن سلامة هذه التشريعات أيا كان مصدرها سواء البرلمان أو الحكومة. وكان النائب خالد يوسف قد أكد أن هناك 35 من لجنة الخمسين التى وضعت الدستور قد أقروا أنه عند وضع المادة 190 من الدستور الخاصة بالعرض على مجلس الدولة لم يقصدوا مشروعات القوانين التى يقترحها النواب ويصدرها المجلس ، وإنما المقصود بها مشروعات القوانين التى تصدرها الحكومة ، وتعرض على مجلس الدولة قبل عرضها على مجلس النواب وليس المشروعات التى يصدرها مجلس النواب ، لأن فى ذلك افتئات على سلطة التشريع وسحبها من مجلس النواب لصالح مجلس الدولة وأن دور مجلس الدولة يقتصر على السلطة التنفيذية وليس السلطة التشريعية، وفى حال موافقة البرلمان على عرض مشروعات القوانين التى يصدرها النواب على مجلس الدولة فإن فى ذلك انتقاصا من دور وهيبة مجلس النواب. وقال النائب بهاء أبو شقة مقرر اللجنة إنه من الأمور التى استقر عليها فقيها وقانونيا ودستوريا أنه إذا كنّا أمام أمرين أحدهما قد يترتب عليه أن كل القوانين التى تصدر عن البرلمان قد يشوبها شبهة عدم الدستورية فإنه أخذا بالأحوط هو أن تعرض على مجلس الدولة كل مشروعات القوانين التى تصدر عن مجلس النواب بما فيها اللائحة حتى نحصن القوانين التى يصدرها البرلمان، ونحن نريد الالتزام بالطريق الآمن ، والمادة 190 من الدستور جاءت لعلة وهى أن هناك اتجاها كان سائدا بعد كثرة صدور أحكام من المحكمة الدستورية بحل مجلس النواب وفقا للرقابة اللاحقة ، ودستور 2014 رفض فكرة الرقابة السابقة، ومن قبيل المواءمة الدستورية جاءت فكرة عرض مشروعات القوانين على مجلس الدولة ليقول رأية، وهذا ليس تغولا من السلطة القضائية على السلطة التشريعية ، فمجلس الدولة رأيه استشارى والمجلس هو صاحب القرار أن يأخذ برأيه أو يرفضه، وأن العرض على مجلس الدولة ليس فيه افتئات على مجلس النواب أو الدستور أو القانون. من جانبه، قال النائب علاء عابد إنه من الواضح أن لفظ مجلس الدولة مكرر 3 مرات قائلا «احنا عاملين نغمة»، وطالب بحذف كلمتى «مجلس الدولة» الأخيرتين ، واقترح إرسال المادة 190 من الدستور إلى المحكمة الدستورية لتفسير النص الدستورى حتى لا يكون هناك تغول من مجلس الدولة على اختصاص مجلس النواب. وعقب الدكتور على عبد العال قائلا: إن المحكمة الدستورية لا تفسر نصوص الدستور مجردة ، وإنما تفسر قضية معروضة عليها. فى حين قال النائب محمد أبو حامد: إن الاتهام بأن السلطة القضائية تريد أن تأخذ سلطة التشريع من مجلس النواب افتراء وأمر لا يصح ، والدستور الفرنسى نص على أن المراجعة وجوبية ولم يعتبروها اعتداء على السلطة التشريعية وطالب بضرورة عرض اللائحة على مجلس الدولة ، كما طالب أبو حامد بحذف جملة «المندوب السامى فى مجلس الدولة» التى قالها النائب خالد يوسف من المضبطة حيث إن هذا تشبيه لمجلس الدولة بالمحتل. وأضاف أنه لا يصح أن يقول أحد الزملاء الذين شاركوا فى وضع الدستور ويقصد خالد يوسف هذا الأمر فى كل جلسة، مشيرا إلى أن القاعدة القانونية تنفصل عن واضعها. وتسبب الاقترح الذى تقدم به النائب أسامة هيكل بشأن تحديد مدة لمجلس الدولة لإبداء رأيه فى مشروعات القوانين التى ترسل إليه على أن تكون هذه المدة ثلاثين يوما من تاريخ ارسال مشروع القانون وإن لم يرسل مجلس الدولة ملاحظاته على القانون خلال هذه المدة فيعتبر هذا الأمر موافقة من مجلس الدولة على مشروع القانون ولكن هناك خلافات شديدة على هذه المدة الزمنية فالبعض اقترح أن تكون 15 يوما والبعض الآخر اقترح أن تكون فى أسرع وقت إلا أن المجلس فى النهاية وافق على أن يرسل مجلس الدولة موافقته خلال ثلاثين يوما على الأكثر. وكان مجلس النواب فى جلسته أمس برئاسة الدكتور على عبدالعال قد وافق على عدد كبير من مواد اللائحة بعكس الأيام السابقة، وفى بداية الجلسة قال الدكتور على عبد العال رئيس المجلس: نحن فى مهمة مقدسة للانتهاء من هذه اللائحة وأرجو أن تساعدونى على الانتهاء منها فى الوقت المقرر لها حسب جدول أعمال المجلس ، وبعد موافقة المجلس على نحو 20 مادة فى نصف ساعة ، تقدم رئيس المجلس بالشكر للأعضاء رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب على حسن تعاونهم فى إنجاز هذه المواد. وبدأ المجلس فى جلسة أمس بالمواد الخاصة بتعديل الدستور بناء على طلب رئيس الجمهورية ، وتمت الموافقة على المادة 138 وتنص على أن كل عضو لديه اقتراح أو دراسة أو بحث فى شأن طلب تعديل الدستور أن يقدمه لرئيس المجلس كتابة خلال ثلاثين يوما من تاريخ إحالة التعديل إلى اللجنة ويحيل رئيس المجلس هذه الاقتراحات إلى اللجنة مع ما قد يكون لمكتب المجلس من ملاحظات عليها. كما وافق المجلس على المادة 139 الخاصة بتلاوة تقرير اللجنة التشريعية بحضور ثلثى عدد أعضائها على الأقل فى اجتماع علنى تعقده لهذا الغرض ، ويجب أن يوافق على هذا المشروع قبل تقديمه إلى المجلس أغلبية أعضاء اللجنة. ووافق المجلس على المادة 140 المتعلقة بتحديد جلسة نظر تقرير اللجنة التشريعية خلال 15 يوما التالية لانقضاء ستين يوما على موافقة المجلس على مبدأ التعديل ، ويشترط للموافقة على التعديل أن تكون بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس ويجرى التصويت فى هذه الحالة نداء بالاسم. ووافق المجلس على المواد أرقام 141 و142 و143 و144 والخاصة بتعديل الدستور بناء على طلب من خمس أعضاء المجلس ، واذا توافرت الشروط الدستورية يخطر رئيس المجلس رئيس الجمهورية بقرار المجلس بتعديل بعض مواد الدستور مشفوعا بالأسباب التى بنى عليها المجلس قراره ، وذلك لاتخاذ الإجراءات الدستورية لعرض التعديل على الشعب للاستفتاء. كما وافق المجلس على المواد من رقم 145 إلى 159 الخاصة بمشروعات قوانين الخطة والموازنة والحسابات الختامية ممثلة فى مشروع قانون الإطار العام لخطة التنمية الطويلة والمتوسطة الأجل والخطة السنوية والمتابعة ومشروعات قوانين ربط الموازنة العامة للدولة بالموازنات الأخرى ، ومشروعات قوانين ربط الحسابات الختامية ، وتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات والوزارات المختصة إلى جانب الاقتراحات التى يتقدم بها الأعضاء بشأن مشروع الخطة أو الموازنة. كما وافق المجلس على المواد من 160 حتى 164 الخاصة باقتراحات فى تعديل مشروعات القوانين. ووافق المجلس على المواد الخاصة بمشروعات القوانين الخاصة بالمجلس التى تبدأ من المادة 165 حتى المادة 176 ، باستثناء المادة 173 والتى تمت إعادتها إلى اللجنة مرة أخرى وهى الخاصة بأن يتولى مجلس النواب سلطة التشريع باعتباره الغرفة الوحيدة ، وأن كل مشروع قانون رفضه المجلس لا يجوز تقديمه للمجلس مرة أخرى فى نفس دور الانعقاد بسبب حدوث خلافات بين النواب بشأن هذه المادة. وقد اعترض عدد كبير من النواب وفى مقدمتهم خالد يوسف على المادة 178 التى تنص على أن «يرسل رئيس مجلس النواب إلى مجلس الدولة مشروعات القوانين بعد موافقة المجلس عليها فى مجموعها وقبل أخذ الرأى النهائى عليها ليقوم مجلس الدولة بمراجعتها وصياغتها على أن يقوم مجلس الدولة بذلك فى أسرع وقت ، ويجوز لرئيس مجلس النواب أن يطلب من مجلس الدولة أن تتم المراجعة والصياغة بطريق الاستعجال وفق الأحكام المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة».