«المخلفات الخطرة» هى الملف الشائك بين ملفات البيئة نظرا لما تمثله من تهديد لصحة المواطنين، إذ تختلف عن أنواع المخلفات الأخرى، بما تحتويه من مواد سامة أو مسرطنة أو مسببة لأمراض مزمنة، كما تختلف أيضا فى قدرتها على النفاذ إلى الهواء أو مجارى المياه أو الاستقرار فى التربة لزمن طويل، وكذلك فى احتياجها إلى أراض مخصصة للدفن الصحي، والتعامل الحذر معها. ومن هنا حذر الخبير البيئى الدكتور محمد الزرقا الحكومة - فى حوار سابق مع الصفحة - من التأخر فى التصدى لهذه المخلفات، وطالب بإدارتها بطريقة آمنة. واستكمالا لهذا الملف، وتحريا للموضوعية.. حاورنا الدكتور خالد فهمي، وزير الدولة لشئون البيئة، لمعرفة خطة الحكومة فى هذا المجال، وكيف تخطط وزارته للتعامل معه. فى البداية أثنى الوزير على الدكتور محمد الزرقا باعتباره أحد الخبراء الاستشاريين ذوى الخبرة العريضة الذين يحظون بالتقدير، مشيرا إلى أنه كان يعمل رئيسا لقطاع نوعية البيئة بجهاز شئون البيئة، وعضوا بمجلس إدارة الجهاز. وقال الدكتور خالد فهمي: وجدت أن وحدة إدارة المخلفات الخطرة تحتاج إلى إعادة بناء خاصة أن معظم خبرائها غادروها، وأن الشباب يحتاج إلى تدريب مكثف، فكان من الضرورى أن نحافظ على مستوانا الدولي، فطلبت من الزرقا أن يكون نقطة الاتصال باتفاقية بازل، وظل موجودا بالفعل حتى تم إيجاد قيادة جديدة شابة، واتفقنا مع جهتين دوليتين هما مشروع المخلفات العضوية الثابتة، ومشروع إدارة المخلفات الصلبة، واستطعنا الحصول على 10.5 مليون يورو من سويسرا لإعداد وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للمخلفات الخطرة مع بعض المواقع فى مصر، وأعدنا إحياء اللجنة الوطنية التى تشارك فيها جميع الوزارات بمصر لتحديث الاستراتيجية. ثلاثة مواقع وأضاف الوزير: الآن لدينا فى مصر حصر بالأراضى التى تصلح كمواقع آمنة للمخلفات الخطرة، وقمنا بإجراء دراسة مع جامعة القاهرة لتخطيط استخدام هذه الأراضى بطريقة علمية بحيث يكون جزء منها للمخلفات الطبية وآخر للبلدية وثالث للمخلفات الخطرة، مع طرح هذه الأراضى أمام المستثمرين لإنشاء أماكن للتخلص من المخلفات بأنواعها كافة، بالتعاون مع محافظة القاهرة، وخلال الزيارة الأخيرة لرئيس الصين تم الاتفاق مع الجانب الصينى على التعاون لإنشاء هذه المدافن. وفى الوقت نفسه نبحث مع وزارة الصحة أربعة عروض لاستخدام المخلفات الخطرة فى أرض مخصصة لذلك فى بلبيس، كما ندرس مع وزارة الصناعة - من خلال إدارة تقييم الأثر البيئى بها - تفعيل استخدام أفران الأسمنت للتخلص من المخلفات الخطرة، وهو أسلوب مطبق فى كل بلاد العالم. فقد وجدنا من خلال قراءة التوزيع الجغرافى لمصانع الأسمنت أن 42 خط إنتاج موجود فى مناطق صناعية كثيفة، وبالتالى فإن أنسب الطرق لتلافى التكلفة العالية لنقل مخلفات الصناعات هى حرقها بأفران الأسمنت. وهناك دراسة لإنشاء خلية ثالثة فى منطقة الناصرية ببرج العرب، وسوف يدخل صندوق حماية البيئة كشريك مع محافظة الإسكندرية فى إنشاء وإدارة الخلية فى مقابل عائد يوزع على المحافظة والصندوق. والأمر هكذا قال الوزير: نحن نسير فى أكثر من اتجاه، ولكن ثمار ذلك ستأخذ وقتا، ودعنى أسأل: لماذا لم يقم السادة المسئولون السابقون باتخاذ الإجراءات اللازمة، وممارسة الدور المنوط بهم لمواجهة هذه المشكلة؟ المستثمر الأجنبى لماذا؟ وحول الاستعانة بالمستثمر والشريك الأجنبى فى إنشاء وإدارة مواقع التخلص الآمن من المخلفات الخطرة فى الوقت الذى تتوافر فيه الخبرات الوطنية.. قال الوزير: لا أريد أن أحمل كاهل الموازنة العامة للدولة عبئا إضافيا نظرا لما تواجهه من صعوبات، وما تتحمله من مسئوليات، لذا اعتمدت على الشريك الأجنبى على أن يضخ أموالا فى إنشاء بنية تحتية، وتدريب كوادر جديدة، ثم تقوم الحكومة بعد ذلك بإنشاء شركات مساهمة تدخل الدولة بنصيبها فيها من عناصر البنية التحتية، ويدخل المستثمر بالتمويل اللازم، والتكنولوجيا الحديثة. الاستراتيجية لا تكفي وهنا يؤكد الدكتور خالد فهمى أن الوزارة تقوم بتحديث ما يلزم من استراتيجياتها للتصدى للعمل البيئي، ومن بينها استراتيجية إدارة المخلفات الخطرة مع إيمانه واقتناعه الكاملين بأن مواجهة مشكلات البيئة لا يكون بالاستراتيجيات فقط، ولكن بالعمل الحقيقى على أرض الواقع، لذلك يجرى تطبيق منهج جديد يكفل الإسراع بتنفيذ تطبيقات هذه الاستراتيجيات لإيجاد حلول ناجزة، حسبما قال. ومن بين الآليات التى سيتم الاعتماد عليها لتحقيق هذا الهدف ما أتاحه القانون رقم 127 لسنة 2015 الذى يسمح بإنشاء شركات مساهمة لأشخاص القانون العام، وفى إطاره سيتم إنشاء شركة لإدارة المخلفات الخطرة والبلدية، إذ تحتاج المخلفات البلدية وحدها إلى نحو أربعة مليارات جنيه لتنفيذ منظومة متكاملة لإدارتها، والتخلص منها بطريقة صحيحة أو تدويرها.. فهل هذا المبلغ متوافر؟ «الإجابة: لا.. من هنا لجأنا إلى ما أتاحه القانون سالف الذكر من حلول لمواجهة مشكلات البيئة دون عوائق تمويلية».. هكذا اختتم فهمى حديثه مع الصفحة.