رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة : "إجراءات إقتصادية قاسية فى الطريق، والتقشف يلوح فى الأفق". قفزت الرسالة القصيرة فى وجهى فشعرت بغصة فى حلقى وذكرتنى بما حدث بشكل متكرر فى أزمنة سابقة مع تكرار ل"عبارة أزلية" هى :"عنق الزجاجة" و"ربط الأحزمة"!! لقد بدا من الواضح أن الوطن يمر بضغوط خارجية على كافة المستويات. وإذا كانت قواتنا المسلحة وشرطتنا تتحمل بالشق الأمنى ودبلوماسيينا وسياسيينا بالشق السياسى فإن علينا أن نتحمل مع حكومتنا الماضية والحالية والمستقبلية بأمر مواجهة الضغوط الإقتصادية. فالضغوط والتهديدات الإقتصادية تحتاج لأن يواجهها الشعب، أى أن نواجهها جميعا "أنا" و"أنت" والمسئولين والخبراء وكل مصرى على أرض مصر. لقد بدا من الواضح أننا على وشك مواجهة "موجة تقشف" قادمة. والتقشف هو مصطلح يشير فى علم الاقتصاد إلى برنامج حكومى ذو طابع اقتصادى، يستهدف الحد من الإسراف وتقليص الإنفاق على السلع الاستهلاكية، وتشجيع الادخار، والعمل على مضاعفة الإنتاج، فى محاولة لعلاج أزمة اقتصادية، تمر بها البلاد. والتقشف والسياسات التقشفية ليست بالعمل المشين أو بالعيب الذى ينم عن الضعف، ولكنه وسيلة للتغلب على وضع إقتصادى غير موات تمر به البلاد أو المنطقة التى توجد بها البلد أو العالم أجمع. لقد بدأت دول العالم بوجه عام، وفى أوروبا والولايات المتحدة على وجه الخصوص، فى تطبيق خططها لمواجهة التقشف منذ سنوات مضت بهدف خفض النفقات غير الضرورية وإدخار الأموال لمواكبة أزمات إقتصادية طاحنة تمر بها وخاصة حالة تباطؤ نمو الاقتصاد العالمى وتراجع أسعار البترول عالميا. وفى اللغة يقال تَقَشَّفَ الرَّجُلُ أى أنه قَتَّرَ على نَفْسِهِ وَاكْتَفَى بِما هُوَ ضَرورِيٌّ ، وَانْصَرَفَ عنِ الْمَلَذَّاتِ والتَّنَعُّمِ. ولذلك نجد أن هناك من ينصح كل مواطن بتنفيذ خطة تقشف منزلية خاصة به وبأسرته حتى يخرج منتصرا من الأزمة. ففعلى سبيل المثال هناك خطة أوروبية لكل فرد لمواجهة التقشف المنزلى. الخطة المقترحة تشمل ست نصائح لخفض التكاليف وتوفير المال السريع: (1)التوقف عن شراء المنتجات الورقية! وإذا قمت بالشراء فعند وجود تخفيضات. (2) إلغاء إشتراك باقات القنوات التليفزيونية فهى ليست ضرورة. ويا حبذا لو تم توفير قيمة الإشتراك فى القنوات التى تذيع مباريات كرة القدم مقابل إشتراك مرتفع الثمن. واعتمد على الاستماع إلى الأخبار والمباريات والأغانى فى الراديو. وتمتع بمشاهدة الأفلام مجانا عن طريق إقتراض أفلام الفيديو الرقمية. (3)إلغاء خط هاتف منزلك والإستعانة بعروض الهاتف المحمول الخاص بك. (4) عمل حساء من بقايا الطعام وبالتالى يمكنك تناول الطعام مجانا على الأقل مرة واحدة فى كل أسبوع أو أسبوعين. (5) التوقف عن شرب القهوة والشاى والمشروبات الغازية والتوقف عن تناول الوجبات السريعة لتوفير المزيد من المال! وتذكر، أنها "خطة التقشف". فبتلك الطريقة سوف تقوم بحفظ المال وخفض فاتورة البقالة الخاص بك، وسوف تشعر أنك أيضا أكثر صحة، ولديك المزيد من الطاقة وربما تفقد بعض الوزن. وحفظ أى أموال تخصك بالبنوك والإكتفاء باحتياجاتك اليومية. ويمكن إضافة بعض النصائح المحلية الأخرى مثل : الإقتراب أكثر من منافذ مشروع "كون وجبتك" أو منافذ السلع المنخفضة التكلفة المنتشرة فى الكثير من المناطق. ومتابعة المعارض الرسمية لبيع السلع بتخفيضات فى السعر. وإستخدام المواصلات العامة بدلا من استهلاك سيارتك الشخصية ووقودها. وخفض إستهلاك الإضاءة فى المنزل مما قد يوفر عشرات الجنيهات شهريا. تقليل فترات الجلوس فى المقاهي والكافيهات، وبدلا من ذلك اتجه إلى التريض سيرا على الأقدام (فهو مجانى حتى الآن!). التخلى عن الملابس التى تحتاج إلى عناية ما بعد الغسيل مما يوفر تكلفة المكواة. والتوقف التام عن شراء المنتجات المستوردة، فقد حان الوقت لأن تستخدم "شحنة وطنيتك" فيما هو أبعد من الأغانى وبرامج المنوعات وكرة القدم. وهكذا زحفت الأزمات حتى بيوتنا وتستعد لإلتهام جيوبنا وسيأتى حرماننا من جزء من الرفاهية المطلوبة بمثابة الحل الوحيد لمواجهة مشاكل اقتصادية مثل العجز فى الموازنة وانخفاض الإيرادات مقارنة بالنفقات العامة للدولة وإنخفاض سعر الجنيه المصرى أمام الدولار. وسيستمر الأمر إلى أن يزداد الإنتاج الوطنى من السلع والخدمات ومن ثم ينمو التصدير فتحدث زيادة فى إيرادات البلاد لنخرج من أجواء الأزمة إلى مرحلة الإنتعاش. دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت. لمزيد من مقالات طارق الشيخ