تداعيات كثيرة للأزمة المالية العالمية التي عصفت بأكبر الكيانات الاقتصادية؛ أهمها تسريح الآلاف من العمال والموظفين من شركاتهم وأعمالهم!! وانضمت هذه الفئة إلى قطار العاطلين عن العمل، والمشكلة الأساسية التي تواجه هذه الفئة –التي تم تسريحها– أنها ترتبط بالتزامات أساسية لابد من تحقيقها بدءا من الالتزمات المعيشية كالطعام والشراب والرسوم المختلفة كالإيجارات أو أقساط ومصاريف الأبناء في المدارس أو جامعات؛ فضلا عن المستوى الاقتصادي الذي اعتادت عليه هذه الأسرة والتي انضم عائلها إلى قطار البطالة.
والمشكلة تتضاعف إذا كانت الزوجة لا تعمل أو تم الاستغناء عنها هي الأخرى بسبب الأزمة المالية؛ الأمر الذي عانت منه العديد من الأسر الأمريكية والتي استضاف دكتور فِل إحداها في برنامجه الشهير محاولا مساعدتها ووضع حلول لمواجهة هذه الأزمة!!
بول وزوجته أحد الأسر الأمريكية التي تعرضت لهذه الأزمة، وقد فقد بول وظيفته المتميزة في أحد شركات صناعة التكنولوجيا الكبرى بالولايات المتحدة والتي كانت تؤمن له حياة تتميز بالترف والفخامة، وهو الآن خالي عمل منذ ثلاث سنوات، ولا يوافق على الحصول على وظيفة أقل من وظيفته السابقة، وأوشكت مدخراته على الانتهاء، وزوجته تهدده بتركه في حال عدم حصوله على عمل جديد لتأمين أسرتها وأبنائها!!!
وهناك أيضا محمود وأمل، أسرة مصرية صغيرة في بداية حياتها ولديهما طفلة جميلة لا تتعدى الأربعة أعوام، تعرض محمود لأزمة كبيرة في عمله في مجال السياحة؛ فبعد أن كان مديرًا لأحد فروع شركات السياحة الكبرى، أغلقت الشركة الأم هذا الفرع نتيجة لخسائره، وأصبح عاطلا عن العمل يبحث عن أي فرصة سواء في مصر أو خارجها، ونجح في الحصول على عقد عمل لمدة عام في إحدى الدول العربية، وبعد انقضاء العام، تم إنهاء العقد، وعاد مرة أخرى بحفنة من الريالات هي ما تمكن من ادخاره في ظل انخفاض الرواتب وتسريح العمال في هذه الدولة. ليظل يبحث مرة ثانية عن عمل جديد.
ونماذج أخرى كثيرة تختلف في الأسماء ولكن تتشابه في المصير وهو البطالة..
وسنضع في هذا الموضوع مجموعة من النصائح في نقاط واضحة ومحددة حتى تساعد كل من تعرض لهذا الموقف على مواصلة الحياة.
التعايش والتعامل مع الواقع الجديد، وعدم البكاء على اللبن المسكوب: اخرج سريعا من أزمتك بخطوات عملية وسريعة ومدروسة بدلا من الاكتئاب والإحباط ولطم الخدود.
تقليص وحذف بعض النفقات: أي الاستغناء عن النفقات التي تضيع على سلعا استهلاكية يمكن العيش بدونها، وتقليص النفقات في الجوانب الأخرى؛ فبعض الأسر تأكل خارج البيت أكثر من مرة في الأسبوع أو تطلب وجبات سريعة من الخارج لابد من تقليص هذا البند أو الاستغناء عنه تماما.
البحث عن الأشياء التي قد تتحول إلى أموال: فعلى سبيل المثال يمكن للأسرة أن تعرض الأشياء والأغراض التي يزدحم بها البيت وتستطيع الأسرة بيعها للتنازل والبيع من خلال مواقع الإنترنت أو الإعلانات المبوبة كالكتب، والملابس، والأجهزة المنزلية، وألعاب الأطفال، إلخ.
عدم استخدام البطاقة الائتمانية في الشراء: وتحويل ما بها من رصيد إلى حساب آخر في البنك لمواجهة السلوك الاستهلاكي الذي اعتادت عليه الكثير من الأسر، وجعل هذا المبلغ لمواجهة الأزمات الطارئة والمصاريف العاجلة التي لابد من سدادها.
الاستفادة من العروض التي تقدمها المتاجر: والاحتفاظ بالقسائم التي عليها تخفيض وشراء الخضراوات والفاكهة في موسمها وبكميات كبيرة وحفظها للاستفادة من رخص سعرها.
وضع خطط للتأقلم والترفيه المجاني الذي لا يكلف الأسرة شيئا: قضاء يوم في حديقة مجانية مثلا أو اللعب من خلال الإنترنت بدلا من شراء ألعاب البلاي ستيش.
استغلال هذه الأزمة في تعليم الأبناء أن الحياة أوقات طيبة وأخرى عصيبة لابد من مواجهتها: وكما يقول الله تبارك وتعالى: {فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا} حتى يتعود الأبناء على تحمل المسئولية والتقشف وقت الشدة والرخاء فيجب:
1. أن تحدد الأسرة مع أبناءها الأولويات؛ فهناك أشياء ضرورية لا يمكن أن يستغنى عنها الأبناء، وهناك متطلبات يمكن تأجيلها، وهناك أشياء أخرى يمكن الاستغناء عنها تماما. 2. استخدام بعض الأفكار الاقتصادية مثل أن يحصل الابن الأصغر على ملابس أخيه الأكبر بعد تنظيفها وإصلاحها ووضع بعض اللمسات بواسطة الأم لتصبح جديدة؛ بدلا من شراء ملابس جديدة؛ كذلك الاستعانة بالكتب الدراسية للأخ الأكبر ... إلخ. 3. حث الأبناء على تحديد الألعاب والأشياء التي ليسوا في حاجة إليها، وبيعها إلى المتاجر والمحلات التي تشتري السلع المستعملة، واستخدام حصيلة البيع في شراء حاجة يحتاج إليها الأبناء بالفعل. 4. الاستعانة بحصالة ووضعها في مكان بارز للأبناء ليضعوا بها مبلغا معينا من مصروفهم يوميا لاستخدام هذا المال وقت الطوارئ، وبهذا يتعلم الأطفال الادخار. 5. إشراك الأبناء في عمل ميزانية الأسرة وتخصيص يوم للأبناء لإدارة الشئون المالية للبيت ليكتسبوا مهارات إدارة شئون المنزل. 6. اصطحاب الأبناء في عمليات الشراء للحصول على السلع الأقل ثمنا وأكثر جودة. 7. تعليم الأبناء بعض المهارات اليدوية كأعمال السباكة والنجارة بالنسبة للذكور، والخياطة والتريكو للبنات، واستخدام هذه المهارات في عمل أشياء اقتصادية للمنزل بدلا من الاستعانة بآخرين بمقابل لإنجاز هذه الأعمال.
وبالطبع لن تكتفي بهذه النصائح وتظل ببيتك منتظراً عملاً جديداً يطرق عليك بابك؛ ولكن عليك بإتباع هذه النصائح للحصول على عمل آخر:
العثور على عمل جزئي مؤقت وبشكل سريع: حتى وإن تعارض هذا العمل مع مؤهلك الدراسي أو خبراتك كبائع صحف أو مندوب مبيعات عبر الهاتف... إلخ، وتذكر أنك في مرحلة ضمان البقاء وعليك استغلال باقي اليوم في البحث عن العمل المناسب.
اكتب كل مهاراتك بشكل واضح وجذاب في سيرتك الذاتية: واعرضها على الشركات، وروج لنفسك دائما، وتعهد بتحسين العمل في الشركة التي تتقدم إليها. عدم الاكتفاء بالإنترنت، استخدم المقابلة الشخصية: فبعض الشركات تقبل من يطرق بابها للبحث عن فرصة عمل بعد أن تتأكد من جديته وإمكانية الاستفادة من خبراته ومهاراته.
بذل المزيد من الجهد.. لا تيأس: فلا تكل ولا تمل من البحث عن عمل والتوجه إلى الشركات، ولا تحبط من الرفض؛ بل واصل؛ فإذا قمت ب 50 مقابلة مثلا فحتما أنك ستجد فرص 1% من ال 50 مقابلة.
كن مرنا: فالأشخاص الناجحون هم من يقومون بما عجز عن فعله الخاسرون، كن مرنا في تقبل أجر أقل من خبراتك ومهاراتك، كن مرنا في العمل في وظائف بسيطة حتى تتمكن من تحقيق هدفك الأكبر، تقبل ذلك وكن فخورا به ولا تخجل منه على الإطلاق.
استخدم شبكة علاقاتك: اتصل بكل من تعرفهم من الأصدقاء والأهل والمعارف وشركاء العمل وأخبرهم برغبتك في الحصول على فرصة عمل.
اعتن بنفسك: فهذا ليس الوقت المناسب لتدهور صحتك بشراهة التدخين أو السهر طول الليل والنوم حتى الظهر مكتئبا.
التخطيط: قم بعمل خطة يومية تكتب فيها الشركات التي ستذهب إليها، وقم بتجميع الشركات القريبة من بعضها في يوم واحد حتى لا تضيع وقتك ولا مجهودك.
وأنت هل تم الاستغناء عنك من قبل؟.. احك لنا عن تجربتك في التعايش مع الواقع الجديد وكيفية حصولك عل فرصة عمل بديلة.