فى كتاب جديد مهم عمد الأستاذ السيد يسين إلى طرح جزء آخر من مناظراته الفكرية حول التوجهات المتطرفة التى دار حولها المشروع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، والذى أدرك الكاتب خطورته منذ زمن بعيد، إذ دار- فى حده الأدني- حول الانقلاب على الدول العربية العلمانية وتحويلها إلى دول دينية تطبق الشريعة الإسلامية كما تفسرونها أما الحد الأعلى لمشروع الإخوان السياسى فكان إحياء نظام الخلافة الإسلامية، وتوحيد جميع البلاد الإسلامية تحت رئاسة خليفة واحد. والكتاب- فى أبسط تلخيص له- يرسم خارطة طريق تحول الفكر التكفيرى إلى إرهاب متوحش، وهو يدور حول الصراع الدائر السائر بين ثقافتى (التجديد والتكفير)، محتوياً رؤية الكاتب- بقدرته المعروفة على التحليل النقدي- عن التحليل الثقافى للسلوك الإرهابي. ولعل من المشاهد الكاشفة جدا فى صفحات هذا الكتاب حول حجم الفجوة بين التطرف والتجديد، تلك المناظرة بين الأستاذ السيد يسين والشيخ يوسف القرضاوى، والتى إحتوت مقابلات وتقاطعات رائعة صاغها المفكر العلمانى فى مواجهة طروح الفقيه الدينى سواء فيما يتعلق بالحلم الإسلامى الذى يهدف إلى توحيد الأمة الإسلامية، وتناقض الحركة الإسلامية بين (الواقع) و(الخيال) من خلال ما نشره القرضاوى فى (تقرير الأمة فى عام) عن مركز الدراسات الحضارية عام 1994، وما قدم له طارق البشرى بعنوان: (الأوضاع الثقافية للحوار)..ويحدد السيد يسين- كذلك- خطورة الأحلام المثالية لأمثال الشيخ القرضاوى التى تتجلى حين تسعى بعض الحركات الفكرية أو النظم السياسية لتحويلها إلى واقع، ضاربا مثلين هما: دولة الترابى فى السودان، ودولة آيات الله فى إيران. كما تناول الأستاذ السيد يسين عناصر ومنطق الدولة الدينية التى يهدف المتطرفون إلى إقامتها ويريدون بها إنشاء ولاية للفقيه على الطريقة السنية. إن ترجمة هذه المناظرة وترويجها دوليا سوف يكون واحدا من أفضل أساليب حصار المغالطات التى حفل بها خطاب الإخوان الحالى إلى الغرب، وسيكون دليلا على رسوخ فكر التجديد فى مواجهة فقه الإرهاب منذ فترة طويلة فى بلادنا. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع