مع الفرحة الغامرة التي سادت بين كل المصريين لقرار وقف تصدير الغاز لإسرائيل بسبب ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وانتظارا لانعكاسات هذا القرار الذي يستند لأسباب تجارية لتوقف الشركة المصدرة للغاز المصري لإسرائيل عن سداد مستحقات متأخرة لمصر. تستكمل الأهرام اليوم عرض ملف تصدير الغاز الذي لم يكن ضمن بنود اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة عام1979 وكانت مصر خلال الثمانينيات من القرن الماضي تصدر البترول الخام لإسرائيل وفقا لمزايدات وأسعار عالمية معلنة. وقدمنا تفاصيل كاملة لمفاوضات جرت خلال فترة التسعينيات مع شركات إيطالية وامريكية حول مشروع خط السلام الممتد من العريش إلي الأردن وسوريا وإسرائيل ولبنان وتركيا ومشروعات للتصدير لإسرائيل والسلطة الفلسطينية ولكنها تعثرت وتوقفت لخلافات حول الأسعار ومسارات الخطوط, ونعرض اليوم بإيجاز الملف الخاص بتصدير الغاز لإسرائيل بالحقائق الكاملة بعيدا عن القضية التي مازالت تنتظر كلمة القضاء. في البداية بدأت أول مشروعات تصدير الغازالطبيعي إلي الأردن من خلال توقيع اتفاقية للتعاون في مجال تصدير الغاز عام2000 وكانت ضمن10 اتفاقيات وقعتها اللجنة الوزارية العليا المشتركة بين البلدين بحضور الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق في ذلك الوقت وقد رفض الجانب الأردني توقيع اتفاقية الغاز مع شركة يمثلها المتهم الهارب حسين سالم وتعثرت عملية التوقيع حتي موعد إقلاع طائرة الوفد المصري, وتدخل المهندس سامح فهمي وزير البترول الأسبق واقترح إنشاء شركة مصرية مملوكة بالكا مل للدولة هي شركة فجر المصرية الأردنية وبمشاركة شركات تابعة إلي قطاع البترول المصري لتنفيذ المشروع, وبذلك تم استبعاد حسين سالم من المشروع و تم عام2001 توقيع بروتوكولات مع دول خط الغاز العربي التي تضم كلا من مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق, وبدا تشغيل الخط العربي للأردن عام2003 وبدأ ضخ الغاز إلي سوريا عام2008, اما التصدير إلي لبنان بدأ عام2009 ويتم تسليم الغاز المصري عند الحدود السورية الأردنية وتولي سوريا ضخ غاز بديل من الخاص بها وتتولي شركة الغاز السورية نقله إلي داخل لبنان. وبدأت فكرة التصدير إلي إسرائيل في ظل تناقص إنتاج البترول وزيادة احتياطي وإنتاج الغاز الطبيعي حيث كانت مصر تتعامل مع إسرائيل تجاريا بتصدير البترول الخام منذ عام1981 و بلغ إجمالي كميات التصدير حتي عام1990 حوالي21 مليونا و200ألف طن بمتوسط سنوي2 مليون و120ألف طن, وخلال الفترة من عام1991 حتي عام2000 بلغ إجمالي كميات التصدير لإسرائيل15 مليونا و600ألف طن بمتوسط سنوي مليون و660ألف طن, وكانت آخر شحنة80 ألف طن تم تصديرها لإسرائيل في فبراير2003 وهي تمثل1% من إجمالي احتياجات معامل التكرير بإسرائيل والتي تستورد غالبية خامات البترول اللازم لها من إيران ودول عربية من خلال وسطاء. وبعد أن لاحظ الرئيس السابق حسني مبارك أن مصر تصدر البترول لإسرائيل وتقوم في نفس الوقت باستيراده, استغل علاقته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين وطلب منه التنازل عن الحصة ووافق رابين بالفعل. ثم كانت توجيهات القيادة السياسية وجهة سيادية بإنشاء شركة بمشاركة حسين سالم لتصدير الغاز لإسرائيل علي الرغم من وجود شركة تابعة لقطاع البترول المصري تم تأسيسها بغرض تصدير الغاز لدول البحر المتوسط وتولي رئاستها أولا المهندس إسماعيل محيي الدين ثم بعد ذلك الجيولوجي هاني حافظ, ولكن تم إلغاء هذه الشركة. وبالفعل في يناير عام2000 وافقت الهيئة العامة للاستثمار علي تأسيس شركة شرق البحر المتوسط للغاز بنظام المناطق الحرة لتصدير فائض الغاز من حصة الدولة والشركات الأجنبية ونقله إلي تركيا والدول الواقعة علي الساحل الشرقي للبحر المتوسط وغيرها من الدول الأخري, و بعد قرار آرائيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي بتفضيل شراء الغاز من مصر بدلا من حقول الغاز الفلسطينية والتي اكتشفتها شركة بريتش جاز البريطانية أمام شواطيء غزة, اجري يوسف بارتيسكس وزير البنية التحتية الإسرائيلي مفاوضات مع سامح فهمي وبعد أن تعثرت كشف في تصريحات للصحف الإسرائيلية أن المصريين لن يزودوا إسرائيل بالغاز بدون شراء الغاز الفلسطيني وإلا اعتبرهم العالم خونة, وقال أنه لم يحصل علي رد صريح من وزير البترول المصري ومن المستحيل أن ننتظر طويلا, وبعد ذلك حددت الجهة السيادية في مراسلات عديدة لسامح فهمي وزير البترول الأسبق الخطوات التي يجب القيام بها للتوصل إلي اتفاق مع الطرف الإسرائيلي ومنها جدول زمني ومعه تفويض لشركة البحر المتوسط للغاز لتزويد إسرائيل وتركيا بالغاز علي مرحلتين الأولي تنتهي بضخ الغاز من العريش إلي إسرائيل في نوفمبر2000 بينما المرحلة الثانية تكتمل بمد خط الغاز إلي تركيا في أبريل.2001