تمثل «السكة الحديد» العمود الفقرى لنقل الركاب فى مصر، بعدد ركاب يبلغ نحو 540 مليون راكب سنويا، أى نحو 1.4 مليون راكب يوميا،ويبلغ نصيبها من نقل الركاب نحو 30% من إجمالى حجم النقل على المستوى القومي، وبالرغم من أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر منذ انشائها فى عام 1852 كانت تعد ثانى شبكة فى العالم بعد بريطانيا، إلا أنها أصبحت الآن تحتل المرتبة ال78 على مستوى العالم من حيث كفاءتها، ولم يكن ذلك من فراغ. على مدار السنوات الأخيرة، لا يكاد يمر عام دون وقوع ضحايا للسكك الحديدية ، ففى حين وقع تصادم بين قطارين شمال القاهرة فى عام 1993، وأسفر عن مقتل 12 وإصابة 60 آخرين، ثم لحق به حادث اصطدام آخر فى عام 1995 أسفر عن وفاة 75 راكبًا وإصابة المئات، وفى عام 1997 توفى 11 شخصًا، إثر تصادم قطارين فى شمال أسوان، نتيجة لخطأ بشرى وخلل فى الإشارات، وفى أكتوبر 1998اصطدم قطار بالقرب من الإسكندرية بأحد المصدات الأسمنتية الضخمة، أدى إلى خروج القطار نحو أحد الأسواق المزدحمة بالبائعين المتجولين وأسفر عن مقتل 50 شخصا وإصابة أكثر من 80 شخص، وفى عام 1999 اصطدم قطار القاهرة _الإسكندرية بشاحنة نقل ،أدت لخروجه عن القضبان إلى الأراضى الزراعية المحيطة به مخلفا وقوع 10 قتلى وإصابة 7 آخرين، ثم جاءت حادثة قطار العياط الأكثر بشاعة ،فى فبراير 2002 إذ اندلعت النيران بأحد عربات القطار وامتدت إلى باقى العربات، وراح ضحية هذا الحادث ما يقرب من 350راكبا ومئات المصابين، ولم يمض سوى أربع سنوات، حتى اصطدم قطار المنصورة مع قطار بنها، مخلفا أكثر من 50 قتيلا و163مصابا، وفى 2009 شهدت مدينة العياط حادث تصادم آخر، أدى إلى انقلاب أربع عربات من القطار الأول وأودى بحياة 30 مواطنا وإصابة 60 آخرين، وفى نوفمبر 2012 استيقظنا على حادثة اصطدام حافلة منفلوط المدرسية بإحدى القطارات، عند قرية المندرة التابعة لمحافظة أسيوط، أثناء مرورها ب»المزلقان« لتخلف50 تلميذا قتيلا، بالاضافة لسائق الأتوبيس والمشرفة، وفى عام 2013 اصطدم قطار الصعيد بقطار بضائع بالقرب من كوبرى أبوربع، مخلفا وفاة 18 مجندا، وإصابة 120آخرون، وفى 2015، اصطدم قطار السويس بأتوبيس مدرسة بالقرب من البوابة الأولى لمدينة الشروق، أثناء مرور الأتوبيس من المزلقان، وتوفى 3 أطفال وأصيب 26 آخرون، وأخيرا وفى 2016 حتى كتابة هذه السطور ارتطم قطار بنى سويف بحاجز خرسانى مخلفا إصابة 71 شخصًا.. تكرار هذه الحوادث يعكس إهمالا واضحا وتهاونا فى الحفاظ على حياة المواطن الذى يعتمد على القطار كوسيلة نقل رخيصة الثمن سألنا المهندس حسين زكريا، رئيس هيئة السكك الحديدية سابقا، لماذا تتكرر حوادث القطارات، وماهو السبيل لإيقافها، وهل هذا ممكن من الأساس، وإذا كان ممكنا فكم سيستغرق من الوقت للإصلاح، وماهى تكلفة الاصلاح؟ يقول زكريا إن الهيئة المصرية تراجعت ، لأننا لم نلحق بركب التطوير بعد ، فكل شيء بالسكة الحديد بحاجة للتطوير، بدءا من اعتمادنا على البشر فى تنظيم مسير القطارات بديلا عن نظام ال (A.T.C) المعمول به فى العالم ، وكذلك نظام الإشارات المعمول به فى مصر والذى ينقسم الى نظام كهربائى يستخدم بنسبة 15% ونظام ميكانيكى اقدم من الكهربائي، يستخدم بنسبة 85 %، لم يعد يستعمل فى العالم كله، وهذا النظام ينبغى أن يتم تحويله جميعا الى نظام ال (E.IS) المعمول به عالميا، وليس عنهم ببعيد نظام ال (A.T.C) المسئول عن سلامة المسير والذى يتحكم فى مسير القطار وسرعته، ومتى يتوقف ومتى يسير، وهو نظام بدائي، فى حين ان النظام السارى حاليا فى اوروبا مثلا، وهو شائع الاستخدام هو نظام ال ATCSL وهذا النظام يطبق أعلى مستويات السلامة على عكس النظام المطبق حاليا. ويضيف المهندس حسين أن المزلقانات ايضا والتى تشكل السبب الأبرز لحوادث القطارات فى مصر، فيمكننا القول إن فى مصر 1337مزلقانا قانونيا تعرف به هيئة السكك الحديدية وتتعامل معه، بالإضافة الى المعابر غير الشرعية والمزلقانات التى يصممها البعض أمام منازلهم دون معرفة السكك الحديدية والمحليات، فى حين انه على مستوى العالم لا توجد تقاطعات كثيرة بهذا الشكل سوى فى مصر، وأينما وجدت تلك التقاطعات فى دول العالم الاخرى يتم تصميم كبارى معها للسلامة، ولكى نحد من تلك الحوادث لابد من تطوير الاشارات لتعمل بالنظام الالكترونى بدلا من الميكانيكى والكهربائي. ويقدر زكريا تكلفة تحديث النظم التى تعمل بها القطارات فى مصر واستبدال القطارات والجرارات القديمة والتى جاوز عمر بعضها الاربعين عاما ، بأخرى حديثة، وتطوير المزلقانات، ب 60مليار جنيه على الاقل، ومدة زمنية لا تقل عن 5 سنوات من بدء العمل على التحديث ، مشيرا الى ان السكة الحديد قد بدأت فى التطوير ولكن على استحياء لقلة الامكانيات عبر قروض خارجية، وبالفعل أوشكت شركة فرنسية على الانتهاء من تطوير قطارات القاهرةالاسكندرية، وانتهت مفاوضات على قروض خارجية لبدء تطوير قطارات الوجه القبلى بين بنى سويف اسيوط، وإذا كان التطوير قد بدأ فعلا، فإنه يجب القول ،أن المواطن أيضا شريك فى الحفاظ على التطوير ودعمه، عبر الحفاظ على القطارات واستخدامها بشكل جيد وعدم التهرب من دفع ثمن تذكرة الركوب، مشيرا الى ان 50% من ركاب القطارات غير المكيفة لا يدفعون ثمن التذاكر و30 % من ركاب القطارات المكيفة لايدفعون ايضا، فى حين ان سعر التذكرة اقل من تكلفة التشغيل اصلا ، فبينما تكون تكلفة الراكب الحقيقية فى القطارات غير المكيفة هى 9قروش لكل كيلومتر، تأخد الهيئة 2قرش فقط للكيلو متر، بنسبة 20% من اجمالى التكلفة، أما بالنسبة للقطارات المكيفة، فان التكلفة الفعلية تكون 20قرشا لكل كيلو متر، وتتقاضى الهيئة مبلغا اقل ايضا، فى حين تدعم الدولة النسبة الباقية.