الحقيقة نسبية وتحكمها متغيرات تاريخية وثقافية وحضارية وعلمية, ففي زمن مضي حكم بالموت علي من نادي بكروية الأرض وبمن أعلن أن الأرض هي التي تتحرك وليس كواكب أخري كالشمس والقمر.أما الحق فهو مبدأ مبني علي شهادة صادقة لوقائع حادثة أو حدثت في زمن ومكان معينين. أو الإعلان لمبدأ قانوني أو حكم علي واقعة لها دلائلها التي تستند إلي احكام وقوانين أقرتها الجهات المعنية ولها أسانيدها الدستورية وسوابق الأحكام الصادرة من المحاكم العليا والمتعارف عليها طوال حقبات تاريخية حتي اصبحت ثوابت لا يجوز مخالفتها الا من خلال القنوات المشروعة ولضرورات تفرضها المتغيرات العلمية او الثورات المشروعة بحيث لا يترتب عليها اضرار رجعية ولكن يستفيد منها اصحاب المراكز القانونية إذا ما كانت القوانين المستجدة تصحح أوضاعهم وتحسن من مواقفهم القانونية, فمن حكم عليه بعقوبة سالبة للحرية لجريمة معينة ثم صدرت قوانين لا تجرم هذه الافعال أو تخفف من وصف الجريمة من جناية الي جنحة فإن المحكوم عليهم في ضوء الوصف الأول ولا يزالون في محابسهم أو لا تزال دعواهم لم يصدر فيها بعد احكام باتة فإنهم يستفيدون من التعديلات الجديدة. اما وقد استفتي الشعب علي اعلان دستوري, عارضه من لهم ثقافة قانونية, وأيده من لهم أجندات خفية, وسار معهم اصحاب النيات الحسنة, واستعجال الامر قناعة منهم أن تأجيل الانتخابات سيؤثر اقتصاديا علي احوال البلد, وثبت عكس ما خافوا منه حتي اعترضت بعض الفصائل بانهم أخطأوا في حق مصر والمصريين بموافقتهم علي الاستفتاء الدستوري الذي جاء في مواد محدودة لا تتعدي عدد اصابع اليدين, إذ جاء الإعلان بمواد فاقت أضعاف عدد أصابع الايدي والاقدام, حتي نادي المؤيدون انفسهم بضرورة تعديل المادة الثامنة والعشرين. ولما كان الحق يبقي دائما المرجع, حتي قيل الرجوع الي الحق فضيلة, والاصرار علي غيره عكس الفضائل وهادم لكل ما بني علي غير أساس, ولهذه الاسباب أري أن لدينا فرصة للتصحيح وهي عودة الي الحق بالدستور أولا أما من يري أن الوقت يداهمنا وتسليم السلطة له الأولوية, فإنني أحذر من تكرار الخطأ أو الإصرار عليه, ففي هذا مزيد من المماطلة واضاعة الوقت وتشتيت الجهود, علما بأن أغلبية التعديلات الدستورية قد تمت فعليا وتمت تنقية المواد الدستورية في صيغ متعددة, أهمها وثيقة الأزهر التي قبلتها كل الأطياف السياسية تقريبا وكذلك الصيغ الدستورية التي عكف عليها مؤتمر الوفاق القومي الذي قضي أياما بل وأسابيع في مقترحات التعديل والإضافة والحذف وشارك فيها ممثلون لكل أطياف الشعب لأكثر من خمسمائة مفكر وقانوني رجالا ونساء, شيوخا وشبانا الأمر الذي يسهل مهمة اللجنة التأسيسية إذا ما اتفق علي تسميتها دون تعقيدات وشطحات تعيدنا الي مزيد من الاطالة والمخالفات الدستورية. ليتنا نعود الي الحق من أجل مصر وشعبها الذي هو المصدر الحقيقي للدستور. المزيد من مقالات د. القس صفوت البياضى