بكل أسف تأخر القرار الذي اتخذه المجلس الأعلي للقوات المسلحة بفرض حظر التجول في منطقة العباسية لمنع الاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع, ونرجو أن يبادر المجلس إلي فرض حظر مماثل علي ميدان التحرير لمنع الاعتصام هناك. فإذا كان التظاهر حقا من حقوق التعبير. عن الرأي بضوابط وشروط, فإن الاعتصام ليس من بين هذه الحقوق ولايوجد قانون يسمح به لآنه يعطل سير الحياه اليومية ويجعل الحياة جحيما لايطاق ويميت الاقتصاد بالسكتة القلبية. وأرجو أن يتم التشدد في فرض حظر التجول بدون أي تجاوز, وحتي لايحدث تسيب مثلما حدث في المرات السابقة. (1) أخطأ المجلس الأعلي للقوات المسلحة بوصفه صاحب سلطة السيادة في البلاد, أولا عندما تهاون مع سلسلة الإعتصامات التي قام بها في البداية أنصار الشيخ حازم أبواسماعيل داخل مجلس الدولة وأمامه لتهديد وترويع القضاة مما ترتب عليه إرباك المرور في القاهرة الكبري عموما والجيزة خصوصا لمدة ثلاثة أيام. وثانيا عندما سمح لهم بالاعتصام أمام لجنة الانتخابات الرئاسية بمصر الجديدة, فأربكت الحياة هناك وفي مدينة نصر. وجاءت الثالثة عندما غض النظر عن اعتصامهم أمام مقر وزارة الدفاع بالعباسية فتوقفت الحياة بالقاهرة الكبري. الأسوأ من هذا كله أن من يعتقدون أنهم ثوار أعطوا نفسهم حق الإعتصام في أي مكان, مثل ميدان التحرير وأمام مجلس الوزراء وعند مبني البرلمان وحول السفارات, وصاروا يقطعون خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة حول المدن ويحاصرون المواني فيصيبون الحياة بشلل كامل. أين هي الدولة التي تسمح بمثل هذا الخروج علي القانون وتحدي سلطته بحجة الثورة والمطالب الفئوية والاحتجاجات والمزاعم تحت أي بند كان. (2) الحقيقة المؤسفة الآن أن تغييب سلطة القانون في الداخل أصبحت له عواقب وخيمة علي حياة الناس داخل مصرفتوقف ألف وخمسمائة مصنع عن العمل وعلي علاقاتنا بالشقيقة' السعودية' وب' اسرائيل'. ولم يكن من المتصور أن يغض المجلس نظره عن الفوضي حتي تصل الأمور إلي هذه الدرجة من العبث وكان المفروض أن يبكر باتخاذ هذه الإجراءات التي نؤكد مرة أخري علي ضرورة الحسم وعدم التساهل في تنفيذها. فالمواطن مثلا أصبح يركب القطار الذاهب إلي أسوان أو القادم منها وهو لايعرف متي سيصل وهل سيكون هناك من يقطعون علي قطاره الطريق فيتعطل يوما أو أياما. وذات الشئ ينطبق علي السفر بين المدن في أنحاء البلاد فما أكثر المرات التي تم فيها قطع الطرق بين القاهرة والأسكندربة أو القاهرة والسويس.. إلخ فضلا عما يحدث داخل المدن نفسها نتيجة هذه الإعتصامات. فقد أصبحنا في وضع يكفي فيه أن يغضب مواطن لأنه لم يجد بائع الفول في مكانه لأن يقطع الطريق, أو تكتشف السلطات أن والدي يحمل الجنسية البريطانية أو الفرنسية لكي استدعي أهالي بلدتي للإعتصام في أي مكان, وهكذا أصبحت الحياه جحيم لايطاق. من قال أن تلك هي تصرفات الثوار فالثوار أسقطوا مبارك وكان يجب أن ننصرف بعد ذلك إلي العمل لكننا أقبلنا علي التهريج. (3) عندما قامت حركة احتلال' وول ستريت' منذ أشهر قليلة, احتل الشباب في مدن كثيرة حول العالم العديد من الميادين والمواقع المهمة وترتب علي ذلك أن تعرضت الحياة العادية للناس المقيمين في المناطق المتاخمة لتجمعات هؤلاء الشباب للضرر, وزادت الأعباء التي يتحملها رجال الأمن نتيجة وجود هذه الأعداد الكبيرة في الشوارع طوال الوقت, فضلا عن الضوضاء والقذارة, عندها جري فض هذه الإعتصامات بقوة سواء في نيويورك وسياتل أو لندن وباريس وبرلين.. إلخ. مع الحرص علي عدم سقوط قتلي. الإعتصام إذن ليس حقا من حقوق التعبير مثل التظاهر أو الإضراب, فحتي المهاتما غاندي أبو حركة العصيان المدني لم يلجأ أبدا للإعتصام, وكذلك فعل مارتن لوثر كينج أبو حركة الحقوق المدنية للأمريكيين السود فهو لم يلجأ مطلقا للإعتصام. الإعتصام كما هو في مصر الآن السبب الظاهر لإنهيار الدولة ودليل علي غياب كامل لسلطة القانون. وقد أصبحنا حاليا شعب لايحترم القانون بكل أسف, وصار كل انسان فينا يفعل مايحلو له, ولايمكن لهذا أن يكون ثورة. نطالب المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالمبادرة بأن يعتمد منذ الآن سياسة مؤداها فرض حظر للتجول علي أي منطقة فيها اعتصام سواء كانتشركة أو مصنع أو مبني إداري أو حالات قطع طرق أو خطوط سكة حديد أو أمام سفارة, بهدف القبض علي المعتصمين بتهمة تكدير السلم العام وعرقلة الحياة اليومية وإحالتهم للجنايات, بهذا فقط يمكن أن يعود للقانون بعض هيبته التي ضاعت. ونرجو من المواطنين أن يعرفوأ ان الثورة تعني الجد والإجتهاد وليس البلطجة والصياح والتعرض للناس بالباطل. المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن