رغم تفوقها فى دراستها بكلية الإعلام، واتخاذها من الثقافة سلاحاً لتحقيق حلمها فى العمل كمذيعة، رفضت الإذاعة المصرية الاعتراف بها رغم اجتيازها الاختبارات بتفوق جعل ترتيبها الأولى على جميع المتقدمين، فى مخالفة صريحة لما نص عليه الدستور المصرى وأيدته كل الاتفاقيات الدولية والعربية التى وقعت عليها مصر بأن العمل حق أصيل من حقوق ذوى الإعاقة تدعيماً للمساواة بين الناس والمعيار الوحيد فى الاختيار هو الكفاءة فقط .. هذا الحق سلب من نهى مختار التى نعرض قصتها فى السطور التالية. تقول نهي: تميزت بالتفوق الدراسى منذ صغرى وبرز ذلك بصورة أكبر عندما انتقلت إلى مدرسة النور والأمل للمكفوفين بعد إصابتى بانفصال فى الشبكية وضمور فى العصب البصري, وقتها كنت فى الصف الخامس الإبتدائي, وأيضا ظهر حبى للإذاعة المدرسية، وكنت المسئولة عن نشاط جماعة الإذاعة والصحافة بالمدرسة، وأستمر بى الحال على نفس التفوق والتميز الدراسى حتى حصلت على الشهادة الإعدادية وكنت الأولى على الجمهورية, واحتلت الأنشطة مكانا متميزا فى حياتي، فقد شاركت لفترة فى فريق أوركسترا النور والأمل، ثم تركته، ولكن استمر حبى للقراءة، فكل ما يقع تحت يدى مكتوب بطريقة برايل لا أتركه إلا بعد أن أنتهى من قراءته، كنت أقرأ فى السياسة والأدب خاصة لنجيب محفوظ والفلسفة لمصطفى محمود، كما كان للشعر نصيب من اهتماماتي، حيث أجيده قراءة وكتابه، وكنت أرى كل هذه الأنشطة بمنزلة الباب الخفى لتحقيق حلمى لأصبح مذيعة وشاء القدر أن أحصل على الثانوية العامة بترتيب الأولى على الجمهورية, وتم قبولى بكلية الإعلام. ماسبيرو بيتى الأول وتضيف: عندما التحقت بكلية الإعلام شعرت بأننى على بعد خطوات من تحقيق حلمى فى العمل كمذيعة، لذا ذاكرت بجدية وأجتهدت حتى تخرجت فى قسم الإذاعة دفعة 2000، وفى أثناء فترة الدراسة كنت أذهب إلى مبنى ماسبيرو كثيرا لأتدرب هناك واستمر الحال بعد التخرج حتى حدثت ألفة بينى وبين المكان، وأصبحت أشعر وكأنه بيتى الأول، وتمنيت العمل به، وفى عام 2002علمت بنشر إعلان عام عن حاجة ماسبيرو إلى مذيعين ومراسلين، فتقدمت لإجراء الاختبارات ونجحت بالفعل، ولكن تم استبعادى لكونى كفيفة، وعندما طالبت بحقى فى العمل كمذيعة أخبرنى المسئولون باستحالة ذلك وأنه من الممكن أن أعمل محررة بدلا من مذيعة ولأنى كنت فى بداية حياتي، وأتمنى أن أبدأ حياتى العملية والمهنية وافقت على العمل محررة فى الشئون السياسية بالإدارة المركزية للأخبار المسموعة فى قطاع الأخبار منذ 2003حتى الأن، وأمارس هذة المهمة بنجاح يشهد به الجميع. الحلم يتجدد وتكمل: منذ عام وجدت إعلانا داخليا عن حاجة محطة راديو مصر لمذيعين، فتقدمت للاختبارات، وحدث تجاوب مذهل بينى وبين اللجنة التى تشكلت من كبار الإعلاميين وعبروا جميعهم عن أدائى المتميز لذلك بعد انتهاء الاختبارات قالوا لى إنهم فخورون بى وقدموا لى التحية واخبرونى بنجاحى فى المسابقة، ومرت الشهور ولم يتم إعلان أسماء الفائزين حتى منتصف أكتوبر الماضي، وتلقيت اتصالا تليفونيا من أحد الزملاء بفوزى فى مسابقة راديو مصر، فاندهشت لعدم إخطارى رسميا فذهبت بنفسى لأستطلع الأمر، فعلمت أنه تم اختيار ثلاثة من بين مائة شخص تقدموا لهذه المسابقة وأنى الأولى على الفائزين، ولكن رئيسة المحطة رفضت عملى مذيعة لأننى كفيفة، فذهبت إليها وحاولت إقناعها، ولكن لم تفلح محاولتي، فتقدممت بتظلم لرئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، فقام بتحويل مذكرتى إلى رئيس قطاع الأخبار التى أرسلتها إلى رئيسة المحطة، وظل الوضع كما هو دون جديد، مما جعلنى أتقدم بشكوى إلى النيابة الإدارية ولجنة فض المنازعات، وأصدرت اللجنة قرارا بإلغاء قرار رئيسة المحطة الصادر بشأن تعطيل عملى كمقدمة برامج وتعويضى ماديا ومعنوياً لما أصابنى من أضرار وحتى الأن لم يتم تنفيذ هذا القرار. . التهميش المرتقب وتوضح نهي: الغريب أننى عند حدوث هذه المشكلة طرقت باب رئيس قطاع الأخبار أكثر من مرة، ولم أجد مجيبا حتى فوجئت الأسبوع الماضى باستدعائى إلى مكتبها فى وجود رئيسة محطة راديو مصر ورئيس الأخبار المسموعة رئيسى المباشر فى العمل، وكان أول شئ حدث هو رفض دخول مرافقتى معى إلى اللقاء، وعندما دخلت كان مجرى الحوار كله أننى إذا قمت برفع دعوة قضائية وحصلت على حكم قضائى يمكننى من العمل كمقدمة برامج سوف أواجه ضغوطا شديدة منها التهميش وعدم إسناد أى برامج لى لأننى كفيفة، وبالتالى لست جديرة بهذه المهمة، وحاولت إقناعهم بأننى أستطيع العمل كمذيعة وتلقى التعليمات من حجرة التحكم من خلال سماعة أذن وقراءة المعلومات من خلال لاب توب أو أى فون به برنامج برايل لأن التكنولوجيا حلت كل المشاكل وجعلت أى شخص مهما تكن إعاقته ينجز ولم يقتنع أحد بكلامي. الإعاقات خارجية وفى النهاية تقول: بعد هذا اللقاء زاد إصرارى على تمسكى بحقى وحلمى الذى سهرت وذاكرت وتفوقت من أجل لحظة دخولى الأستوديو كمذيعة، وهذا أبسط حقوقى كإنسانة, لذا أتوجه بالنداء إلى رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى الذى قال إن 2016هى عام الشباب وكرم أبطال من ذوى الإعاقة لإنجازاتهم المتعددة فى كل المجالات، فكيف يتبنى هذا الفكر بينما باقى الدولة تنهتج النقيض؟ أيضا أتوجه بالسؤال إلى واضعى الدستور حيث تقر المادة 53 على عدم التفريق بين المواطنين طبقا للدين أو الإعاقة وأن المعيار الوحيد هو الكفاءة أين هذه المادة على أرض الواقع؟ أيضا المجلس القومى لشئون الإعاقة الذى أنشئ بقرار من الدولة هل يمكنه انصافى وحصولى على حقي؟ وتختتم نهى حديثها قائلة: ذوو الإعاقة عندما ينجحون فى التغلب على إعاقاتهم يصطدمون بالإعاقات الخارجية التى يواجهونها فى المجتمع بسبب بعض الناس الذين ينكرون حقوقهم، ورغم ذلك لن أتنازل عن حقى لأنه لا يضيع حق ورائه مطالب.