رئيس جامعة كفر الشيخ يستقبل وفد إدارة جائزة التميز الحكومي    طرابلس.. تأسيس الهيئة العليا للرئاسات لتوحيد القرار الوطني الليبي    القناة 14 الإسرائيلية: جلسة الكابينت ناقشت ملف لبنان وتكثيف الضربات    أول رد من الإعلامية ياسمين الخطيب بعد إيقافها عن الظهور الإعلامي 3 أشهر    خبير دولي: قرار الأمم المتحدة انتصار رمزي للقضية الفلسطينية ويعكس الدعم المصري التاريخي    تطورات إصابة حسين الشحات في الأهلي    إحالة 4 أشخاص للمحاكمة بتهمة خطف شاب وابتزازه لسرقته    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن رسميا انطلاق التصويت بالخارج من دولة نيوزيلندا    المصري يبدأ معسكره بالقاهرة استعدادا لمواجهة كايزر شيفز (صور)    احمد بنداري: مؤتمران أيام تصويت المصريين بالخارج ومؤتمر يومي تصويت الداخل    ثلث القيمة يختفى فى أسابيع |انهيار قياسى للعملات المشفرة    حقيقة إلغاء انتخابات مجلس النواب وتأجيلها عام كامل؟.. مصطفى بكري يكشف الحقائق    حنان الصاوي تكتب : دورة عاشرة بروح عالمية.. مهرجان شرم الشيخ الدولي يزهر المسرح في سيناء    هل تؤثر عدم زيارة المدينة على صحة العمرة؟ أمين الفتوى يُجيب(فيديو)    هل يوجد عذاب للقبر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    طبقا للطب الصينى.. تمارين ينصح بها للشعور بالدفء    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    مساعد وزير الخارجية يشيد ببرامج الاتحاد الأفريقي لإعادة إعمار الدول الخارجة من النزاعات    أول رد من عائلة محمد فوزي على إدعاء كريم الحو في «The Voice» | شاهد    سانوفي تطلق دواء "ساركليزا" في مصر لتمنح مرضى سرطان المايلوما المتعددة أملًا جديدًا في العلاج    محافظ الفيوم يوجه بسرعة رفع مخلفات الطبقة الأسفلتية القديمة بشارع عدلي يكن لتيسير الحركة المرورية    «سمات روايات الأطفال.. مؤتمر مركز بحوث أدب الطفل تناقش آفاق فهم البنية السردية وصور الفقد والبطل والفتاة في أدب اليافع    أشرف صبحي يلتقي رئيس مكتب دوري كرة السلة الأمريكي NBA بمصر    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل غدا الجمعة    الداخلية تضبط صاحب فيديو «عصا البلطجة» بالجيزة    يونيفيل: استقرار هش على طول الخط الأزرق ونسير دوريات مع الجيش اللبناني    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    فقرة بدنية في مران الزمالك قبل مواجهة زيسكو    جينارو جاتوزو: منتخب إيطاليا لا يزال هشا    الوكيل: تركيب وعاء أول مفاعل نووي ينقل مشروع الضبعة من مرحلة الإنشاءات إلى التركيبات    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    اسعار الأسمنت اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    والده ل في الجول: أشرف داري لا يفكر في الرحيل عن الأهلي    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    جامعة بنها تحافظ على مكانتها ضمن أفضل الجامعات عالميًا في تصنيف التايمز للتخصصات البينية 2026    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    نائب وزير الخارجية يجدد دعوة أبناء مصر بالخارج للتوجه إلى صناديق الاقتراع    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    سبورت بيلد: صلاح هو المشكلة الأكبر أمام تألق فيرتز في ليفربول    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل «القرن الحادى والعشرين»
جواب عن سؤال: ما الحقيقة؟ (111)
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 02 - 2016

عنوان هذا المقال به تعديل جزئى لمقال كان قد نشره الفيلسوف العظيم كانط فى عام 1784 فى مجلة شهرية فى برلين، وكان عنوانه «جواب عن سؤال: ما التنوير؟» وأنا هنا أكتب لفظ «الحقيقة» بديلاً عن لفظ «التنوير».والسؤال إذن: لماذا هذا البديل؟
بسبب الفارق بين هموم القرن الثامن عشر وهموم القرن الواحد والعشرين. فى القرن الثامن عشر كانت الهموم متمركزة حول تحرير العقل من كل سلطة ما عدا سلطة العقل. وقد تمثل هذا التحرير عند كانط فى الشعار الذى صكه للتنوير وهو «كن جريئاً فى إعمال عقلك». وكانت الجرأة عنده تعنى إقصاء الحراس المكلفين بإخضاع بنى البشر للسمع والطاعة سواء كان هؤلاء الحراس من المؤسسة الدينية أو من أى مؤسسة من المؤسسات التى كانت تغط فى السُبات الدوجماطيقى، أى فى النوم الذى يسببه المعتقد المطلق. وفى هذا السياق ألَف كانط أربعة كتب: انقد العقل الخالصبو «نقد العقل العملى» و«صراع الملكاتب» «الدين فى حدود العقل وحده». وفى هذا السياق أيضا صدرت مؤلفات لفلاسفة التنوير فى فرنسا. وإثر ذلك حدثت الثورة الفرنسية ثم الثورة الأمريكية.
أما فى القرن الواحد والعشرين فقد شاعت الأصوليات الدينية فى أديان كوكب الأرض، وتميزت بأن كل واحدة منها تزعم أنها تملك الحقيقة المطلقة. وحيث إن الحقيقة المطلقة واحدة فقد نشب صدام دموى بين قيادات هذه الحقائق المطلقة. إلا أن هذا الصدام الدموى لم يقف عند حد هذه القيادات بل تعداه إلى كيانات الدول وهويات الشعوب. وقد قيل عن هذا النوع من الصدام إنه ارهاب. ومن هنا صككت هذه العبارة «الارهاب أعلى مراحل الأصوليات الدينية». فإذا أردت أن تقضى على الارهاب فعليك القضاء على هذه الأصوليات. والسؤال اذن: كيف نقضى عليها؟
إذا كانت الأصولية الدينية تزعم أنها تملك الحقيقة المطلقة فالسؤال اذن: هل فى الامكان امتلاك الحقيقة المطلقة؟ وأجيب بسؤال: هل ثمة حقيقة مطلقة؟ والمفارقة هنا أن هذا السؤال مثار الآن فى الدوائر الثقافية والدينية الغربية وليس مثاراً فى أى من الدوائر العربية والاسلامية بل المثار فيها إدانة التطرف الدينى ويقصد به فى نهاية المطاف الخروج على الاجماع وعلى السمع والطاعة، أى الخروج على السلطة الدينية، ومن هنا تُجهض أى دعوة يقال عنها إنها تجديد للخطاب الدينى أو إنها ثورة دينية أو إنها ثورة فكرية. ومن هنا أيضا يشيع الارهاب ويتحكم ولا يقف عند حد الدول العربية والاسلامية إنما يتعداه إلى الدول الأوروبية والأمريكية والأفروآسيوية.
وإذا كان ذلك كذلك فالسؤال عما إذا كانت ثمة حقيقية مطلقة جدير بأن يكون مُلزما لدول وشعوب كوكب الأرض. وتطور الحضارة يشهد على عجز العقل عن امتلاك الحقيقة المطلقة. فما كان حقيقة بالأمس يصبح لا حقيقة فى الغد. إلا أن هذه الشهادة لم تسلم من الادانة والمطاردة. أمثل لما أقول بما حدث فى الماضى. فى القرن الخامس قبل الميلاد نشر بروتاغوراس كتاباً سماه «الحقيقة» وصلت إلينا منه شذرات. منها شذرة تقول أن «الانسان مقياس الأشياء جميعا»ً بمعنى أن «الأشياء هى بالنسبة إلىَ على ما تبدو لى، وهى بالنسبة إليك على ما تبدو لك وأنت انسان وأنا انسان». ورتب على هذه العبارة عبارة أخرى «لا أستطيع أن أعلم إن كان الآلهة موجودين أم غير موجودين» فاتهم بالالحاد وحكم عليه بالاعدام وأحرقت كتبه ففر هارباً ومات غرقاً. وفى القرن السادس عشر أعلن كوبرنيكوس نظريته القائلة بدوران الأرض حول الشمس فى كتابه المعنون «عن حركات الأفلاك» فصودر الكتاب من قبل السلطة الدينية. وعندما أيد جليليو النظرية أعلن ديوان الفهرست وهو الديوان المكلف بمراقبة الكتب أن جليليو قد خرج على الدين لقوله بنظرية منافية للكتاب المقدس. وفى القرن التاسع عشر دعت الأصولية المسيحية إلى تجريم تدريس نظرية التطور فى المدارس والجامعات فى أمريكا.
الرعب اذن ملازم لأى نظرية علمية تتوهم السلطة الدينية أنها تهز المعتقد، أى تهز حقيقة مطلقة. وإذا كان ذلك كذلك فنحن اذن فى مأزق وهو على النحو الآتى: إما تطور العلم مع عدم الالتزام بالحقيقة المطلقة، أو الالتزام بالحقيقة المطلقة مع منع العلم من التطور. ومعنى ذلك أن الخروج من المأزق يستلزم التضحية بأى منهما. وقد تمت التضحية بالحقيقة المطلقة، بل بالحقيقة ذاتها. والسؤال اذن كيف حدث ذلك؟
بفضل شعار التنوير ذاته على نحو ما ارتآه كانط: «كن جريئاً فى إعمال عقلك». الجرأة تعنى عدم التهور، وذلك بعدم الخروج على حدود العقل. وحدود العقل محكومة بعدم قنص المطلق، ولكنها محكومة أيضاً بمحاولة قنصه دون قنصه. وإذا كان المطلق مرتبطاً بالحقيقة فالمطلوب اذن فك الارتباط بين المطلق والحقيقة. والبديل ماذا يكون؟ ارتباط العقل بالمعرفة وليس بالحقيقة. وفى هذا السياق أسست علماً جديداً اسمه «ثلاثية العلم»، أى الفلسفة والفيزياء والسياسة، الفلسفة فيه هى الوحدة الكلية للمعرفة وتتأسس على الفيزياء والسياسة. السياسة تُرد إليها العلوم الانسانية، والفيزياء ترد إليها العلوم الطبيعية. وهذه الثلاثية قابلة للتطور بعيداً عن حراس الحقيقة المطلقة الذين لا يعنيهم سوى المحافظة عليها، والمحافظة هنا ممكنة بلا رعب لأن العلم الجديد لا يعنيه سوى المعرفة فى تطورها من أجل تغيير الواقع والتقدم بلا حدود. وفى هذا السياق تدخل المعرفة كعامل رابع لعوامل الانتاج الثلاثة: المال والأرض والعمل. وكانت مقدمات هذه الثلاثية فى المؤتمر الفلسفى الدولى الثالث الذى عقدته فى القاهرة فى عام 1980.
لمزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.