انطلاق التصويت في ثاني أيام المرحلة الثانية من انتخابات النواب بالخارج    أسعار الأسماك اليوم 22 نوفمبر.. «البلطي» يبدأ من 57 جنيها للكيلو    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 22 نوفمبر    شعبة مواد البناء: انخفاض الحديد 4 آلاف جنيه بسبب الركود.. وبعض المصانع تعمل ب 30% من طاقتها    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 22 نوفمبر 2025    خلال 5 أيام، التفتيش على 1273 منشأة بجميع المحافظات وتحرير 439 محضر حد أدنى للأجور    مادورو يواجه تهديدات ترامب ب"الرومبا" ويدعو الفنزويليين للرقص (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    ارتفاع تدريجي في الحرارة وأجواء خريفية مستقرة اليوم السبت 22 نوفمبر2025 فى المنيا    إصابة 28 عاملا فى حادث انقلاب سيارة ربع نقل بمركز سمسطا جنوب بنى سويف    تفاصيل ثانى جلسات محاكمة رمضان صبحى و3 آخرين فى قضية التزوير.. فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 فى المنيا    منافسات قوية في دوري المدارس    ليفربول في ورطة.. عقد صلاح يقترب من نهايته والعروض السعودية تضغط بقوة!    اليوم.. محاكمة 6 متهمين بقضية "خلية مصر الجديدة"    دميترييف: خطة واشنطن للسلام تهدف لوقف خسائر أوكرانيا    تخفي وراءها أمراضا قاتلة، خبراء أعصاب يحذرون من مخاطر نوبات الضحك غير الطبيعية    دافع عن خطيبته من متحرش.. فشوه المتهم وجهه وجسده بساطور    تعريفة ثابتة ولون موحد للمركبات البديلة للتوك توك قريبًا.. تفاصيل    حين صدحت مصر بصوتها.. حكاية «دولة التلاوة» كما رواها الناس    فرنسا لمواطنيها: جهزوا الطعام والماء لحرب محتملة مع روسيا    عمرو أديب: هو إحنا مانعرفش نعمل انتخابات بما يرضى الله.. اجعلوها شريفة عفيفة    سارة الشامي بفستان كلاسيكي أنيق في ختام مهرجان القاهرة السينمائي    الكشف الطبي على 5 أطفال في واقعة التعدي عليهم داخل مدرسة دولية بالسلام    الاتحاد الأوروبى يدعو طرفى القتال فى السودان لاستئناف المفاوضات    ضباب وشبورة كثيفة.. «الأرصاد» تحذر من الساعات المقبلة    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    أسعار الدواجن والكتاكيت والبيض في السوق المصرية    بعد تصديق الرئيس.. تعديلات قانون الإجراءات الجنائية نقلة حقيقية في ملف حقوق الإنسان    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    بيسكوف: مستوى اتصالات التسوية بين موسكو وواشنطن لم يحدد بعد    برنامج «دولة التلاوة» يعيد لمة العيلة المصرية على شاشة واحدة    حدد الموعد، رئيس الاتحاد الفرنسي يتحدث عن اقتراب زيدان لتدريب منتخب الديوك    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    صافي الأرباح يقفز 33%| بنك البركة – مصر يثبت قوته المالية    شيكو بانزا يوضح سبب تأخر عودته للزمالك    مداهمة مفاجئة تكشف الإهمال.. جمعية زراعية مغلقة وقرارات حاسمة من وكيل الوزارة    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    صلاح بيصار ل العاشرة: أحمد مرسي علامة كبرى في الفن والأدب السريالي    محلل أداء الأهلى السابق: الفريق استقبل أهدافا كثيرة بسبب طريقة لعب ريبيرو    مسئول إسرائيلى: سنحصل على الشرعية لنزع سلاح حماس إذا لم ينجح الأمريكيون    أحمد حسن يكشف أسباب عدم ضم حجازى والسعيد للمنتخب الثانى بكأس العرب    محمد أبو سعدة ل العاشرة: تجميل الطريق الدائري يرتقى بجودة حياة السكان    11727 مستفيدًا في أسبوع سلامة الدواء بالمنوفية    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    نصر عبده: إعادة الانتخابات تصحح الصورة الدولية.. ومصر تأتي ببرلمان يريده الشعب    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل « القرن الحادى والعشرين» (37) العقل والإرهاب
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 08 - 2014

فى بداية هذا القرن دخلت «الجمعية الدولية لابن رشد والتنوير» التى أَشرف برئاستها فى علاقة مع مؤسستين دوليتين: الأولى هى «مركز زايد العالمى للتنسيق والمتابعة» بأبو ظبى والملحق بجامعة الدول العربية، والثانية هى «لجنة التعاون الدولي» بالجمعية الفلسفية الأمريكية لعقد ندوات مشتركة بدايتها عام 2003.
كانت الندوة الأولى مع مركز زايد فى يوليو 2003 تحت عنوان «العقل والارهاب» وجاءت كلمتى الافتتاحية على النحو الآتي:
فى تقديرى أن هذه الندوة يمكن أن يقال عنها إنها ندوة تاريخية لثلاثة أسباب: السبب الأول أنها تتناول ظاهرة كوكبية مهددة للحضارة الانسانية. والسبب الثانى أننى عاصرت بداية الارهاب فى حادثة لها دلالتها التاريخية. وترجع هذه الحادثة إلى 16 مارس 1978 حيث كان المؤتمر الدولى الفلسفى الأول للجمعية الفلسفية الافروآسيويةالتى كنت أشرف برئاستها. وفى ذلك اليوم أعلن المذياع أن ألدو مورو زعيم الحزب الديمقراطى المسيحى قد وُجد مقتولاً وأن أندريوتى رئيس وزراء ايطاليا فى ذلك الوقت قد اعترف بأن بلاده تواجه ارهاباً يهدد بتغيير الصورة الديمقراطية لإيطاليا. والسبب الثالث أنها تعقد فى مركز زايد وهو إحدى مؤسسات جامعة الدول العربية. ومنذ ذلك اليوم والنشاط الإرهابى فى تصاعد على المسرح الدولي. ومن الأسباب التى أدت إلى تسريع هذا التصاعد هو التقدم التكنولوجى لأسلحة الدمار الشامل.
وفى تقديرى ثانياً أن تدمير مركز التجارة العالمى بنيويورك فى 11/9 هو أعلى مراحل الارهاب. وقد صاحبت هذا التدمير تأويلات عديدة من أجل المساهمة فى الكشف عن جذور الارهاب.
وفى تقديرى ثالثاً أن الغاية من عقد هذه الندوة التاريخية بما تضمه من قمم الفكر والثقافة من مختلف البلدان هى القاء الضوء على هذه الجذور. وعنوان الندوة ز الارهاب والعقلس يدل على أن من الجذور الهامة إن لم يكن من أهمها هو ما قد أصاب العقل الإنسانى من تغير فى بنيته الذهنية بحيث أصبح أداة لتدمير الحضارة الانسانية بدلاً من أن يكون أداة لتطويرها. ولهذا فأنا أظن أن السؤال المتوقع أن يكون سؤالاً محورياً هو على النحو الآتي: ما هى البنية الذهنية للإرهاب؟ وبسبب هذا السؤال كان عنوان بحثى «ابستمولوجيا الارهاب». ولفظ ابستمولوجيا هو لفظ يونانى معناه نظرية المعرفة وغايتها بيان طبيعة المعرفة ومصدرها وحدودها. وفى إطار هذه الغاية برزت أهم مسألة فلسفية وهى العلاقة بين المعرفة والحقيقة. ولكن مع الفيلسوف الألمانى العظيم كانط فى القرن الثامن عشر برزت مسألة أخرى مختلفة وأعنى بها العلاقة بين المعرفة والمطلق. وكان كانط هو أول مَنْ أدخل مفهوم المطلق فى مجال الابستمولوجيا وذلك فى مفتتح تصديره للطبعة الأولى لكتابه «نقد العقل الخالص».
( 1781). يقول: إن العقل له خاصية متميزة وهو أنه مضطر إلى مواجهة مسائل ليس فى امكانه تجاهلها، وهى مسائل مفروضة عليه بحكم طبيعته ولكنه عاجز عن الاجابة عنها. وهذه المسائل التى ليس لها أجوبة إنما تدور حول مفهوم المطلق سواء كان هذا المطلق دولة أو الهاً. وفى رأى كانط أن تاريخ الفلسفة ليس إلا قصة هذا العجز. ومع ذلك فإن كانط يميز بين حالتين: البحث عن قنص المطلق وقنص المطلق بالفعل. وإمكان قنص المطلق قائم منذ القدم ومازال قائماً حتى يومنا هذا. إلا أن تصورك أنك قد قنصت المطلق بطريقة مطلقة هو نوع من الوهم، وذلك لأن مجرد قنصك المطلق يحده، وبالتالى لن يكون مطلقاً، أى لن يكون حاوياً للكل.
وفى السبعينيات من القرن العشرين ساد مصطلح «الأصولية» وشاع، وهو يعنى أن الأصولى هو وحده القادر على قنص المطلق. وحيث إن المطلق بحكم طبيعته واحد لا يقبل التعدد فهو لن يسمح ببزوغ مطلق آخر أو عدة مطلقات، وإذا تجاسرت هذه المطلقات وأعلنت عن نفسها فالقضاء عليها أمر لازم. ومن هنا ينشأ صراع المطلقات أو الأصوليات، وهو صراع فى حده الأدنى التكفير وفى حده الأقصى الارهاب.
والسؤال اذن: ما الارهاب؟
جوابى أنه قتل جماهيرى موجه إلى جماهير. وفى هذه الحالة فإن الارهاب هو نوع من الفوضى. وإذا كانت الفوضى نوعاً من النتوء، وإذا أصبح الارهاب مع الوقت نسقاً مغلقاً فإن النتوء سيزداد إلى أن يصل النسق إلى أقصى حالات النتوء، وعندئذ تنهار الحضارة الانسانية. وهكذا يمكن تعريف الارهاب بأنه نتوء حضاري.
والسؤال بعد ذلك: كيف يمكن انقاذ الحضارة من نتوئها، أى من الارهاب؟ يمكن انقاذها بالتفرقة بين الحقيقة والمعرفة لأنك إذا التزمت مفهوم الحقيقة فأنت تقع بالضرورة فى الحقيقة المطلقة، إذ ليس ثمة حقيقة نسبية لأنها متغيرة، وما كان يقال عنه إنه حقيقة يقال عنه بعد ذلك إنه ليس حقيقة. الحقيقة اذن مطلقة بالضرورة، وبالتالى فإنها تؤدى بالضرورة إلى الارهاب. ومن هنا تم الفصل بين الحقيقة والمعرفة، ومن ثم فإننا نقول اليوم ز مجتمع المعرفةس وليس
«مجتمع الحقيقة». ومجتمع المعرفة وليس مجتمع الحقيقة هو القادر على تغيير الوضع القائم. وفى القرن السابع عشر قال الفيلسوف الإنجليزى بيكون إن «المعرفة قوة».
وإثر انتهاء الندوة صدر بيان يعلن فيه الفلاسفة المشاركون أن هذا أول مؤتمر دولى ينعقد لوضع اطار فلسفى يمكن من خلاله تعريف الارهاب ومدى قربه أو بعده من العقل الإنساني. وعلى الرغم من تباين الآراء إلا أن الاتجاه الذى ساد فى الأبحاث والمناقشات قد أوضح أن الارهاب ظاهرة كوكبية لا تخص ديناً معيناً أو دولة بعينها، وأنه فى هذه المرحلة من مراحل تقدم الحضارة الانسانية يحاول أن يحقق غايته وهى تدمير الحضارة الانسانية. ومن هنا ركز البيان على ضرورة إعمال العقل فى نقد الارهاب بل على ضرورة التربية النقدية بوجه عام بحيث يمتنع الارهاب عن النمو حتى ينقرض، وبالتالى يمكن تأسيس السلام.
هذا عن الندوة الأولى فماذا عن الندوة الثانية؟
لمزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.