يعتبر محصول البطاطس مصدرا أساسيا للإنتاج والدخل لكثير من الفلاحين لما لها من أهمية اقتصادية فى الأسواق المصرية والتصدير للخارج .. وقد فوجئ الفلاحون بقرية «طحلة» مركز بنها بضياع محصول البطاطس لديهم ، وهم يعتمدون على زراعتها ،حيث تشتهر قريتهم بها ، واكتشفوا أنهم زرعوا تقاوى مسرطنة اشتروها من الجمعية الزراعية، تسببت فى تدمير 600 فدان تقريباً، بعد أن أشتروا من الجمعية الزراعية 450 طنا من التقاوي، تبين أنها مصابة بمرض «العفن البني»، الذى يطلق عليه «سرطان التقاوي»، وحدثت نفس الواقعة لفلاحين بقريتى خلوة ريشة وكفر المنصورة بمركز طنطا تضرروا أيضا من بوار أراضيهم بسبب تقاوى البطاطس الفاسدة لإصابة أكثر من 80%من أراضيهم بسبب تقاوى البطاطس الفاسدة التى حصلوا عليها من التجار ، لأن معظم الأهالى يعملون بزراعتها، وفوجئوا فى هذا العام أن الأرض أصبحت بورا بعد مرور نحو 20 يومًا على الزراعة، ولم تنبت التقاوى. الدكتور خالد غانم أستاذ الزراعة العضوية والعلوم البيئية جامعة الأزهر , كشف عن أن التقاوى فى هذه الحالة مصابة بمرض «العفن البنى» وكانت المشكلة مع الإدارة الزراعية والتى شكلت لجنة اكتشفت أن الإصابة موجودة بنسبة تصل إلى أكثر من 80% من التقاوى فى قريتى طنطا ، نتج عنها ضياع رأس مالهم والتسبب فى خسائر فادحة تتجاوز 20 ألف جنيه للفدان الواحد بعد أن بلغ سعر طن التقاوى 10 آلاف جنيه، إصافة لثمن الحرث والتجهيزات بالأرض والإيجار تصل إلى 10 آلاف أخرى مما يعد خسارة كبيرة للفلاحين والكثير منهم عليه ديون ، وأن المسئولية والاتهامات تتجه إلى وزارة الزراعة وإدارة الحجر الزراعى والإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوي، بسبب سماحها بدخول تقاوى فاسدة، ومساعدة التجار على التلاعب بالفلاحين، وتحريك الأسعار ليصل سعرها أكثر من 10 آلاف جنيه، فى الوقت الذى يشتريها التاجر والشركة بمبلغ لا يتجاوز 5 آلاف جنيه بما يستدعى التدخل من جانب وزير الزراعة، ومحاسبة المقصرين والفاسدين، وصرف تعويضات مناسبة للفلاحين عن خسائرهم الفادحة، لأن إعادة زراعة هذه الأرض تحتاج معالجتها لمدة 7 سنوات، وبتجريف 60 سنتيمترا من التربة، التى تتطلب تجهيزا لسنوات قادمة وخسارة فادحة . سرطان التقاوي وآضاف أن مرض العفن البنى أو سرطان التقاوى ينتج عن بكتيريا تسمى (رالستونيا سولاناسيرم ) وهى تمضى فترة سكونها فى انسجة النباتات المصابة , أو بقاياها فى التربة, وتنتشر عن طريق التربة والدرنات , ويعتبر ماء الرى الملوث بهذه البكتيريا السبب الرئيسى فى انتشارها .وتنتقل البكتيريا من جذور النباتات المصابة الى النباتات السليمة المجاورة لها وتدخل نسيج النباتات عن طريق الجروح الناشئة عن الاصابات الحشرية أو النيماتودا أو العمليات الزراعية حتى تصل إلى أوعية الخشب , ثم باقى أجزاء النبات .لذاك فإن الأعراض تظهر عندما تصاب النباتات الصغيرة يحدث لها ذبول مفاجئ , أما النباتات الكبيرة فيحدث لها اصفرار للأوراق وتتقزم , ويلاحظ خطوط بنية فاتحة على السيقان تمتد تحت البشرة , وتتلون فى الاجهزة الناقلة فى الجذور والسيقان والاوراق باللون البنى وعند الضغط عليها يخرج سائل بنى , وبالنسبة للدرنات المصابة فتظهر الإفرازات البكتيرية عند الضغط على الدرنة أو عند تركها فى ظروف رطوبة مرتفعة كما يلاحظ وجود افرازات بكتيرية فى العيون للدرنات المصابة . وقال: إن هناك خطرين كبيرين عند تفشى مرض العفن البنى وضربة كاملة لمحصول البطاطس , الأول هو امتناع الدول المستوردة عن استيراده من تلك الدولة , خوفا من انتشاره لديها , وهذه خسارة اقتصادية فادحة , وحدث كثيرا أن رفض الاتحاد الاوروبى دخول شحنات بطاطس ملوثة بالعفن البنى من مصر ، وعلى سبيل المثال قبل شهرين اشتكت إحدى الدول الأوروبية من إحدى شحنات البطاطس المصدرة اليها من مصر , مما دفع وزير الزراعة إلى مفاجأة مشروع العفن البنى التابع للوزارة , وزيارته عدة مرات فى أيام متتالية للتأكد من كفاءة العمل.أما الخطر الثانى أنه عند إصابة الأرض بالعفن البنى غالبا لا يمكن زراعتها بالبطاطس فترة طويلة تصل إلى 7 سنوات , وفى بعض الأحيان يتم تبوير الأرض تماما لمدة عام مع التقليب المستمر , وذلك للإسراع فى تجفيف بقايا النباتات كى تموت البكتيريا ,وفى الحالتين خسائر اقتصادية للاقتصاد الوطنى وللفلاح المصرى . لذلك ينصح عند زراعة البطاطس اختيار الدرنات الخالية من الإصابة والمقاومة لمرض العفن البنى , ويجب غمرها فى احد المطهرات مثل محلول الفورمالهيد تركيز 10% لمدة 10 ثوان , وتطهير السكاكين المستعملة فى تقطيع درنات التقاوى للحد من انتشار المرض من درنة لأخرى , واتباع دورة زراعية سليمة تتجنب المحاصيل القابلة للإصابة , جمع أوراق وبقايا النباتات المصابة ومنع وصولها لمياه الرى ، كما يجب التخلص منها عبر الحرق , فضلا عن تحسين الرى والصرف . الإرشاد الزراعي ويرى الدكتور حاتم ابوعالية الباحث بمركز البحوث الزراعية أن هناك أهمية خاصة للاعتماد على دور قطاع الارشاد الزراعى فى مكافحة العفن البنى فى البطاطس وعقد ندوات توعية إرشادية فى المراكز الارشادية الموجودة فى القرى الام عن طريق مرشدين متخصصين فى الخضر بالتعاون مع أساتذة الجامعات والمراكز البحثية والاستعانة بالطرق والمعينات الارشادية التى تناسب غالبية مزارعى البطاطس من الاميين عن طريق الافلام السينمائية ومن خلال شاشات العرض الموجودة بهذه المراكز يشاهدون فيها المرض واسبابه وعلاجه باشراف وكيل مركز البحوث الزراعية للارشاد مع رئيس قطاع الارشاد الزراعى بالوزارة مع رئيس الادارة المركزية للارشاد ورئيس الادارة المركزية للبساتين فضلا الزيارات الحقلية للمزارعين، لكن انتشار هذا المرض بصورة كبيرة يرجع لعزوف الفلاحين عن الاستعانة بالارشاد الزراعى ووقوعهم فريسة لتجار السوق السوداء و(بئر السلم) فى حصولهم على تقاوى مغشوشة ومبيدات منتهية الصلاحية ، لكن الفلاح الذى يلتزم بتعليمات الارشاد الزراعى تصبح انتاجيته عالية جدا ولايقع اسيرا لهذا المرض المدمر لثروتنا الخضرية لأنه يؤثر على صادراتنا لجلب عملات اجنبية تحسن الاقتصاد القومي. أزمة طحلة من جهته أعلن المهندس طه نعيم وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية، أن «الشركة الهولندية المصدرة لتقاوى البطاطس التى أحدثت أزمة بقرية طحلة بمركز بنها أرسلت خبيرًا ألمانيا من الشركة لمعاينة الأرض، ورفع تقرير مفصل بحجم الخسائر وأسباب المشكلة».وأن الشركة المصدرة ألزمت نفسها بصرف تعويضات مناسبة لجميع المزارعين المتضررين بالقرية والقرى المجاورة لها، التزمت بتقديم تقاو بديلة. وأن وزارة الزراعة شكلت لجانا فنية من مركز البحوث الزراعية لم تكتشف توزيع تقاوى بطاطس فاسدة على المزارعين.وأن تلف زراعات البطاطس فى بعض المحافظات ترجع لأساليب خاطئة من المزارعين، فالمزارع يريد تقليل المستهلك من التقاوى خلال عملية الزراعة، وبدلًا من استهلاك 750 كيلوجراما من التقاوى للفدان الواحد يستخدمون 250 كيلو جراما فقط ، ويقوم بتقطيع حبة التقاوى إلى أكثر من جزء مما يتلف مراكز الإنبات فى الثمرة.، وأن المزارعين يقعون فى خطأ آخر، وهو عدم معالجة تقاوى البطاطس بالمبيدات الفطرية ونشرها فى الهواء قبل زراعتها .