ماليش كتير ف السياسة لكن بفكر.. وماليش كتير ف الكلام لكن باعبر.. من قلب مليان حماسة..و باقول كلام ف السياسة.. باحلم تملي بالسعادة والامان.. باحلم اعيش من غير ما اخاف غدر الزمان.. كلمات بسيطة صاغها المبدع الراحل صلاح جاهين تختصر المشهد في مصر ما بعد25 يناير. في المقاهي والبيوت, في الجامعات والمدارس, في الميادين والأسواق صارت السياسة منثورة بين أيدي العوام.. الكل يتحدث, يفلسف, يطلق الرؤي والنظريات. ظاهرة اعتبرها البعض صحية, من شأنها ان تخمد البراكين الحبيسة التي قد تثور في النفس. بينما ينظر إليها البعض الآخر شأن الحياة علي حافة الممنوع!.. خوفا من أن تزيد حالة الفوضي وعدم الاستقرار في البلاد. .................................................................. من جانبها, تري الدكتورة ليلي عبد المجيد, عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقا, أنها ظاهرة ايجابية جدا أن يهتم الناس بشئون البلاد. فمن خلال عملها بالجامعة, والمجلس القومي للمرأة, وجمعيات المجتمع المدني كانت هناك صدمة حقيقية من انصراف الناس عن المشاركة السياسية قبل25 يناير, خاصة الشباب والمرأة. حتي أن برلمان ما قبل الثورة وإن كان يتميز بمنح مقاعد للمرأة لكنه لم يعبر عن حقيقة مشاركتها. فجاءت25 يناير لتحقق تحولا جذريا وتجعل الشعب يهتم بالشأن العام. وهو حق وواجب لكل مواطن أن يتحدث في السياسة مادام أن المعلومات تستند إلي حقائق وليست شائعات. وهي مسئولية الإعلاميين باعتبارهم الوسيط بين المؤسسات والمواطنين, علي ألا تتطرق هذه المعلومات للحياة الخاصة والأمور الشخصية أو الأمن القومي. وهنا نطالب الدولة بإصدار قانون حرية تداول المعلومات حتي لا نتهم الإعلام بنشر الشائعات والأخبار الكاذبة. يوافقها في الرأي دكتور رمضان البسطويسي أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس كونها ظاهرة صحية جدا خاصة في فترة التحولات الاجتماعية والسياسية والنفسية بكل ما تتضمنه من تباين في الآراء واتجاهات فكرية مختلفة. لكنه يرجع تفشي الظاهرة نتيجة لعدم تيقن المواطن بعدم وجود تغييرات حقيقية قد حدثت بعد.. متأثرا كذلك بالشائعات المنتشرة حوله في منطقة ملتهبة تمر بزلزال كبير يهزها بعنف, وهو الأمر الذي لا يرتبط فقط بثورة25 يناير. جميع هذه التحولات تلقي في النهاية بظلالها علي المجتمع, ليصبح غير قادر علي اتخاذ موقف جمعي تجاه القضايا المطروحة.. فتصبح المواقف فردية بحثا عن الخلاص. ويسترسل: إن الفضفضة في السياسة تخرج ما في الذات ولا تتحول لشيء مكبوت في الصدر مسكوت عنه, وهو ما يحقق حالة مخاض للمجتمع, قد تستمر لأكثر من10 سنوات حتي يستقر ويسترد المواطن الثقة واليقين بأننا علي الطريق الصحيح. فنحن لم نصل بعد لصيغة محددة لحل مشكلات مثل مواجهة الفساد أو حل أزمة الجنيه.. كذلك هناك مشروعات اقتصادية لكن لم تتضح معالمها بعد... تزييف الوعي تشدد دكتورة ليلي علي أن الكلمة أمانة, والصحفي لابد ان يتحلي بالضمير الوطني والمهني الحي, قائلة: لقد تعلمنا من أستاذنا الكبير جلال الدين الحمامصي مراعاة المعايير الأخلاقية. ليس مهما نشر سبق صحفي بقدر أهمية التحري من دقة الخبر حتي لا نثير بلبلة لدي الرأي العام. غير ان25 يناير كشفت عورة اعلامنا حين صنع من أشخاص مجهولين نجوم مجتمع تحت مسمي نشطاء, واختلط الحابل بالنابل وتاهت الثورة بين مناضل حقيقي وآخر مرتزق. كما قدم لنا الإعلام خبراء ومحللين غير أهل للثقة دون أن يتحقق من خبراتهم التراكمية وشهاداتهم العلمية. وتضيف: ويظل أخطر ما يواجهنا هو تداول المعلومات من شبكات التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية المجهولة غير الموثوق بها. ومن المؤسف أن هناك اعلاميين ينقلون عنها الأخبار دون التأكد من صحتها. يحذر أيضا دكتور البسطويسي من مواقع التواصل الإجتماعي قائلا: إن الواقع الافتراضي يعيد صياغة الواقع بشكل مزيف لأنه يعمل علي تغييب الجسد والمكان وهما أساس الحياة. كل شخص يختار فيه مفرداته التي تتفق مع هواه دون أن يستمع إلي وجهة النظر الأخري. كما يري أن تزييف الواقع لا يستطيع صباغة الرأي العام بلون واحد, خاصة بعد ثورة كشفت عن وعي الجماهير. ويتعجب من تشويه بعض الإعلاميين للثورة, قائلا: إن مقدمات ثورة25 يناير لم تعد موجودة بنفس القوة التي كانت عليها. فاليوم أصبح لدينا نظام جديد, وتوفر لنا الأمان بنسبة كبيرة,.. حتي وإن بات هناك جانب مأساوي. فهي أمور لا تستدعي القلق من الثورة وتشويهها بقدر ما تتطلب ترتيب أولوياتنا بشكل صحيح في الفترة المقبلة. هناك حيوية في اللحظة الراهنة, لا تشبه الوضع النمطي في كوريا الشمالية مثلا, وعلينا أن نحسن استغلالها عند الشباب. موضحا أن الأصوات العالية التي تعبر عن الواقع مازالت تنتمي إلي مراحل عمرية تجاوزها الواقع, ولا تعبر عن الشباب. يبقي الكبار سنا هم من يحتكرون الكلام, وهم- مهما تكن خبراتهم- لن يستطيعوا بناء المستقبل القادم. لذلك أيا كان تصرف الشباب فهو تعبير عن وجود ألم عنيف داخلهم تجاه ما يحدث في الواقع الذي حلموا بصناعته بشكل أفضل. يجب ألا نقلق من عنفهم مادام أنه عنف رمزي ونوع من التعبير عن الرأي. لكنه حال تحول إلي إرهاب علينا التصدي له بكل سبل المقاومة. بينما تناشد دكتورة ليلي عبد المجيد المسئولين أن يهتموا بالتربية الإعلامية من المدارس لخلق أجيالا تنظر إلي ما تتلقاه عبر وسائل الإعلام بشكل نقدي, وليس بشكل مسلم به. علما بأن المواطن عليه مسئولية اعمال العقل خاصة في ظل تنوع المصادر, وهو الأمر الذي لم يكن موجودا في السابق. كذلك, تدعو مؤسسات التنشئة الاجتماعية إلي ضرورة إعادة النظر في تعليم الناس سياسة صحيحة وممارستها بشكل حر. شأن اتحادات الطلبة في الستينيات التي كانت تعد أجيالا ثورية اشتراكية, لا شك أن مجتمعنا اليوم بحاجة ملحة إلي رؤية مستقبلية أساسها الحرية في التفكير والنقد.. نقد أفعال المسئولين, وليس نقد المسئول نفسه والتطاول عليه.. لضمان مشاركة الجميع بشكل ايجابي وليس فوضويا.